من مشكلات النهج النسوي



كمال الدين
2013 / 9 / 19

محاولة جديدة للترفق بالألفاظ، في هذا البوست ستجد مجهودا ملحوظا في كتم الشتائم قدر المستطاع. لكن من جهة أخرى، قررت استخدام بعض الألفاظ النابية كما هي، للدلالة على معناها النزيه الذي سوف أقصده. وكالمعتاد، هذا البوست عن النسوية والنهج النسوي الذي طفح منه الكيل في كثير من الجوانب؛ ومنها الجوانب الناتجة عن الثقافة الذكورية، وفيها بعض المنافع للمرأة كعربة المترو المخصصة للنساء فقط. لن نذكر (غدير) هنا ولن نشير إلى ازدواجيتها التي تطفح ما بين مطالباتها بالنسوية الصرفة أو المساواة بين الجنسين من جهة الحقوق والثقافة، وبين تمسكها بسلطة قانون الدولة التي تثور عليها في الحفاظ على أحقية النساء بعربة تخصهن وحدهن. وبإمكان أي إنسان يرغب في التضحية بمرارته أن يبحث عن صفحة "ثورة البنات" ويرى ما يكتبنه الأدمنات وما يحمل في طياته ازدواجيات بل جمود ورجعية بعض الأحيان.

وعلى أية حال، لم يكن هذا الذي أقصده، عربة المترو بالتحديد. فالرجل، أو إن شئنا الدقة اقتصرنا هذا الجانب على الأسرة، فنقول الأخ. الأخ في كثير من الأحيان عليه أن يوصل أخته إلى الدروس مثلا أو معظم الأماكن التي تبتغيها. وكذلك يقع على عاتقه حمل أن لا يجوز له ترك أخته تنتظر في الشارع وحيدة. كذلك فمن الصعب ألّا يُلام الابن على تركه أخته أو أمه يحملن حقائب السفر.. إلخ. كل تلك المشكلات التي تمثل للرجل أحمالا فوق كتفيه هي نتاج تفشي الثقافة الذكورية، وللأسف لا تجد محاربي هذه الثقافة يشيرون إلى مثل تلك الأشياء. لم أسمع أو أقرأ لنسوية أو نسوي أنه يطالب بتعديل مثل هذه الشروط، وفي الحقيقة أنا أيضا لا أرغب في تعديلها، فقط أشير إليها لأوضح فكرتي.

معظم النسويين من الرجال والنساء يتمسكون بحجج العضو الذكري وهرمون التستوسترون، وكأنهم لا يدركون أن النسوي والشرقي والغربي والمتفتح والمتفهم لحقوق المرأة والقامع لها.. إلخ، كل هؤلاء يمتلكون أعضاء ذكرية وذلك الهرمون الذي يأتي لنا -لكوننا مجرد رجال- بكثير من الكلام الفاقد للمعنى في أغلب الأحيان. يعني، أقصد، لو تحولت من النسوية للذكوريةصح فسيظل هرمون التستوسترون في داخلي، وكذلك سيظل عضوي الذكري كما هو. وفي الحقيقة أنا أعتز بعضوي الذكري، وقد أطلقت عليه من قبل اسم "شاذلي"، لكن ذلك لا يهم الآن.

في الواقع، يتم الإشارة إلى العضو الذكري وذلك الهرمون بسبب واحد فقط: الجنس. يقع النسويين وغيرهم في مغالطة كبيرة، وهي أن الرجل كائن مهووس جنسيا لا يفكر في غير قضيبه. بالمناسبة، هناك مثل فرنسي يقول: "العاهرة لا تُهدَّد بالقضيب"، افهموه كما يحلو لكم. ولنعود إلى نقطة الرجل الكائن المهووس جنسيا. قد يكون ذلك صحيحا من جهة، لكنه لا يمارس الجنس، سواء فعليا أو عن طريق الاستمناء على الأفلام الإباحية كمثال، مع المعيز أو الضفادع، بل يمارسه فعليا مع نساء قبلن بصورة أو بأخرى ممارسة الجنس معه، وأيضا نساء قبلن التعري والنكاح أمام الكاميرات. هذا يشير إلى أمر واحد: المرأة شريك رئيس في الذكورة، والدليل: العاهرات.

تظن العاهرة أنها امرأة حرة، ولديها قناعتها بذلك، وأيضا لديها تبريراتها المناسبة لفعالها التي تتسم بالعهر؛ في حين الأحرار -سواء كانوا نساء أم رجال- ليسوا بعاهرين ولا عاهرات. هل يوجد رجل عاهر؟ بالتأكيد، وهم منتشرون، ويتسترون تحت شعارات تنادي بحرية المرأة، أو يعلن عهره صراحة بتمسكه بكون المرأة أحد أدوات تسلية الرجل. إذن، يلفت انتباهنا، وهو أمر لا يخفى على من اجتاز الحادية والعشرين من العمر، أن أغلب المنادين -في مجتمعنا- من الشباب بقضايا المرأة، هم في واقع الأمر يريدون كما قالت شيوخ السلفية: الوصول إلى المرأة. نعلم كلنا أن السلفيين مرضى وأفاقين، لكن ليسوا مخطئين في كل الأمور. وعلى الجانب الآخر هناك نساء يطالبن بحرية المرأة من أجل ممارسة ما هو مرفوض، كالجنس مثلا. ذلك هو العهر بعينه في الجنسين.

تلك الانتقادات التي توجه للنهج النسوي عامة تقابل بالتبرير، ولا يفترض أن يقابل النقد بالتبرير. فإذا صارت الناس جميعها نسويين، لن تختفي العاهرات، ولن تتحسن قيادة المرأة للسيارة ويتوقف أغلبهن عن فقع بيوضنا.