ما تمنحه المرأة للحياة



حيدر ناشي آل دبس
2013 / 9 / 28

ما تمنحه المرأة للحياة
حيدر ناشي آل دبس
عند الحديث عن المرأة تتوارد في الذهن العديد من الأفكار التي تريد أن تصل إلى حجمها الحقيقي وطبيعة كنهها الإنساني لما قدمته منذ بدء الخليقة لغاية اليوم من استمرارية للحياة ، وتعتبر هذه من البديهيات لأنه استحالة وجود حياة من دونها ، بدأت في هذه المقدمة التي قد تثير من يقرأها في استسهال عقلية القارئ حول وجود المرأة وطبيعة خلقها وما تقوم به من ديمومة النسل البشري ، ولي بذلك قصد لأنه على ما اعتقد إن هنالك الكثير من الرجال نسى أو تناسى ما هي المرأة وما هو الدور التي تضطلع به ، لذلك تطرح بين الحين والآخر الرؤى والأفكار حول عدم حصانة المرأة في المجتمعات التي تتعرض إلى الأزمات والنكبات السياسية والاقتصادية والتي تنعكس بشكل مباشر على المجتمع عموماً ، وتحمّل المرأة أوزار أكثر واكبر من قابليتها ، وكأنما هي المسؤولة الرئيسية عن الشذوذ الأخلاقي في المجتمع ، لكن في ذات الوقت ينئ الرجل بنفسه عن المحاسبة ، ولا يعتبر نفسه شريك في التحولات الاجتماعية التي تؤدي إلى الانتكاس الأخلاقي ، وبحكم طبيعة مجتمعنا الشرقي ذي النزعة الذكورية ، تعرضت المرأة إلى التهميش والإقصاء عبر حقب تاريخية مديدة ، ولا زالت تعيش في جو من عدم التقبل في الكثير من المواقف والمواقع التي تحاول أن تثبت المرأة وجودها الإنساني من خلالها ، وما زاد الطين بله بروز تيارات الإسلام السياسي في المشهدين السياسي والاجتماعي والتي كان همها الأساسي تحقير المرأة والانتقاص منها عبر كتاباتهم وممارساتهم العملية ، حيث اعتمدت أيدلوجيتهم على تحجيم دورها في كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية ، والانكى من هذا استخدام الدين وسيلة للتحريض ضد المرأة وتقليل أهميتها عبر فتاوى ما انزل الله بها من سلطان ، رغم إن الدين أشار في أكثر من موقع إلى أهمية المرأة وأهمية مشاركتها في عملية البناء الاجتماعي ، لكن صقور الإسلام السياسي الذين يريدوا تفصيل الدين والنصوص الدينية على مقاساتهم آلوا على أنفسهم إلا أن يقللوا من قيمة المرأة الحقيقية ، ويحملوها كل رذائل الكون وترسيخ فكرة النقص في عقلها وسلوكها وعدم الاعتماد عليها في تقرير مصائر العباد ، وفي هذا المجال يجب التوقف أيضاً عند المرأة ذاتها حيث ضعف التماسك والتوحد في بنيتها ، مما عقد سبل الوصول إلى مبتغاها الذي تطمح من مساهمة جدية في عملية تقويم الواقع السياسي والاجتماعي ، وذلك عبر النضال الدؤوب للحصول على مواقع تليق بالمرأة ككائن اجتماعي منتج ، لذا نجد في بعض الأحيان ارتداد كثير من النساء على بني جنسهن والانصياع التام للرجال وخصوصاً من ذوي الأفكار القاصرة الذين شاءت الصدف أن يتسنموا مواقع مهمة في قمة الهرم الاجتماعي ، وهذا ما يقلل من إمكانية النهوض بالمرأة وتمكينها للمشاركة في تقدم الفعل الإنساني والحضاري إلى مواقع مرموقة يسعى الإنسان الوصول إليها لتمنحه السعادة والهناء في حياته ، لذلك على كل المنظمات والروابط والاتحادات التي تعنى بحقوق المرأة أن تبذل جهد اكبر وعمل مجدِ يخرج المرأة من قوقعتها وارتباطها غير الصحيح بالرجل وان تكّون لنفسها شخصية مستقلة نوعاً ما وتجُبل على اتخاذ قراراتها بنفسها معتمدة على سعة المسؤولية الملقاة على عاتقها ، وعليها أن تكون شريك له من السمو والرقي ما يصّعب على الرجل تجاوزه .