عن التطرف النسوي: أن تكون أنثى في بلاد العرب



كمال الدين
2013 / 9 / 29

التطرف ليس نابعا من المرأة نفسها، رغم أنها هي التي تمارسه كنسوية متطرفة، لكن لو ألقينا عليها اللوم وتوقفنا عند هذا الحد يكون ظلما. ورغم أن الرجل، بصفة عامة، يتعرض أحيانا من المتطرفات والمتطرفين لاضطهاد يعجز عن تحمله في كثير من الأوقات، والمشكلة الأساسية، أو منبع ذلك الاضطهاد ليس المرأة بأي حال من الأحوال.

المنبع الحقيقي للتطرف النسوي هو الرجل؛ قد يكون ذلك مؤلما للبعض لكنه واقع بالفعل. الرجل هو المتحرش والقامع الذي يضطهد المرأة ويراها كائنا أقل منه شأنا؛ بمعنى أكثر عموميا، كل الرجال يحملون في أغوارهم نواة الذكورية.

الرجل هو الذي يخلق كل الأحاسيس السلبية لدى المرأة، سواء عن علاقة استغلال، أو تمييز ذكوري صريح. وهو الذي يزرع في داخل المرأة الكره، لا للرجال وحدهم، لا، بل للحياة كلها. ومن هنا يتولد عند المرأة النفور، النفور من جنسها على وجه التحديد، والنقم على ولادتها كأنثى. وتلقائيا يحدث -جسديا- لدى بعض النساء تحدب في الظهر يعمل مع الوقت على إخفاء ثدييها.

إذن نخلص إلى أن المشكلة في الرجل، لكن أغلب النسويين يتوقفون عند هذه النقطة، من ثم تبدأ عملية اضطهاد الرجل فقط لكونه رجلا، ونسوية ليبستيك (Lipstick feminism) أبرز دليل.

المشكلة الذكورية مترسخة في الرجل عن طريق شيئين: المجتمع والأسرة. ويتم شحن الرجل من قبلهما بثقافة ذكورية تستحيل مع السنوات الأولى من عمر الذكور إلى ميمات تسيطر تقريبا على فكر كل الرجال في جميع أنحاء العالم. ولكي يتخلص منها، أي أن يتحرر، لا بد أن يمر بمراحل مؤلمة، وكل تلك المراحل ذاتية، صعبة ومعقدة، ودائما في حاجة إلى تجارب عملية أكثر فأكثر. حتى لو أراد الرجل نفسه أن يتحرر من قيود الذكورية التي شبَّ عليها، لا يجد في أغلب الأحيان ما يساعده من حوله. وفي نفس الوقت عليه أن يتقبل كونه عرضة لتمييز واضطهاد بعض المتطرفين النسويين وأكثر الذكوريين.

عندما يشعر رجل ما باضطهاد أو تمييز ضده -سواء من الترسبات الذكورية أو التطرف النسوي- فإنه لا يلجأ للتوحد مع الفكر النسوي، بل ربما يمسي عدوا له. هذا المقال (When Men Experience Sexism) يرصد أثر الثقافة الذكورية المتراكمة على الرجال في وقتنا الحالي. وهنا تنحصر الفكرة كلها في الميمات التي تعمل على تشكيل الفكر، ومع الوقت قد تصير عرفا مقبولا من غالبية الناس. في هذه الحال تتمثل الذكورية في الرجل، وهذا صحيح من جانب، لكن من يعمل على صيرورتها هي المرأة: الأم في الأسرة التي ترسخ مفهوم أن الرجل شيء والمرأة شيء، الأخت الكبرى المحافظة على التقاليد، الفتاة التي تبحث عن عريس… إلخ.

إن المرأة شريك رئيس في الذكورية، ولا يمكن قصر مسألة ضخمة بقدر الذكورية في الرجل وحده، هذا الرجل إن لم تطع النساء كلامه فبالتالي لن يجد من يمارس عليه تسلطه.

المعركة معركة المرأة، ويجب أن تكون هي التي تخوضها وتقودها، لأن أي رجل مهما كان متفهما سيكون ناظرا من الخارج، وسيخضع كل شيء لأجندته الذكورية بشكل أو آخر. دور الرجل في النسوية هو التوعية، وتقليل عدد الذكوريين من الرجال لأنه يعرف كيف يفكرون. دور الرجل أن يستمع إلى صوت المرأة ويساندها، علّه يشعر ماذا يعني أن تكون أنثى في بلاد العرب!