فى التناول السياسى لقضية المرأة المصرية - لا عزاء للسيدات



حمدى عبد العزيز
2013 / 10 / 3

يجب ان يكف البعض عن التحدث عن قضايا المرأة كنوع من الترفع والتعالى الثقافى او الوجاهة الاعلامية والاجتماعية .. او كنوع من النزق الفكرى والترف السياسى ..
يجب ان يكون الحديث مقترنا بالسعى الاصيل الذى ينطلق من عقيدة حقيقية على اساس فهم اجتماعى عميق ترى فكرة التمييز ضد وممارسة الاضطهاد ضد المرأة هو جزء من التركيبة المتناقضة لمجتمعنا الذى يعانى من حلقات القهر الاجتماعى المركب والمرتبط بالافقار الاقتصادى والاجتماعى والثقافى من ناحية ومن ناحية اخرى ذلك التخلف الا جتماعى الذى اصطحب معه تشوها ثقافيا جعلنا نفشل حتى الان فى معالجة موروثنا الثقافى ونمارس جدلا مبدعا لتنقية هذا الموروث من تشوهاته التى لاتناسب روح العصر ..
... الايمان بتحرير المرأة وتقدمها هو جزء لايتجزء من (ولايجب بذل اية محاولة لفصله او تجزئته او معالجته بمعزل عن ) تحرر المجتمع بأكمله وتقدمه المرتبط بألغاء كافة اشكال القهر والتمييز الاجتماعى ضد الفقراء والشرائح المهمشة وفى اطار ذلك ضد المرأة الغير متزوجة او المتزوجة المطلقة أو غير المطلقة الأرملة أو التى لم تنجب ...
والمسعى من اجل التغيير الاجتماعى اصبح فى واقعنا الراهن متلازما ( بحكم المورثات الثقافية العامة والنمط المشوه للحياة الاجتماعية العربية ) مع ضرورة التنوير ..
وبمعنى اخر فأن القوى صاحبة المصلحة فى اقصاء كافة اشكال القهر المجتمعى اصبحت ملزمة ( الى جوار السعى من أجل ذلك ) برفع لواء مشروع التنوير الذى عجزت الليبرالية المصرية عبر تاريخها عن اتمامه بحكم ظروف نشأة وتتطور التشكيلة الاجتماعية الطبقية العاكسة لها ...


وفى هذا السياق فأننى اعتقد ان المطالبات الخاصة بعمل كوتة للمرأة ( مع العلم اننى لست ضدها مبدئيا ) هى مجرد استيفاء شكلى للحريات السياسية ومشكلتها انها لاتأت ضمن رؤية أعمق لمسألة تمكين المرأة سياسيا .. ولن تنتج الاستجابة لهذه المطالبات سوى عن اضفاء نوع من الديكور الشكلى على النظام السياسى ..
اما التمكين الحقيقى للمرأة فهو يعنى اساسا تمكينها اجتماعيا ( فى الواقع المجتمعى الفعلى ) وهذا مرتبط بتغيير حقيقى أولا فى التوزيع العادل نسبيا فى انصبة الناتج القومى العام وهو ما يجب ان يترتب عليه تخفيف وطئة القهر الاجتماعى العام - الذى تدفع المرأة المصرية ثمنه مرتين .. كونها مواطنة .. ثم كونها امراة ترتبط بدخل الرجل -
يتزامن مع هذا خلق حصانات اجتماعية وقانونية حقيقية للمرأة تضمن لها الرعاية والكرامة والمساواة الفعلية مع الرجل فى كافة الحقوق وكافة الواجبات وكذا كافة فرص النجاح الاجتماعى ...وان يكون ذلك منصوص عليه فى الدستور الجديد مع تحرير الدستور المصرى من كافة الكوابح التى تعرقل امكانيات التحرر الحقيقى للمرأة وبلوغها تلك المساواتية المطلوبة فى الحقوق والحريات والواجبات والتمركز القانونى والمجتمعى وان يحمل هذا الدستور نصا قطعيا على تجريم التمييز ضد المرأة بأى حال من الاحوال .. .
وذلك كله يجب ان يرتبط ويتضافر مع حالة من التنوير الثقافى والتعليمى بما يضمن تحديث المجتمع ثقافيا ومراجعة كافة موروثاته وخاصة تلك التى تميز ضد المرأة ....
اعتقد ان هذا هو الاهم من هذا التناول الشكلانى لقضية مشاركة المرأة بأعتبارها قضية وجاهة اجتماعية .. ستحقق نتيجة سياسية تصب فى مصلحة تكريس ماهو قائم .. وساعتها لاعزاء للسيدات ...