عفوا أختى الفاضلة ... لقد غيبوا وعيك



كريم عامر
2005 / 5 / 27

عندما ينجح أعداء الإنسانية فى تغييب الوعى الجمعى للنساء اللاتى يفترض أن يتضامن ضد البغى الذكورى الممارس ضدهن ، بأن يدفعونهن الى الوقوف فى مواجهة بنات جنسهن عندما تتعرض إحداهن للظلم على يد أحد الذكور ، ومحاربتها بأخس الوسائل وأرخص الحيل ، عندها يجب أن ننتظر نهاية الحضارة الإنسانية وبدء حضارة المسوخ المشوهة عقليا والتى بدأت فى البروز على السطح منذ وقت ليس بالقليل .
فمنذ يوم تلقيت رسالة من إحدى القارئات ذيلتها بالتوقيع ب " فتاة واعية " .... تعقب فيها على مقالى الخاص بقضية أحمد الفيشاوى وهند الحناوى المنشور فى الحوار المتمدن ، وعندما انتهيت من قراءة الرسالة انتابتنى حالة من الذهول من الوضع الذى صار اليه هؤلاء الفتيات اللاتى نجح المجتمع الذكورى فى مسخ هوياتهن وتحويلهن الى أشباه يتضامن مع الظالم ضد صاحب الحق .
لن أطيل كثيرا ... فقط سوف أضع نص الرسالة بين أيدى القراء معقبة على ردى عليها الذى أرسلته الى هذه الفتاة التى تدعى أنها فتاة واعية :

________________________________________________________________________
أسمك عبد الكريم ....... يعنى مسلم ....ولا ده تمويه لملتك الحقيره.... يا ملعون .....أنا لم أحتمل ما كتبته ..فقط قرأت بعض السطور المتفرقه لكى اعرف شخصيتك القزره....أى جنين تطالب به الفتيات ان تحتفظ به أيها القزر ....أهى دعوه لبنات مصر ان يحملن بالزنا ويطاردن الرجال المتميزيين سواء بالشهره الفنيه او الدينيه او حتى الماديه........ ثم يظهرون هم واهلهن بوسائل الأعلام بكل حقاره ...بكل سفاله......بكل بجاحه... يطالبون بحقوق ابنتهم الزانيه المطارده للرجال التى تذهب الى منازلهم بمحض ارادتها الكامله لتثير غرائز الشاب الضحيه أو الرجل الذى وقع عليه الأختيار المحموم لتبنى عليه صرح أستثمارى ملعون مثلك ومثلها ومثل أهلها ...حسبى الله ونعم الوكيل فى أمثالكم .......فظهور أمثالكم هو بالتأكيد من علامات الساعه القريبه بأذن الله .......ويومها سوف تتذوقون أشد العذاب ان لم تتوبوا وتعلنوا توبتكم كما أعلنتم فجوركم اللعين.....انها مؤامره مدبره وواضحه وضوح الشمس من أعداء الدين الحنيف ......فهى ليست جديده كما تعتقدون أيها السفله.....ولست حزينه على ماحدث لأحمد الفيشاوى فهو أخطأ بلا شك ..فكان يجب عليه أن يخلع حذائه ويضرب به رأس الملعونه بنت الدكتور و الدكتوره الناس الهزء ......لكن هى أرادة الله أن يقع أحمد فى الفخ ليكون عبره للشباب الملتزم لكى يعلموا أنهم مستهدفون من أعداء الدين ولو كانوا ممن ذوى الديانه الأسلاميه بالبطاقات الشخصيه أمثالكم أيها المجرمون



فتاه واعيه

________________________________________________________________
عفوا أختى الفاضلة ... يبدو أنك قد أخطأت فى التوقيع فأنت لست فتاة واعية كما وقعت فى ذيل رسالتك ولكنك - حقا - فتاة مغيبة الوعى ... إستطاع المجتمع الذكورى أن يطمس عقلك ويبدل فطرتك ويجعلك تقفين مع الرجال الأنذال بدلا من أن تضامنى مع بنات جنسك المضطهدات المعذبات ...
عفوا أختى الفاضلة ... لقد غيبوا وعيك ...
إننى أشعر بالأسف الشديد على أن يصدر هذا الكلام من فتاة مثلك كان من الأجدر والأولى بها أن تقف صامدة أمام طغيان المجتمع الذكورى الذى يسعى منذ قديم الأزل الى تهميش دورك وبيعك بأبخس الأثمان فى أسواق النخاسة .... ولكنك قبلت بهذا الوضع المهين المذل الذى نجح أن يضعك فيه ... قبلت بأن تكونى خادمة للذكور تطبخين لهم طعامهم وتغسلين لهم سراويلهم الداخلية وتتحولين بين أيديهم الى أداة لمتعتهم الحقيرة دون أن يكون لك أدنى نصيب أو حظ فيها .
عفوا أختى الفاضلة .... لقد غيبوا وعيك ....
إنك لم تكونى تجرئى على مثل هذا الكلام أن كان القدر قد وضعك فى مثل موقف هند ... لا تقولى أنك فتاة شريفة لن يحدث لها مثل هذا الأمر... أنا لا أشكك فى شرفك وعفتك - عفوا - ولكن كل مافى الأمر أنك ان كنت قد تعرضت لموقفها قبل ذالك فلن يكون هذا رد فعلك ... كلنا معرضون لمثل هذا الأمر فقلوبنا بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وليس معنى انك قد تربيت فى بيئة فاضلة أنك غير معرضة لهذا الأمر بل هذا محتمل فى أى وقت ... فلا تحاولى أن توارى حقيقتك ... فكلنا بشر نمتلك الغريزة الجنسية التى يجب أن نصرفها فى مسارها الطبيعى حتى لا يؤدى بنا كبتها الى تصريفها بطريقة شاذة .
عفوا أختى الفاضلة .... لقد غيبوا وعيك ....
انك تهاجميننى لأننى أطالب الفتيات بالإحتفاظ بأجنتهن وأن لا يتخلصوا منها أن جاءت عن طريق غير شرعى ... فبماذا تطالبين أيتها الفتاة الواعية .... هل تطالبين كل فتاة تحمل من جراء علاقة غير شرعية من شاب بإجهاض حملها .. أم تطالبينها بالقاء ولدها على قارعة الطريق بعد ولادتها اياه ... أم تطالبينها بوأده بعد ولادته .... بأى شىء تطالبين أيتها الفتاة الواعية .... ان كنت تطالبينها بإجهاضه فأنت تريدينها أن تتنكر لأمومتها ووتخلى عن فطرتها الإنسانية ... وبدلا من أن تشجعينها على المضى فى طريقها الطبيعى الذى رسمه الله لها بالصبر على حمل ابنها ثم ولادته وارضاعه ... تطالبينها عوضا عن ذالك بأن تتحول الى قاتلة لا رحمة فى قلبها ... تطالبينها أن تقتل فلذة كبدها كما لايفعل أعتى المجرمين إجراما .... ثم تعاقب من الله تعالى على جريمتها تلك عقابين احدهما فى الدنيا ... بعذاب الضمير ... والآخر فى الأخرة .
عفوا أختى الفاضلة .... لقد غيبوا وعيك .... ثم ماذا بعد تغييب الوعى ؟ ... مالذى سننتظره بعد ذالك من أعداء الإنسانية الذين يسعون الى إجهاض انسانيتكن ودفعكن نحو طريق الإنحراف الفكرى والتردى الأخلاقى .
ماذا سننتظر منهم بعد أن غيبوا وعيكن ونجحوا فى تحويلكن الى آلات لخدمتهم واشباع رغباتهم القذرة ؟
مالذى سوف ننتظره عقب ذالك ؟
أعتقد انه ليس هناك وقت للإنتظار ... فلنتحرك سويا ضد أرباب الفكر الدينى المتطرف قبل أن يستولوا على البقية الباقية من عقول بناتنا الواعيات بحق وليس المغيبات الوعى ... فإذا لم نتحرك الآن فلننتظر النهاية المأساوية لبنى الإنسان .

عبدالكريم نبيل سليمان
الإسكندرية / مصر
26/5/2005