هؤلاء بدون حياء



سونيا ابراهيم
2013 / 10 / 7



لقد نضجتُ و أنا أشعر بمسئولية كبيرة تجاه جسدي و روحي، و أنا ألاحظ سوء التربية- قبل أن يكون لديّ الوعي الكافي لادراك كوارث القوانين و عدم تطبيقها- الذي يتصف به غالبية الرجال" الذكور" من حولي. أجد أنه بالكاد يضحكني أن أُسمّي بعض الرجال الذين لا أخلاق لديهم، بأنهم: ذكوريين، و أنا أصلاً لا أرى فرقاً كبيراً بينهم و بين من هم في محل المسئولية بفعل المجتمع أو الوظيفة.

إنه من الصعب عليّ أن أتخيل ذاتي تحاول ايضاح مشكلة ما أو كارثة فيما يتعلق بالحقوق و الانتهاكات - و إن كنت هذه المرة أتوخى الحذر و الهدوء- مع من يعطون لأنفسهم الأهمية لغش و خداع الناس، الأسوأ من ذلك أنه في مجتمعاتنا الشرقي- بلا حياد أو تغيير عن الموضوع- نجد أنه كارثة تجر بعدها مجموعة من الكوارث.. من مجتمع لا يخجل من التواضع أمام نفسه لكي يعترف بالحقيقة، من مؤسسات و مسئولين حكوميين، سواء كان أو غيرهم، و هم يلقون التهم و يوزعون المصائب لتصب فوق رؤوس غيرهم، ليحملوهم بنفس الساعة نتيجة أخطاءهم- هم- و ليس أخطاء المذنبين..

أجد أنني اطلعت على كافة المراجع الأجنبية عبر الانترنت؛ للبحث أكثر عن الأمراض النفسية التي تعاني منها كافة المجتمعات التي تتكتم على العنف ضد المرأة، أو تمر بالكوارث أو الصدمات المفاجئة: سواء بالحروب أو القمع أو انتهاك حقوق أو حرية الآخر.. و للأسف هذه كانت من أحد المواضيع التي يجب علينا نحن جيل الشباب و الفضولين أن نخاف من أن نطرحها لكي لا يساعدوننا على ايجاد الوقت الكافي لتوجيه الأسئلة و التهم إليهم..
أكرر إنه من غير الطبيعي أن تكون أعلى نسبة للعنف الأسري في الشرق الأوسط هي في اسرائيل؛ لأن باقي الدول العربية لا يوجد فيها احصائيات أصلاً، و لا مرجع واحد يمكن اللجوء إليه، و هذا يبرر الخوف الشديد الذي تحاول السلطات في الدول العربية التكتم عليه، أو جعل المجتمع يتكيف معه، في سبيل انكار جميع من ظُلِموا أو تعرضوا للخطر في حياتهم، اذا حاولوا الكشف عن ذلك؛ فما بالكم و الحكومات و ممثليها أنفسهم غارقين بذلك..

أجد أنني مضطرة أن أقول انه مهما زاد عمق و ايمان بعض الافراد الذين يحملون الوعي و الفكر الكافي لكشف المستور في المجتمع الفلسطيني، إلا أنهم يشعورن بالشلل تجاه ما تخبئه عنهم كافة السلطات و بتكليف من الجهات العليا.. إنني في نهاية الأمر، و لشدة تأثري بإهتمام حول الموضوع: جرائم الاغتصاب، و العنف الأسري في الشرق الأوسط اضطريتُ أن ألجا إلى مواقع أجنبية، تتحدث عن الصدمة النفسية، و تشرح البعد السيكولوجي لآثار الصدمة النفسية و بعض الأمور الأخرى التي يخجل المواطن العربي من التطرق اليها أو الافصاح عنها.. و وجدتُ أنهم على سبيل المثال؛ لديهم خريطة الولايات المتحدة، و عليها نقاط تحذر من وجود متحرشين، و منحرفين متواجدين حول كل منطقة؛ مما يزيد من حرص و انتباه الوالدين- في حال لم يكونا- من هذه الكارثة المخيفة! أعتقد أن الكارثة قد تصبح مأزقاً لأنه- بعضكم بات يعلم جيداً- المقارنة بين مجتمعين، و بلدين، و ثقافتين- أحدهما: تنشر الوعي و تتحمل المسئولية، و الأخرى تعيش في صراع للعودة إلى الوراء- تكاد تكون معدومة، إلم تكون تهكمية مخجلة!
لا يكفيني اليوم أن أدّعي أو أن أقول أنه في ظل كل هذه الكوارث التي ما زالت تحدث، و على الرغم من جهود بعض مؤسسات المجتمع المدني التي تعترف بهدوء عن شللها في ايضاح أو وضع حد لإنهاء الأمر، لم يخرج لدينا أي مسئول أو نائب أو ممثل شرعي- أين هي يا ترى في شرقنا الغريب- لكي يتحدث بصدق عن كل الانتهاكات التي تحصل حتى هذه اللحظة.. إنكم تعيشون في زمن يقل فيه الرجال، من معانٍ تتعلق بالنخوة و الشهامة و الصدق، لأنه على ما يبدو خلقوا صم بكم عميان في مجتمع يحق فيه للجميع أن يمارس الدعارة الفكرية، و العهر اللاأخلاقي على مزاجه دون أن يكون هناك هوية أو عنوان لفضح ذلك.. صمت المسئولين ، قمعهم و عزلهم لضحايا الاعتداء أو العنف الأسري، اختزال المواضيع التي تُطرح و تُناقش دوماً- باستخفافٍ ملهم- في الاعلام طيلة الوقت على السياسة و الاقتصاد، و الخوف من فضح الجرائم التي يقوم بها أفراد المجتمع، في حين أن المجرمين- بفعل غياب وعي المجتمع و قمع و تسلط المسئولين؛ أو من يسمون أنفسهم بذلك- قادرين على العيش و التنفس بحرية.. و هُم مِن حولكم قد يكونوا جيراناً .. قد يكونوا من أفراد أسرتكم- كما في حالتي الشخصية التي أعتبرها إلى حد ما لم تعد خاصة!

حتى يتم اطلاق العنان، و السماح بفضح كل المجرمين، السارقين، المغتصبين أو المتحرشين و نشر صورهم و تعرية حقيقتهم أمام الجميع فلينفتح على مرأى الجميع باب من جهنم، تعيشون فيه و لا يوجد من حولكم طريقة تختبرون فيها الأمان، لأن غيركم صار يعلم- و هو يشعر بجحم ورطته الكبرى الآن- و لا يكترث بأن يحرك ساكناً من أجل التضحية أو الدفاع عن ذلك! أكاد أن أقول أنه حتى لو كان النظام فاسداً أو قمعياً أو منتهكاً، أو نظام الحكم أو السلطة هو نفسه من يرتكب الجرائم تجاه المضطهدين من أفراد شعبه، فإننا يجب أن نعيش منذ الآن فطالعاً دون حياء.. لأنهم نقلوا العدوى إلينا! ما هي الفائدة و هم يقولون المرأة الفلسطينية شريكة الرجل في النضال، و نحن لا نشعر بالأمان لا من وجود قوانين يفعلونها، و لا من وجود رجال شرطة يخترقونها، كما كان يقول المخبر لي: ماذا يعني لي لو ضربك أو شتمكِ؟ أنا افعل أسوأ من هذا لأهذّب زوجتي و ابنتي! هل هذا هو معنى النضال الذي تريدوننا أن نشارككم به؟ خسئتم!