المرأة العراقية وقانون الأحوال الشخصية -الجعفري-



ياسمين الطريحي
2013 / 11 / 10

المرأة العراقية وقانون الاحوال الشخصية "الجعفري"
ما تزال مسودة قانون الأحوال الشخصية "الجعفري", وقانون القضاء "الجعفري" اللذان أصدرهما وزير العدل العراقي السيد الشمري في تشرين الأول 2013 يتعرضان للكثير من التساؤلات منها التساؤل عن توقيت إصدارهما بالذات, وما بين موافق ورافض لهما, وهناك بعض المقالات التى أشارت بصورة مباشرة الى تأثير هذا القانون على مكتسبات وحقوق المرأة العراقية, استنادا الى أن قانون الأحوال الشخصية الحالي هو من أفضل قوانين الأحوال الشخصية في العالم كله وليس في العالم العربي وحده, والذي استمد قوانينه من كلا المذهبين السني والشيعي (علما بأنه يحوي ثغرات ضد المرأة الإنسان). وقد حصلت المرأة العراقية على مدى العقود الماضية وماقبل الاحتلال ( الذي جاء بدستور لا يتماشى مع كل هذه المكتسبات على الأطلاق حينما قسم النظام السياسي على أساس طائفي بالدرجة الأولى) على الكثير من المكتسبات منها القانونية ومنها ما يتماشى مع التطور الحضاري كرفع سن الزواج وماشابه. وأغلب المؤيدين والمؤيدات لمسودة هذا القانون هم من حزب "الفضيلة " الذي ينتمي اليه الوزير ونائبات هذا الحزب من النساء تطبيقا لمبدأ المرأة عدوة لذاتها (حين تؤيد المرأة قانونا ينتقص من حقوقها هي بالدرجة الأولى ) ، أما المعارضين فهم من أحزاب تدّعي "العلمانية أو ما شابه" وأسباب الرفض هي سياسية بحتة بناءا على أن هذا القانون سوف يزيد في التقسيم والتمزق الطائفي الحاصل الآن في العراق والذي يحصد أرواح العراقيين من النساء والرجال والاطفال كل يوم بالمئات.
ولم يذكر أحد مدى التأثير الإجتماعي المباشر لهذا القانون بما سيرتبه من نتائج على المرأة العراقية من تمييز إجتماعي ضاغط ، وجوهري، في قتل هذه الإنسانة وهي في مهدها وهي التى ستصبح أما ومربية وعاملة في يوما ما.
إن الكارثة الإجتماعية والعقلية التي سيأتي بها هذا القانون ليس فقط على المرأة وحدها بل إنه سيطال الأجيال القادمة والشعب العراقي بأكمله.
من بين كل الأصوات لا نسمع صوتا قويا هادرا من المرأة العراقية ذاتها ضد "جعفرة " أو "حنبلة" قانون الأحوال الشخصية سواء في الداخل أو في الخارج. علما بأن المرأة هي التى سوف تكون الهدف الأول في تفتيت ووأد عقلها قبل بقية العراقيين. لأن العراق الحالي يشكو من عدم وجود حركة نسوية واعية كل الوعي وجماهيرية وشعبية تطالب بألغاء هذا القانون، الذي نعتبره قانون كارثي بكل ماتعنيه هذه الكلمة. علما بأن قانون الأحوال الشخصية الحالي وبصورة عامة ليس بذلك السوء، فكيف نأتي الأن بقانون أحوال شخصية "جعفري" لن يطيح بمكتسبات المرأة العراقية ونضالها "النخبوي المحدود" فحسب، لكنه سيطيح بكل بمكتسبات الشعب العراقي الذي يتطلع الى الإستقرار السياسي والعدالة الأجتماعية والنهضة الحضارية.
إن إنعكاس هذا القانون إجتماعياً على المرأة العراقية لهو إنعكاس كارثي، لأنه سينُشّأ طفلة عراقية بتغذية مذهبية "شيعية "وطفلة عراقية أخرى بتغذية "سنية" هذا من جهة ، ومن جهة أخرى سوف يلزمها الحجاب من كل شئ, من التعليم (وإن تعلمت فهي تتعلم الطائفية بكل مساؤها) ، ومن قول رأيها أن سُمح لها ، ومن التعبير عن نفسها ، ومن المطالبة بحقوقها الإنسانية كلها، فحين تنشّأ الفتاة العراقية بهذا التمييز الطائفي والتضييق الإجتماعي ، وبطاعة عمياء خوفا من العقاب العائلي أوالعشائري الطائفي فسوف تقوم بدورها بنقل هذه التعاليم لأبناءها وبناتها في المستقبل. وهذا ماسيؤدي الى نشأة نساء عراقيات مميزات طائفيا ورجال مميزون طائفيا وبالتالي الى نشأة أجيال عراقية مميزة عن بعضها مذهبيا شئنا أم أبينا وهذا ماسوف يؤدي حقيقة الى تمزيق الشعب العراقي وهو في مهده. وهنا أذكر ما ذكره عالم الأجتماع العراقي الأستاذ علي الوردي "بأن الشخصية البشرية هي حصيلة تفاعل بين عوامل الوراثة وعوامل البيئة". معناه أن تطبيق هذا القانون سوف ينشّأ شخصية نسوية لاعقل لها وأن عقلها هو تابع لطائفتها حين يتفاعل العامل الوراثي مع عامل البيئة المذهبي والطائفي المقيت.
لذلك حين يدّعي الوزير الشمري والنائبة سوزان السعد (من حزب الفضيلة) أن "الشيعة لازالت حقوقهم مغبونة، وأن هذا القانون سوف يرد اعتبارهم" فهو حق يراد به باطل, فما هو الغبن وأحدهما وزير عدل والأخرى نائبة؟ ماهو الغبن والملايين منهم تسير كقطعان الماشية في كل زيارة حسينية او إحياء ذكرى وفاة أحد الائمة؟ ماهو الغبن وهناك مدارس لتعليم الطلاب العراقيين من فتيات وفتيان تابعة للوقف الشيعي؟ ماهو الغبن ورئيس الوزراء ذاته شيعي وطائفي ويمسك كل الوزارات المهمة وزمام المليشيات الإرهابية التى تعيش على دماء العراقيين الأبرياء.
هنا يجب على المرأة العراقية والفتاة العراقية الواعية وعلى الشباب العراقي الواعي من فتيان وفتيات أن يعوا أن إصدار والمصادقة على هذا القانون هو إصدار حكم الإعدام على الشعب العراقي بكل طوائفه وجميع أجياله القادمة. ومن هنا عليهم بالتسلح بالوعي الكامل والتعرٌف على انعكاساته الإجتماعية والعقلية الكارثية على الأجيال القادمة للشعب العراقي، وعلى الدولة العراقية الأن ومستقبلا، أن تقوم بحملات شعبية جماهيرية نسائية شبابية لتوعية المرأة العراقية البسيطة العاملة والكادحة والمطالبة برفض هذا القانون ووأده. إذ لا ينفع الشجب أو الإدانة. وأن تناط المهمة للشباب والشابات العراقيات بتحمل مسؤولية إنقاذ جيلهم الحالي والأجيال القادمة بالعمل على إسقاطه وهو في مهده قبل أن يئد المرأة أولا وأجيال العراق آخرا وهم ما يزالون في المهد.