لماذا يخافون من ذكاء المرأة ؟



مروان هائل عبدالمولى
2013 / 11 / 11

التنمية والإصلاحات أصبحت تمثل مطلباً ملحاً وأساسياً لكل المجتمعات وخاصة العربية والإسلامية, والنساء يشكلن نصف المجتمع وبالتالي نصف طاقته الإنتاجية ولكن طاقة متوقفة إجبارياً , وفي كل حديث أو مؤتمر عن دور المرأة في بناء المجتمعات العربية ستجد فئة من الرجال المسلم الذين يقولوا لك أن النساء ناقصات عقل ودين , و يحاربوا دور المرأة المتعلمة وويحاولوا بشتى الوسائل طمس , حقوقها ويمنعوها من المساهمة في عجلة التنمية في مجتمعاتنا الإسلامية , رجال يقفون في وجهك ويحدثوك عن الحلال والحرام وربط الفكرة بالانحلال الأخلاقي والإنساني , رجال تحمل عقول متحجرة ستحدثك عن المرأة على مستوى مقاسات عقولها الضيقة عن دائرة الاشتباه في الاختلاط , والشيطان اللاعب والموسوس بالعقول في العمل المختلط وهذا مشبوه وحرام و أن فكرة عمل وتعليم المرأة تأتي في سياق التشبه بالغرب والثقافة الغربية التي تُنظر إليها من قِبلهم على أساس إنها تعارض المنظومة الإسلامية التي تدعو إلى الفصل بين الجنسين في كل شيء , والى مخاطر التنوير والعولمة على المرأة المسلمة , وضرورة بقاء المرأة في البيت وعلى قواعد حياتية منذ قرون مضت, برأيهم أن حدود المرأة لا يجب أن يتعدى الجدران الأربعة دون الأخذ بالاعتبار الظروف القهرية المتغيرة التي تُفرض عليها كقضايا الحروب واللجوء وموت عائل الأسرة وتربية الأطفال وغلاء المعيشة , و دون النظر إلى التغيرات المجتمعية الإنسانية وحركة تطور الشعوب من حيث القانون والمساواة والحقوق والتكنولوجيا.
إن الخوض في نقاش حول مسائلة أعطاء المرأة المسلمة في مجتمعاتنا مساحة للمساهمة في بناء المجتمع وفي إطار المنطق والعقل مع تلك العقليات عقيم ودون فائدة بسبب المسافة الكبيرة بين ما يفكرون والواقع وبسبب تعلق تلك العقليات بإرائها المتشددة التي تحرم المرأة ابسط حقوقها, ودعمها وحبها لظاهرة تعدد الزوجات الحبيسات وبزوغ نجم القاصرات التي أكثرهن من ألاميات ومن الأسر الفقيرة , وتوسع الهوة التي أنشاؤها بينهم وبين العلوم والثقافات والديانات الإنسانية الكونية الأخرى التي يعادونها ويعتبرونها شيطانية دون أن يقرؤاء شيئاً عنها.
مواضيع المرأة وحقوقها في المجتمعات الإسلامية التي يكثر بخصوصها وحولها الجدال إلى حد التعب الفكري والنفسي تحتاج إلى أقلام عادلة وأمينة متخصصة ومؤهله تكتب بصراحة وجرأة عن المرأة والتحديات الحضارية التي تواجهها ,عن صراعها من اجل الحقوق والحياة الإنسانية الكريمة , عن أن هناك ثمة واقعاً مريراً تعيشه في العالم الإسلامي لإسباب خارجية تستند على خلفيات أيديولوجية دولية وأسباب ذاتية داخلية كبيرة تفرضها مجتمعاتنا وشيوخنا ولا تتواجد في الشريعة الإسلامية التي تحتوي على جوانب كثيرة تنصف المرأة وتعطيها حقوقها كأم وزوجة وأخت وقريبة .
البعض منا يربط مشروع عولمة الخطاب حول المرأة بجريمة قتل لأنوثتها وكرامتها وإنسانيتها , وأنا أتسأل هنا , هل استغلال تخلفها وأميتها وفقرها وتحويلها إلى مجرد متعة جنسية محلية جاهلة , زوجة احتياطية ثانية وثالثة أو رابعة هو من الإنسانية ؟ , أو استغلال أميتها والتلاعب بأفكارها لتصديرها إلى خارج دولتها تحت مسمى الجهاد الجنسي وممارسة كل أشكال الرق والعبودية في العصر الحديث ضدها يصون كرامتها وعفتها ويعطيها حقوقها ويعتبر من أشكال القوة والحضارة للعالم العربي والتنمية والنهوض بالآمة الإسلامية ؟ .
هناك من يخلط بين مفهوم عولمة المرأة المسلمة من أبناء العالم الإسلامي على أسس الشريعة و العلم والمعرفة لتساهم في تطور مجتمعها , وبين (نسخ) التجربة النسائية الغربية و التقليد الأعمى للثقافة الغربية المادية بكل ما فيها دون مراعاة لفارق الدين والعادات والتقاليد و(لصق) على الواقع العربي والإسلامي وهو المفهوم الخاطئ الذي يقع فيه الكثير من العرب والمسلمين ويستغله البعض لنشر الأكاذيب حول حركة المرأة وتطورها وحريتها في الغرب على أساس حرية العلاقة والجنس وطرح نموذج مادونا والليدي جاجا بدلاً ميركل وأشتون اللتان تعكسان نموذج نقي لنساء العولمة مثقفات أوربيات في قيادة أمم وشعوب تعيش على أسس المساواة والعدل والقانون مع احترام جميع الثقافات والديانات , وهناك تجد المرأة العربية المسلمة بحجابها أستاذة جامعية وطبيبة ومحامية ومهندسة كمبيوتر، وسيدة أعمال ومسئولة في منظمات دولية , مع قدرتهن على الاحتفاظ بالدين والتقاليد وبالتراث الإسلامي .
العلم والعمل بالنسبة للمرأة العربية ليس عيباً وهناك أمثلة من حياة الرسول (ص) تثبت ذلك مثل "أسماء" إحدى الصحابيات التي جاءت إلى النبي (ص) تطلب منه باسم النساء أن يخصص وقتاً لتعليمهن , وقد استجاب رسول الله (ص) لطلبها , وكذلك السيدة "زينب" زوجة رسول الله (ص)، التي كانت تستخدم مهارتها اليدوية في صناعة السلال وبيعها، وإنفاق ثمنها على الفقراء مع الاحتفاظ بجزء من الأرباح تعيد استثماره في توسيع عملها الخيري.
المرأة العربية وصلت إلى مرحلةٍ كبيرةٍ من النضج والوعي و لديها القدرة على أن تعمل 18 ساعة يوميا , وفي نفس الوقت لديها القدرة على تحمل الكثير من صنوف العذاب والألم بسبب قوة إيمانها وصبرها , ولذكائها تصمت لتستمر الحياة وتحافظ على بيتها , وهذا لا يعني إعطاء الحق للتقليل من شأنها أو السخرية من قدراتها, الذي الإسلام كرمها وكفل لها حق الحياة الكريمة والتعلم والعمل ونهى عن تلك البربرية التي كانت سائدة وتمارس ضدها في الجاهلية التي يحاول البعض إحيائها والتعامل بها ألان في القرن الواحد والعشرين .



د . مروان هائل عبدالمولى
[email protected]