المرأة بحاجة إلى خطوات لا خطابات



علاء جوزيف أوسي
2013 / 12 / 12

احتفلت المعمورة في الخامس والعشرين من تشرين الثاني باليوم العالمي للقضاء على العنف ضدّ المرأة، فأقيمت فعاليات ونشاطات عديدة لتؤكد أن العنف ضد المرأة هو انتهاك لحقوق الإنسان، وينعكس سلباً على التقدم في العديد من المجالات، مثال القضاء على الفقر ومكافحة الأمراض، والسلام والأمن، ولم يمر هذا اليوم في سورية دون إقامة فعاليات وندوات ولقاءات، على الرغم من الأزمة الراهنة التي فاقمت معاناة المرأة مع تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كانت المرأة والأطفال أول من دفع ثمنها.

إن العنف ضد المرأة منتشر انتشاراً لافتاً في مجتمعنا السوري، وتفاقم في سنوات الأزمة بسبب غياب تشريعات وقوانين تحميها من الانتهاكات والعنف الذي تتعرض له، خاصة أنها أمام بعض القوانين منقوصة الحقوق عن الرجل..

ويبقى السؤال عن فائدة هذه اللقاءات وتلك الندوات التي أقيمت على أعلى المستويات، إذ اكتفت -كعادتها- بالإشارة إلى أن العنف ضد المرأة ناجم عن التمييز ضدها قانونياً وعملياً، وكذلك عن استمرار نهج اللامساواة بين الجنسين، دون أن تعطي هذه الفعاليات أي بدائل أو اقتراحات أو توصيات تقدم للمعنيين، بل اكتفت بالتنويه بأهمية محافظة المرأة السورية على مكانتها في المجتمع، ودورها الريادي في نهوضه على جميع المستويات، وخاصة إزاء انتشار العنف والانتهاكات العديدة التي تتعرض لها في ظل الظروف التي تعيشها سورية حالياً.

أيضاً ما فائدة مناداتنا بالالتزام بمبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بشؤون النساء إن كنا نتحفظ على مواد في اتفاقيات عديدة صادقنا عليها. إن أي حركة إصلاح سياسي أو اجتماعي لا تركز ضمن أهدافها على إصلاح وضع المرأة لا يمكن أن ينتظر منها النجاح في تحقيق أحلام الشعوب بالتقدم، فالمجتمع حين يمارس هيمنته على المرأة تصبح ضحية صمت بشري ومجتمعي، ففي كل شارع وحارة وبيت أنين صامت لنساء يرتجفن في العتمة وخلف الستار، وهنَّ يبحثن عن نافذة أمل يتسرب ليعيد إليهن كرامتهن التي سلبها زوج أو أب أو نسيب، أضف إلى كل ذلك أن العنف لن ينتهي من الكون ما دام فيه من يعاني فقدان العدالة الاجتماعية وحقوق المواطنة. إن العنف ضد النساء والفتيات واحد من انتهاكات حقوق الإنسان الذي تتطلب مواجهته الحد منه بشكل منهجي، وفق خطوات فاعلة وإصرار على القضاء عليه، وذلك عن طريق تضافر الجهود للوقوف في وجه السياسات والأصوات التي تكبل المرأة، والعمل على إزالة العقبات وجميع أشكال الاستغلال والعنف والتمييز وعدم تكافؤ الفرص التي تعيق تطور المرأة السورية وتقدمها وقدرتها على توسيع دورها ومشاركتها في جميع الميادين، والتأكيد على ممارسة المواطنة التي تحقق المساواة الكاملة وتنفي أي تمييز بين السوريين بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.

لماذا 25 تشرين الثاني؟

حددت الأمم المتحدة يوم الخامس والعشرين من تشرين الثاني للاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة بهدف نشر ثقافة القضاء على العنف تجاه المرأة، واختير هذا التاريخ لارتباطه بحادثة اغتيال وقعت في جمهورية الدومنيكان، حيث اغتيلت الأخوات الثلاث ميرابيل عام 1960 بأمر من الدكتاتور رافائيل تروخيلو، وأصبحن لاحقاً معلماً من معالم الحرية في الدومنيكان والعالم.