حافة الإنطلاق



يوسف عودة
2013 / 12 / 30


كثيرة هي الأعمال والأدوار النمطية التي يقوم بها الإنسان سواء ذكراً أم أنثى، أعمال مكرره تشبه إلى حدٍ بعيد بعضها البعض، إدوار وأعمال روتينية لا جديد فيها ولا حياة، ليس فيها نبض الحياة المتجدد كالقلب في ضخه الدم عبر الأوردة والشرايين، أعمال لا مرنه ولا صلبه، عادية لا تحمل في طياتها أي نية للتجدد والسير للأمام، تتوه في أروقتها وأنت تقف مكانك، تقليدي، روتيني، نمطي حتى في تفكيرك... الخ، من هذه التسميات والمسميات التي تنطبق على معظمنا، فقط لأننا لسنا على استعداد لعمل أي تغيير جذري يقلب حياتنا رأساً على عقب، لسنا مستعدين أصلاً للمجازفة عن أي طريق ممكن أن توصلنا إلى بر الأمان، أو حتى إلى تحقيق ولو جزء يسير من طموحاتنا وأحلامنا.

هكذا نحن لا تغيير فينا يُذكر، راضين بحياتنا أمتثالاً لمقولة "اللي بيرضى بعيش"، أي وكأن العالم برمته من حولنا راضيٍ، لذا فهو عايش، متناسين بعد المسافات فيما بيننا التي تطول وتطول في كافة المجالات، تقدم وإزدهار مقابل تخلف وإندثار، صدق في المعاملات مقابل تسويف حتى في أبسط الأمور، بتنا أُناس خانعين لسنا من محبي التحليق في فضاءات النمو والتقدم والإزدهار، أناس نمطين، تقليديين، لا نبذل أي جهد في سبيل التغيير حتى لو كان بدايةً بأنفسنا ومن ثم الأقرب والأقرب وصولاً إلى المجتمع بأكمله.

والملاحظ في حياتنا، مع ما نصفه نحن تطور وتقدم على كافة الأصعدة، ومع تقدم المرأة ومشاركتها للرجل في جميع مناحي الحياة، بعد أن كانت رهن تقاليد وعادات لا تمت لديننا الحنيف بشيء، نلاحظ أن نهجنا كما هو يخلو من أي تغيير لا نمطي، نهج بالي عفا عليه الزمن، حتى المرأة في مجتمعنا ورغم تحررها من هذه العادات والتقاليد، ورغم تقدمها في كافة المجالات إلا أنها نهجت نفس نهج أبناء جلدتها من الذكور، نهج نمطي ولعل هذا يعتبر السبب الرئيس في أن نسبة وصولها إلى لحظة الإبداع في أي مجال كان، نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر.

لذا فإننا ومن هنا، نقول أننا بحاجة فعلية لتغيير جذري في حياتنا، بحاجة لإدوار وأعمال لم نعهدها من قبل، أدوار تساهم في بلوغنا قمة النجاح، أدوار لا روتينية ولا نمطية، حتى ولا تستند إلى كياستنا في شيء، أدوار تعتمد على التفكير والتفكير المجرد، بعيدا عما يثير القلق من حولنا، يجب أن نركز نحو الهدف، بعيون مفتوحة متحمسة للمجازفة، متحمسة لبلوغ القمة، لا عيون هزيلة، لا تكلف نفسها حتى عناء النظر لما يزيد عن الكيلو متر الواحد.

يجب أن نسير جمعيا نحو الحافة، حافة الإنطلاق، وأن نأخذ نفساً عميق ومن ثم نقفز، نقفز في عالم البحث عما هو غير مألوف ونمطي، أن نبحث عن الجديد، والجديد فقط، عن التجدد الذي يأخذنا إلى الرقي والتقدم، الذي يساعدنا على أن نُنمي أنفسنا وأن نعودها على الإبداع، وخلق المعجزات، أن نعودها على تغيير السلبيات وتحدي المعيقات، أملاً بتحقيق الذات، وجب علينا جميعاً أن نجرب لا أن نقف مكتوفي الأيدي، أن نجازف علنا نبلغ الهدف، فلنحاول فإن أحسنا فلنا، وإن أسأنا وخُذلنا فيكفينا شرف المحاولة.