يوميات مواطنة/ انثى



ايفان الدراجي
2014 / 1 / 12

(ام مكسورة القلب)

في حفل توقيع كتابيّ، وبالتحديد كتاب "خمسٌ وسبعون امرأة الهمت وغيّرت العالم"؛ تحدثت عن السبب الذي دفعني لكتابة هذا الكتاب. اخبرت الحضور ان صديقة مقربة لي هي من دفعتني لكتابته. كانت جميلة، خريجة وموظفة تزوجت في الـ 25 من العمر من رجل يشغل مكانه ما في الدولة وأصبح لهما ابنة. كان يعاملها بسوء وعنف كأي مجرم يخضع عنده للتحقيق، قاسٍ، فضّ، يشك بها كثيرا بينما يعاشر هو ما هب ودب ومن النساء. يضربها ويعاملها كخادمه وحين يأتي الليل يرفع شعار "بالنهار تحت عصاتي وبالليل تحت عباتي" ويا ويلها اذا رفضت رغبته. ينهش ما شاء ليطفأ ظمأه ويعطيها ظهره نائما خائرا كثور.
أهلها مسالمون جدا، بين قوسين يخافونه، فلا يجدون لها حلّا كلما لجأت لهم.. كان يهددها بان يحرمها من ابنتها التي تبلغ من العمر السنة والنصف ان فكرت بان تثير له المتاعب.. حتى جاء اليوم الذي جنّ فيها عليها ونفذ تهديده وخبأ الصغيرة عند اخته في احد المحافظات الأخرى دون علم زوجته التي توسلته راكعه ان يعيدها اليها.. فما ان انهال عليها ضربا و(سحلها) من شعرها الى بيت أهلها وطلقها.
اخذ يساومها على حقوقها بالصغيرة. خاف الاهل ان يوصلوا الاهل الى المحاكم لهذا لجأوا الى الطريقة العشائرية لحل الامر. فقُرر ان يتم التناوب على حضانة الصغيرة شهرا عنده وشهرا عندها.. كانت صديقتي تصاب بالاكتئاب في الشهر الذي تبتعد فيه ابنتها عنها، وحين تعود الصغيرة لحضنها كانت تعود مريضة مصابة بكدمات بسبب الاذلال والمعاملة السيئة.
توعدها زوجها بانها ستزحف اليه متوسله وتخضع له مجددا. لم تنفع كل محاولاتي معها لمساعدتها ولم تصغٍ لي؛ هذه المتعلمة المستقلة ماديا، وما كانت الا بضعة شهور حتى عادت اليه مُنكسرة كما توعدها.
حين انتهى حفل توقيع كتابيّ، طلبت امرأة التحدث اليّ، اخبرتني بان لها ابنة تتطابق قصتها مع قصة تلك الفتاة التي سردتها قبل قليل... ابنتها (آمال) التي ودّعت أمها قائلة بانها ستريح نفسها وتريح زوجها.. ثم انتحرت بعد ذلك وماتت طبعا.
حرقة الام وبكاءها حطم قلبي واشعل بداخلي الف فتيل كي اواصل ما اسير على نهجه.. اخذتها بحضني وحاولت مواساتها عبثا ببضعة كلمات، طلبت الي ان انشر قصة ابنتها كي لا تتعرض فتة أخرى لمثل هذا المصير. اخبرتها باننا موجودون لهذا السبب، نكتب ونرفع اصواتنا عسى ان يصل الى فتيات ونساء مثل ابنتك وصديقتي كي لا يأخذهن اليأس او يشعرن انهن لوحدهن بهذا العالم الذي يقف ضدّهن...
كتابي تحدث عن نساء على صعيد العالم عانين أسوأ مما نتصور من ظروف لكنهن تحدينها وغيّرن من واقعهن وصرن بهذا الهاما للبشرية والاجيال بعدهن. فبماذا تختلفن عنهن أنتن؟ لا تغيري العالم بل انهضي بذاتك ولا تصابي بالعجز والخوف او اليأس، يمكنك ان تحاربي بما تملكين من أدوات مهما كانت لتحققي ولو جزءا يسيرا من حياة يتخللها الفرح وراحة البال.