وضع النساء في مصر على ضوء تقرير البنك الدولي



عائشة خليل
2014 / 1 / 13

بعد تقرير مؤسسة طومسون رويترز الذي صدر أواخر العام الماضي وأشار إلى تدني وضع النساء في مصر مقارنة بالنساء في البلدان العربية الأخرى، أصدر البنك الدولي تقريره السنوي عن وضع النساء في العالم فيما يتعلق بقوانين العمل.

اهتم تقرير البنك بمؤشرات هامة تدلل على مدى ملائمة المناخ القانوني لمزاولة النساء للأعمال المختلفة، وكان من ضمن هذه المؤشرات المدة القانونية المتاحة كإجازة مدفوعة الأجر للأم بعد ولادة طفلها، وكذا الإجازة مدفوعة الأجر للأب بعد ولادة طفله، والنسبة بين الإجازتين؛ والقوانين التي تمنع أصحاب الأعمال من الاستغناء عن خدمات المرأة الحامل؛ والحصة القانونية للنساء في مجالس إدارة الشركات، أو البرلمانات، أو الحكومات المحلية؛ والقوانين التي تمنع الممارسات التمييزية أثناء التعيين. وجاءت تونس، والجزائر والمغرب في منتصف القائمة بينما جاءت بقية المجموعة العربية في ذيل القائمة، أولا الضفة الغربية وغزة ثم مصر، التي تبعتها باقي الدول العربية. وقد خص التقرير مصر بالذكر فيما سماه التقرير بالتطور السلبي في الآونة الأخيرة بالنسبة للمناخ القانوني، حيث رفعت المواد الدستورية التي تحصن عدم التمييز ضد النوع الاجتماعي مما يفتح المجال للسؤال عن العلاقة بين القوانين ووضعية المرأة في المجتمع المصري. خاصة أن القوانين المصرية في الآونة الأخيرة قللت من فرص المرأة في الحصول على اعتماد ائتماني. حيث وردت مصر في هذه القائمة مع دولة عربية أخرى هي الجزائر وبعض بلدان دول الجنوب مثل أنغولا، وغانا وكامبوديا.

ونظر التقرير أيضًا لبعض القوانين التي تحد من حركة المرأة المتزوجة مقارنة بالرجل المتزوج، ووجدت أن هناك فروقات بينهما في معظم البلدان العربية بالنسبة لمؤشرات مثل: من يترأس الأسرة؛ ومن يحدد مكان إقامة الأسرة؛ والحق في منح الجنسية للأطفال؛ وإمكانية الحصول على عمل وإمكانية السفر إلى الخارج بدون موافقة الطرف الآخر؛ والحق في الحصول على بطاقة هوية أو جواز سفر كما هو الحال في مصر. ولم تقع أية من البلاد العربية تحت مؤشرات: فتح حساب بنكي، أو تسجيل شركة، أو التوقيع على عقود، وهي المؤشرات التي لوحظ بعضها في الكونغو، والنيجر، وباكستان.

كما لاحظ التقرير أن 19 دولة من أصل 123 دولة تم إدراجها في التقرير لديها محكمة دستورية عليا (أو هيئة تقوم مقام المحكمة الدستورية العليا) ليس بها أية سيدة. ومن ضمن تلك الدول سبع دول عربية هي مصر، والأردن، والكويت، ولبنان، وموريتانيا، والإمارات واليمن.

وخلص التقرير إلى العلاقة الوثيقة بين القوانين المنظمة للعمل أو الحقوق (التي قد تبدو لنا للوهلة الأولى "حقوق شخصية") ولكنها قد تؤثر سلبًا على قدرة المرأة في مزاولة نشاط اقتصادي فاعل داخل المجتمع. ونبه التقرير إلى السوابق التاريخية التي تؤشر إلى العلاقة الوثيقة بين القوانين وتطور الاقتصاد. فذكر أن الإصلاحات القانونية بالولايات المتحدة الأمريكية في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، والتي منحت المرأة حقوق تملك الأراضي والدخول في معاملات تجارية كان لها تأثير إيجابي على المرأة حيث دفع بالمزيد من الفتيات إلى التعليم، مما كان له مردود إيجابي على الاقتصاد الأمريكي بشكل عام.

وبعد، فإنه من خلال قراءة هذا التقرير نجد أن وضع المرأة العربية متدنٍ للغاية بالنسبة لمثيلاتها في دول الجنوب، معظم دول أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا، وقد تسبق في بعض المجالات النساء في بلدان تعاني من مشاكل مزمنة مثل الكونغو والنيجر. والملاحظ أن بلدان الشمال (مثل أمريكا) لم تحصل فيها النساء على حقوق اقتصادية إلا منذ قرن أو قرنين من الزمان، بينما نساء العرب يملكن تلك الحقوق منذ عدة قرون. وبالرغم من ذلك تتأخر وضعية النساء في البلدان العربية نظرًا للتمييز الذي يفرضه التفسير الذكوري لتلك القوانين، وغياب النساء عن مواضع صنع القرار واستنان القوانين.