حوار العيون الحلقة الثانية



الرفيق طه
2014 / 1 / 19


وهو يرتب اوراقه الشخصية من اجل الذهاب للسفارة للحصول على فيزا ، يسقط نظره على ورقة كتب عليها " حتى لا اضيع الكثير من وقتك هذا هاتفي و عنواني ...." . بلهفة شديدة تلقف الورقة و اعاد قراءتها ، قبلها بشفتيه و وضعها على صدره . توجه بنظره لخارج الغرفة عبر نوافذها المطلة على البحر . عيناه على المحيط الاطلسي و هو يعيد شريط اللحظات التي عاشها في الوكالة التجارية و التي لم يتبقى منها اي شيء ملموس سوى هذه الورقة ، الوثيقة ،. اعاد الشريط لحظة بلحظة ، قلبه يخفق ، يشعر بالفرح و الخوف و بالرغبة و الحرج .
جلب هاتفه من جيب قميصه و ركب الرقم المكتوب على الورقة ، لمس الاشارة الخضراء و سرعان ما قطع الخط بلمسه للاشارة الحمراء . تكرر ربط الاتصال و قطعه لمرات عديدة . يتردد في اجراء المكالمة و التراجع عنها .
تغلبت عنده الرغبة في اكتشاف ما بعد المكالمة ، و ترك الخط يتواصل ، لم يقطعه هذه المرة ، قلبه يخفق و يشعر به يصل الى حلقومه ، يسمع حركات تنفسه . تركيزه و جوارحه كلها توحدت عند اذنه اليمنى التي يضع عليها سماعة هاتفه . و كانها لحظة الحسم في الصراط ، ينتظر من سيجيب على الهاتف ، ماذا سيكون رده ، ماذا لو كان رجلا على الخط او الرقم خاطىءا .... كل الاحتمالات استحضرها احمد في اقل من ثانية .
رنات قليلة و سمع الخط يفتح ، فقد الاحساس بذاته كاملة الا باذنه اليمنى التي اصبحت وحدها تربطه بالعالم . العالم في هذه اللحيظات يختزل لديه في ما سياتي من السماعة .
كلمة " الو " مزقت الصمت من حوله . صوت انثوي رخيم ، رقته و طريقة نطق حروف الكلمة الثلاث جعلت صاحبنا كمن صب عليع كوب ماء من فوق فجاة . اجاب بلا تردد و لا تفكير " الو "
قالت :
- بمن تشرفت ؟
، اجابته بهدوء و ارتياح .
قال :
- حصلت منك على هذا الرقم بالوكالة التجارية .
-نعم نعم (، قاطعته )،
-تاخرت كثيرا ، انتظرت مكالمتك ، لا باس بعد شهرين تذكرتني و اعدت الربط .
قال:
- لا لا ، فقط هي ظروف لم تسمح لي ، (اجابها متلعثما و مترددا) .
- المهم كيف حالك الان
اجاب :
- جيد جدا ،، و انت
في احسن الاحوال و اتصالك هذا زاد الخير فضلا .
بدا احمد يعيد لياقته و بدات بحة صوته و تلعثم كلماته تخف من الحرج .
اين انت الان ؟؟
- في غرفتي بالبيت
جيد ، هل بامكانك ان نلتق غدا ؟؟
قال :
نعم ، و بفرح ،
قالت :
- على الساعة الثالثة بعد الزوال بفندق النجوم العالية .(ارقى الفنادق في هذه المدين الراقية ) .
اجاب :
- اتفقنا .
تبادل الاثنين التحية و الوداع و انقطع الصوت من الهاتف و وضع احمد الجهاز على الطاوولة و اتكاً مسترخيا .... يفكر في ما دار بينه و بين السيدة المنقبة عبر الهاتف . .