تتزوجها؟؟



زين اليوسف
2014 / 2 / 4

سؤالٌ صعب؟؟..لا أعتقد ذلك بل أجده السهولة بعينها و لكنك قد تخشى الإجابة عليه صادقاً لأنه سيُعريك كثيراً أمام نفسك أو سيفعل ذلك أمام الآخرين و هو الأسوء..و حينها لن تظل بالروعة التي تعتقدها مُخطئاً في ذاتك..و كلنا نحب أن نرى أنفسنا بالحد الأدنى من الروعة الكاذبة على الأقل حتى نتمكن من التعايش مع أنفسنا حتى النهاية..تسألني من هي؟؟..آسفة لقد بدأت بالنهاية عوضاً عن البداية..لا بأس سأقوم بإرجاع الشريط عدة خطوات للخلف و لنبدأ من جديد..هل نبدأ؟؟.

في اليمن في عام 2012 أعلنت وزارة داخليتنا -العاطلة عن العمل حتى إشعارٍ آخر لا يأتي- أن عدد الفتيات اللواتي تعرضن للاغتصاب هو 135 فتاة..و من معرفتي بالمجتمع اليمني "المُتدين بطبعه" أؤمن أن العدد أكبر من ذلك بكثير..فهذا فقط عدد اللواتي تجرأن على الإبلاغ عما حدث لهن و لكن ماذا عن من التزمن الصمت خوفاً من مجتمعٍ يمتهن إطلاق الأحكام حتى و إن كانت تجاه الضحية؟؟.

المجرى الغير طبيعي للأمور هنا هو أن يتم القبض على الجاني..و حتى لو تحقق هذا الأمر بمعجزةٍ ما يتم على الأغلب فقط شد أذنه اليسرى دون اليمنى لتنتهي هنا وظيفة الجميع..و لتبدأ معاناةٌ من نوعٍ آخر..فالضحية سيتم جلدها يومياً و حتى تنتهي مدة بقائها في هذه الحياة و حتى بعد الموت لا أعتقد أن المجتمع سيكف عن جلدها.

مما سيجعلها -أي الضحية- تتمنى لو كانت التزمت الصمت أو في أفضل الأحوال لو كان الله خلقها في موضع الجلاد..لأن مجتمعنا الغير فاضل يتعامل مع الجاني بقانونٍ متسامحٍ جداً و قد يغفر له يوماً ما قام به في الماضي..فهو مجتمعٌ مؤمن تقي و باب التوبة الزائف مفتوح للجميع فمن نكون نحن لكي نغلقه في وجوه التائبين!!.

سيخبرني البعض أن الضحية لم تتحطم حياتها تماماً..فلو تجاوزنا عن الأذى النفسي الذي يمكن تجاوزه بكل "سهولة" فقد تجد من "يقبل" بالارتباط بها يوماً ما..لاحظوا "يقبل" و كأنه يتفضَّل عليها بأمرٍ ما..و السبب لأنه سيضحي و يرتبط بمن لا تملك غشاءاً لا قيمة له سوى أنه يمنح ذكورنا وهم "الأول" المُقدس لديهم..وهم أنهم سبقوا شخصاً ما في الوصول إلى أنثى ما.

هل تتزوجها؟؟..سؤال أكاد أجزم أن إجابة 95% من ذكورنا الأعزاء ستكون "نعم سأفعل" و لكن لو أتينا للواقع سنجد ما يلي..الفئة الأولى قد ترتبط بها لأنها بالنسبة إليها ستكون كنزٌ يندر الحصول عليه هذه الأيام و الأحمق فقط هو من يقف مُتردداً أمام هذه الكنز و لا يُقدم على الحصول عليه..فأن ترتبط بامرأةٍ تعلم سلفاً أنها ستكون عبدتك للأبد فتلك فرصةٌ ذهبية..أن ترتبط بامرأةٍ تعلم علم اليقين أنك ستتمكن دوماً و ربما أبداً من إذلالها دون أي رد من قبلها فتلك سلطةٌ مرعبة و لها لذةٌ تُسكر العقول قبل القلوب و قلةٌ هم من يتمكنوا من مقاومتها.

و الفئة الثانية قد تفعل لأنها وجدت سلعةً شبه مجانية..فمن سيتحدث معه عن المهر و تكاليف الزفاف و هو الذي منَّ عليها بالارتباط بها ليمنحها "سِتراً" لا قيمة له؟؟..هنا يصبح الأمر أشبه بالصفقة الغير مُعلنة و التي تنص على "امنحيني جسدك بالمجان و سأمنحك فرصةً لم تكوني تحلمين بها و من خلالها سيقبلك المجتمع مجدداً".

أما الفئة الثالثة فهي التي ستجد في ذلك الأمر فرصةً لممارسة التعدد بأقل سعرٍ ممكن و بأقل فرصةٍ ممكنة لمجابهة الرفض من قبل الطرف الآخر..فهنا سيتمكن الذكر من إملاء قوانينه و شروطه كما لم يفعل من قبل..هنا سيتمكن من سلب الآخر أكثر من عذريةٍ سُلبت سلفاً..فقد يمنعها من الإنجاب و قد لا يمنحها أي من حقوقها الإنسانية أو الزوجية و كل ذلك مقابل الارتباط الذي لا يختلف كثيراً بالنسبة إليَّ عن ممارسة الدعارة و لكن بعقدٍ شرعي و برعايةٍ لا إلهية.

مجتمعنا قاسٍ جداً عندما يتعلق الأمر بفتاةٍ فقدت عذريتها طوعاً أو كُرهاً و لكنه رحيمٌ جداً تجاه من أفقدها إياها!!..فيمنحه كل شيء إبتداءاً بالأعذار و إنتهاءاً بمغفرةٍ عرضها السماوات و الأرض..و إن سألتهم لماذا هذا التناقض الذي هم فيه غارقون؟؟..يخبرونك بكل بساطةٍ أن هذا ما وجدنا عليه آباؤنا الأولين!!.

يا إلهي كم يُقززني هذا المجتمع..لا يفعلها بكمية الأخلاق التي يدعيها و لا بالدين المُبتذل الذي يخبرني مُستميتاً و بشكلٍ يومي أنه يؤمن به..و لكن بكمية تصديقه لجميع تلك الأكاذيب التي ينسجها حول نفسه فقط لكي يستطيع أن يتحمل مقدار وضاعته دون أن يموت يوماً من شدة وطأتها على روحٍ فقدها منذ عقود دون أن يعلم أو لعله يعلم.