نشرة غير دورية عن *شفت تحرش* تضغط على إصدار قانون يُجرِّم التحرش بكافة درجاته



إيرينى سمير حكيم
2014 / 2 / 12

للأسف علَّمنا المجتمع تحمُّل الألم فى الاتجاه الخاطئ من الصبر، مع توظيف خبيث لطاقة الاحتمال لدى كل منا عن جهل وعن قصد، حتى لا تخرج صرخاتنا إلى النور ولا نجد علاج حق يكشف عن أزمة المرض ومدى وقاحة توغله فينا، وإحدى تلك الأمراض هو مرض التحرش الذى عفِّن فى مجتمعنا وعفَّنه بسكوت عنه من جانى ومشاهد، فلم يكن من الصارخات القليلات سوى صوت لم يعتبر سوى صدى لصرخات أخرى تائهة وضالة وسط المزيد والمزيد من الصراخ المتعدد الأسباب فى مجتمعنا، وبعد رحلة من معاناة بكماء لسنوات خرجت العديد من المبادرات والحملات، والتى ساهم فى أنجحها التكنولوجيا وخاصة موقع الفيسبوك لتكون المكبر الذى يعلّى صوت الضحية فى الاستغاثة، ويدعم متشاركى الألم فى الخروج من الأزمة النفسية ومواجهتها واقعيا، ومن تلك الصفحات صفحة ثورة البنات ومبادرة ضد التحرش ومبارده شفت تحرش، وغيرهم العديد من الصفح التى تتحدث عن مآسى النساء عموما ومواجهة مرض التحرش والساكتون عنه خصوصا، وقد قامت كل من تلك الصفحات بتسليط الضوء على حوادث التحرش التى تعرضت لها النساء لمساعدتهن من الخروج من دوائر الخوف والصمت.

وقد أعلن مؤخرا مسئولى مبادرة " شُفت تحرش" عن قيامهم بالعمل على إعداد نشرة غير دورية، تنشر فيها شهادات النساء والفتيات وتجاربهن الإيجابية فى مواجهة جرائم التحرش الجنسى والتصدى للمتحرشين.

أهداف النشرة

ذكر مسئولى المبادرة أن تلك النشرة تهدف إلى نقل خبرات النساء والفتيات لبعضهن البعض، فى كيفية التصدى ومكافحة جرائم التحرش الجنسى اللاتى يتعرضن له، بالإضافة إلى جذب انتباه صناع السياسات ومتخذى القرار فى الدولة إلى ما تعانيه النساء والفتيات فى مصر من ارتفاع لمعدلات جرائم العنف الجنسى الواقع عليهن، كذلك سيكون لنشر صور ووقائع إيجابيه عن النساء والفتيات، عامل لتشجيع الأخريات على مقاومة جرائم التحرش اللاتى يتعرضن له، كما ستحقق مساعدة وسائل الإعلام المتخلفة فى نقل صورة صحيحة حول ما تتعرض لهن النساء والفتيات من انتهاكات واعتداءات عن طريق توفير وقائع ومعلومات حقيقة.

وأكد مسئوليها عن دعوتهم لكتابة النساء لشهاداتهن عن التحرش الجنسي والاعتداءات التي سبق حدوثها لكن أو شاهدوها في وسائل المواصلات أو اي أماكن أخرى، كذلك أكدوا على سرية بيانات ومعلومات صاحبات الشهادات، وحمايتهن من عدم الإفصاح عن بياناتهن مطلقاً، وأشاروا إلى أن التواصل معهم عبر الخط الساخن 01150118822.

عن مبادرة "شُفت تحرّش" والقائمون عليها

هم كما عرفوا أنفسهم مجموعة من النساء والرجال من مختلف الأعمار والمهن, والتخصصات، والمناطق الجغرافية، يعملون بشكل تطوعي من أجل مناهضة جرائم التحرش الجنسي التي تستهدف النساء والفتيات.

وهم يكافحون فى مهمتهم كمجموعة ضغط تعمل على رصد وتوثيق ومكافحة جرائم التحرش الجنسي ضد النساء والفتيات، وتوفير الدعم القانوني والنفسي لكل من تتعرض للاعتداء أو العنف البدنى في الأماكن العامة.

أما عن النشأة والتأسيس فقد ترتب ذلك على أثر تزايد ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، حيث قد اجتمعت عدة منظمات ومبادرات مصرية غير حكومية (حقوقية / نسويه)، ووجدوا أن ظاهرة التحرش تحتاج إلى حلول جديدة غير تقليدية، واتفقوا على خلق جماعة تطوعية مستقلة تملك ذاتية القرار، ويعهد لها بابتكار حلول لمكافحة التحرش الجنسي وتنفيذ هذه الحلول على أرض الواقع، ومن هذه البذرة نبتت فكرة "شُفت تحرّش"، وتم تدشين المجموعة في عيد الأضحى الموافق أكتوبر 2012، ومن وقتها وحتى تاريخ قراءتك لهذه السطور فالمجموعة تتزايد كعدد وتتطور كآليات عمل.

ويسعوا فى رؤيتهم لخلق مجتمع خالٍ من التحرّش الجنسي، ويثابرون فى تنفيذ رسالتهم بتقديم التوعية، ونشر ثقافة المساواة، ومناهضة العنف ضد المرأة ، وبخاصة جرائم العنف الجنسى.

وأشاروا إلى أن العمل التطوعي هو أساس العمل داخل آليات وهياكل المبادرة كاملة، فالمتطوعات والمتطوعون بالمبادرة هم المسئولون بشكل كامل عن وضع خطط العمل، واتخاذ القرارات، وصياغة البيانات الإعلامية، وكذلك تمثيل المبادرة في اللقاءات المحلية والإقليمية والدولية.

وقد حصلت المبادرة على لقب " المحارب المصرى ضد الفساد "عن عام 2013 مناصفةً مع قوة ضد التحرش، وذلك مِن قِبَل منظمة مصريون ضد الفساد، نظراً لما قدمته المبادرتين من إسهامات فى مناهضة كافة أشكال العنف الجنسى ضد النساء والفتيات فى مصر.

وصف جرائم التحرش الجنسى:

كما وصف القائمون على المبادرة اعتبارهم لوصف كافة جرائم التحرش الجنسى، أنها تعتبر بداية من النظرة المتفحصة لجسد الإناث، والإيحاءات الجنسية، والإشارات التى تحمل معانى غير مقبولة، ومحاولة لمس الأجساد عنوه، واستهداف أجساد الإناث بغية إرهابهن، كل الصور التى تعد تهديداً للنساء والفتيات فى الأماكن العامة أو الخاصة هى جريمة ضد الإنسانية.

قيام المبادرة بعدة حملات وفعاليات، منها:

تقوم المبادرة بعمل العديد من الحملات والفعاليات التى تنشر الوعى فى الشارع ضد التحرش، وامثلة علها ما قامت به المبادرة من تدشين حملة توعية بمخاطر التحرش الجنسى، وكيفية التصدى له فى معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام، وذلك بقيام بسلسلة بشرية من العضوات والأعضاء يحملون رسومات كاريكاتير، وعبارات مناهضة لجرائم التحرش جابت أرض المعارض، ومن بعدها تم عمل مجموعة من الجولات التوعوية داخل أروقه المعرض لتعريف المتواجدين بالمبادرة وأهدافها، وكذلك مخاطر جرائم العنف الجنسى الواقع على النساء والفتيات فى مصر وكيفية التصدى لهذه الجرائم.

فعالية "من أجل تحقيق الأمن والأمان للنساء والفتيات فى مصر" والتى كانت فى مركز القوصية محافظة أسيوط، والتى كان الهدف منها هو تجميع نساء وفتيات يتحدثن عن التحرش الجنسى الجماعى، والإرهاب الجنسى وما يحدث لهن من انتهاكات.
كما تعمل المبادرة على تنفيذ فعالية "أتوبيس بلا تحرش"، ويجوبون فيها موقف أتوبيسات عبد المنعم رياض، ويعملون على تقديم التوعية للنساء والفتيات، ويتحدثون مع الرجال والشباب حول مخاطر جرائم العنف الجنسى، وفى نهاية الفاعلية سيتم عمل سلسلة بشرية ضد التحرش.

مخاطبات للسيد الرئيس فى انتظار الرد

فى يناير من هذا العام جددت المبادرة دعوتها إلى السيد رئيس الجمهورية / عدلى منصور بضرورة استصدار قانون عاجل يجرم كافة أشكال العنف الجسدى الواقع على النساء والفتيات فى مصر، وذلك كرد فعل مباشر لحادث مقتل الشاب إبرام عونى والذى قُتِل لأنه واجه متحرشين، وقد نعت المبادرة ببالغ الحزن والأسى أسرة الشاب إبرام البالغ من العمر 24 عام، والذى لقى مصرعه يوم الجمعة الموافق 10 من يناير عقب إصابته بطلق نارى من أحد المتحرشين.
تعود تفاصيل الواقعة إلى قيام ثلاث شباب يستقلون دراجة نارية بمعاكسة فتيات من قرية مسارة التابعة لمركز ديروط بمحافظة أسيوط، وقد تدخل بعضً من أهالى القرية وواجهوا المتحرشين، وقاموا بأخذ دراجتهم النارية كنوعاً من العقاب المجتمعى على ما قاموا به من تحرش ببنات تلك القرية، وهو الأمر الذى أدى بالمتحرشين إلى إطلاق أعيره ناريه تجاه أهالى القرية مما أسفر عن سقوط الشاب "إبرام عونى" قتيلاً فور وصلوه إلى المستشفى.
كما أرسلت المبادرة رسالة إلى السيد رئيس الجمهورية، مسلطة الضوء على ما تعانيه السيدات من مضايقات تواجهها من قبل المتحرشين في محطات المترو، مطالبة بتنفيذ إجراءات صارمة تعمل على حمايتهن وتوفير الأمان والأمن لهن، ونصَّت الرسالة على ما يلى:

إلى السيد المستشار / عدلي منصور رئيس جمهورية مصر العربية
تحية طيبة وبعد ...،،
فى ظل الأوضاع الراهنة التي تمر بها البلاد، وفى محاولة لتوفير الأمن لعموم المواطنين فى مصر حاولت الجهات المعنية، ومؤسسات الدولة، والوزارات المختلفة تدابير وقرارات عديدة من أجل تحسين الأوضاع الأمنية، وسعياً فى تحقيق أمن وسلم عموم المواطنين.
جاء قرار إغلاق محطة مترو أنفاق أنور السادات والكائنة أسفل محيط ميدان التحرير، إلى تكدس المواطنين والمواطنات من مستخدمي شبكة الأنفاق بالقاهرة فى محطة مترو الشهداء والكائنة أسفل محيط ميدان رمسيس، واضطرار المواطنين إلى تغيير القطارات والاتجاهات بين الخط الأول والثاني عبر محطة واحده بدلاً من محطتان، أدت إلى تعرض مئات النساء والفتيات إلى حالات تحرش جنسي بأنماط مختلفة متواترة بداية من التحرش اللفظي وصولاً إلى التحرش الجنسي الجماعي، واستهداف النساء والفتيات والتعدي عليهن بالسباب والضرب حتى داخل العربات المخصصة للنساء بالقطارات.
وقد ورد إلينا عشرات الشكاوى، والشهادات حول ما تتعرض لهن النساء والفتيات يومياً داخل أروقة محطة مترو الشهداء نتيجة هذا القرار الذى لم يكن فى صالح المواطنين، وها نحن نضع أمام سيادتكم إحدى الشهادات التي وردت إلينا:
شهادة نشرت بتاريخ 10 أكتوبر 2013 وجاء فيها: ( انا عايزة ابلغ عن حالات تحرش بتحصل ف محطة الشهداء انهاردة ركبت المترو من محطة البحوث لحد محطة الشهداء ولما وصلت المحطة حصل تدافع شديد عل الباب وبعد ما نزلنا لقينا زحمة غير طبيعية عل المحطة وكان ف صوات وزعيق بصوت عالى .. كان ف عسكرى واحد بس عل المحطة وكان ف شباب بتحاول تساعد البنات وعملين يحاولوا يشدوهم انا مكنتش لسه فاهمه ايه بيحصل لحد ما بدءت ايدين كتير تيجى عليا ومبقتش عرفة مين ولا مين ولا ازعق لا مين ولا احوش ايد مين ومش انا بس كل البنات كانت بالمنظر ده وكان ف تدافع لدرجة ان ف ناس وقعت عل القضبان وشوفت بنت وقعت عل الارض وواحد نزل عليها وهى واقعة ف الاخر انا واحدة مسكنا ف بعض و ف واحد حاول يساعدنا لحد ما وصلنا لاخر المحطة وفضلنا واقفين مكانا مش عارفين نتحرك والبنات كلها ف حالة انهيار تام ولما قدرنا نوصل للماكينات فوق كان ف امن واقف عليها ومكنش راضى يعدينا وحصل تدافع برضه لحد ما واحد من الركاب عدنا وواحد تاني من الامن فتحلنا ماكنة).
ونؤكد على أن ما قمنا بعرضه ما هو إلا جزء ضئيل مما تتعرض له النساء والفتيات فى وسائل المواصلات، وعموم الشوارع، والمدن والمحافظات المصرية.
وبناء على ما سبق تطالب مبادرة شُفت تحرش – I Saw Harassment المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية:
أولاً: إصدار التعليمات اللازم لإعادة فتح محطات مترو الأنفاق التي تم إغلاقها مؤخراً بشكل فورى وعاجل.
ثانياً: محاسبة المسئولين عن إغلاق محطة الشهداء، وفتح تحقيق فورى حول ما تعرضت له النساء والفتيات من انتهاكات وتعدى بسبب سوء الإدارة ، ولما أحدثوه من انتهاكات لحق عموم النساء والفتيات فى مواصلات آمنه.
ثالثاً: مراجعة وزارة النقل والمواصلات والوقوف على اتخاذ تدابير وآليات تحقق الأمن والسلم للنساء والفتيات فى كافة وسائل المواصلات العامة والخاصة.
رابعاً: يجب على السيد المستشار / عدلي منصور رئيس الجمهورية أن يطالب مجلس رئاسة الوزراء بضرورة إصدار قانون يجرم التحرش الجنسي الواقع على النساء والفتيات فى مصر، وأن تعمل مؤسسات الدولة على وضع آليات وتدابير وخطط فعالة تعمل على الحد من جرائم العنف الجنسي التي تستهدف النساء والفتيات فى عموم محافظات القطر المصري.

التحرش خطر لا يقل عن خطر الإرهاب

وأخيرا فإنه مما لا شك فيه أن نسبة كبيرة من الشعب المصرى بفئاتها المختلفة وعنصرى بشريتها، أصبحوا الآن يتوقون لتفعيل قوانين تحمى الإناث وتفعل الأمن فى المجتمع، وذلك بعد ما شهدته المحروسة من انتهاكات غير آدمية مستمرة واستغاثات لا مجيب لها على مر سنوات طويلة، جعلت من المرضى والمتفرغين يتوحشون أكثر وأكثر فى ظل هذا الصمت المُخزى، وجعل من تواروا عن حماية أنفسهن واحترام أنفسهم، أن يراجعوا مواقفهم وان يفكرن فى حقوقهن الإنسانية مرة أخرى، وها نحن نناشد سيادة الرئيس عدلى منصور مع مبادرة شفت تحرش ومع كل المبادرات التى تسعى فى تحقيق نفس الهدف، أن يتجاوب معها لينقذ مصر من خطر لا يقل عن خطر الإرهاب.