الاتفاقيات والإعلانات الدولية حول حقوق المرأة



قصي طارق
2014 / 2 / 16

على اثر شيوع مبدأ المساواة في الحقوق عالميا وفق ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان توالت قرارات الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة لتحسين أوضاع المرأة حيث اعتمدت عام 1952 أول صك قانوني يعالج على سبيل الحصر حقوق المرأة وهو ( اتفاقية الحقوق السياسية للمرأة ) وتنص هذه الاتفاقية على انه من حق المرأة ، أن تقوم بشروط مساوية للرجل ، بالتصويت في جميع الانتخابات ، وشغل المناصب العامة ، وممارسة جميع المهام العامة التي يحددها القانون الوطني. وفي عام 1957 اعتمدت الجمعية العامة ( اتفاقية جنسية المرأة المتزوجة ) والتي تنص على انه لا يمكن تغيير جنسية المرأة تلقائيا بإبرام عقد الزواج أو بإنهاء الزواج أو بتغيير جنسية الزوج أثناء الزواج. وفي عام 1960 كانت اتفاقية اليونسكو للقضاء على التمييز في التعليم واتفاقية تتعلق بمسائل العمل والتوظيف وبعدها أتت اتفاقية الرضا بالزواج والحد الأدنى لسن الزواج وتسجيل عقود الزواج لعام 1962 والتي كفلت حرية الاختيار بالزواج والقضاء على زواج الأطفال ونصت على ضرورة إنشاء سجل

لتدوين حالات الزواج. و تبنت الجمعية العامة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو ) عام 1979 والتي جاءت ثمرة لجهود بذلت على مدار ثلاثين عاما وأعمال قام بها مركز المرأة الذي أنشئ عام 1946 حيث صدر خلال تلك الفترة كما أشرنا العديد من الاتفاقيات والبيانات والإعلانات إلا أن أهمها على الإطلاق هذه الاتفاقية والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1981.
وتقر ديباجة الاتفاقية بذلك حيث جاء فيها : على انه بالرغم من الجهود المبذولة من أجل تقدم حقوق الإنسان ومساواة المرأة فإنه لا يزال هناك تمييز واسع النطاق ضدها ونعلن مجددا إن هذا التمييز يشكل انتهاكا لمبادئ المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان وعقبة أمام مشاركة النساء والرجال على قدم المساواة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لدولهن ويعيق نمو ورخاء المجتمع والأسرة. وهنا لابد من الإشارة إلا أن هذه الاتفاقية تتقدم على سائر الاتفاقيات التي ضمنت المساواة أمام القانون من حيث أنها تتخذ التدابير الهادفة إلى تحقيق المساواة الفعلية بين الرجال والنساء في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتلزم الدول بالعمل على تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية للسلوك فيما يتعلق بالجنسين. كما إنها تطالب بالمساواة على صعيد الحياة الخاصة والعامة وقد شملت كافة المجالات المتعلقة بقضايا المرأة و أهم ما في الاتفاقية أنها تناولت التمييز موضوعا محددا وعالجته بعمق وشمولية بهدف إحداث تغيير جذري وفعلي في أوضاع المرأة. وتتألف هذه الاتفاقية من ثلاثين مادة وتعطي المادة الأولى منها تعريفا شاملا لمعنى التمييز 0 ويشمل التمييز وفق هذه المادة أي تفرقة أو استعباد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويؤثر على تمتع النساء بحقوقهن أو يمنع المجتمع من الاعتراف بهذه الحقوق أو أي اختلاف بالمعاملة من شأنه أن يلحق بهن أي ضرر بقصد أو بغير قصد.
أما المادة الثانية فتدين جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتلزم الدول الأطراف بتجسيد المساواة في دساتيرها الوطنية وفي جميع القوانين واتخاذ التدابير التشريعية لحظر كل تمييز ضد المرأة واقرار الحماية القانونية للمرأة عن طريق المحاكم وإلغاء جميع أحكام قوانين العقوبات الوطنية التي تشكل تمييزا ضد المرأة.
أما المواد 3-4-5 فتنص على اتخاذ التدابير الإيجابية التي تضمن المساواة الفعلية في كافة الميادين وتضمن للمرأة ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية ولتعديل أنماط السلوك الاجتماعية والثقافية التي تكرس دونية المرأة أو تفوق أحد الجنسين أو تلك المبنية على الأدوار النمطية للرجل والمرأة، والمادة 6 حول اتخاذ التدابير لمكافحة الدعارة والاتجار بالنساء، والمادة 7و8 ركزت على القضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة على الصعيد الوطني والدولي، وتناولت المادة 9 حق النساء وأطفالهن بالتمتع بالجنسية حيث يكون للمرأة نفس الحقوق في اكتساب الجنسية أو تغييرها أو فقدها مثل الرجل ويجب آلا تجبر على تغيير جنسيتها إذا تزوجت من رجل أجنبي وأن يكون لها نفس الحقوق في منح جنسيتها لأطفالها أما المادة 10 فنصت على المساواة في التعليم والمادة 11 على ضمان المساواة في العمل والمادة 12 على المساواة في الحصول على الخدمات الصحية بما في ذلك الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة وتطالب المادة 13 بإلغاء التمييز ضد النساء في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتتناول المادة 14 التمييز ضد النساء الريفيات وتتضمن المادة 15 حق النساء بالمساواة أمام القانون في إبرام العقود وإدارة الممتلكات والمعاملة على قدم المساواة أمام المحاكم والتمتع بالأهلية القانونية 0 وتنص المادة 16 على ضرورة اتخاذ تدابير القضاء على التمييز ضد المرأة في الأمور المتعلقة بالزواج والأسرة ( نفس الحقوق في الزواج _ حرية اختيار الزوج _ نفس الحقوق أثناء عقد الزواج وفسخه _ نفس الحقوق المتعلقة بالأطفال: تقرير الإنجاب أو عدمه وعدد الأولاد والولاية والوصاية والتبني، حق اختيار اللقب العائلي والمهنة والوظيفة) أما المواد الباقية فتتعلق بآلية تطبيق الاتفاقية0 وتعتبر هذه الاتفاقية من الاتفاقيات الأكثر عضوية في الأمم المتحدة حيث انضمت حوالي 171 دولة منها 16 دولة عربية ( الأردن، الجزائر، جزر القمر، العراق، الكويت، المغرب، السعودية، تونس، لبنان، ليبيا، مصر، اليمن، جيبوتي، البحرين، موريتانيا، سوريا،) وقد تحفظت تلك الدول على المواد :2-7-9-15-16-29
وبعد هذه الاتفاقية جاءت اتفاقية حقوق الطفل CRC التي دخلت حيز التنفيذ عام 1990 والتي حظرت التمييز على أساس الجنس في مادتها الثانية حيث طالبت بحماية الطفلة من أي تمييز وأكدت على أهمية تعليم الإناث وعلى المساواة في المعاملة داخل العائلة.
تبنت هيئة الأمم المتحدة عام 1993 الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف صد المرأة وذلك لسد الثغرة الكبيرة في اتفاقية (سيداو ) التي لم تعالج قضية العنف ضد المرأة على الرغم من إنها من بين القضايا التي أقرتها مؤتمرات المرأة وحقوق الإنسان باعتبارها تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان لذلك سارعت لجنة القضاء على التمييز المنبثقة عن الاتفاقية لاتخاذ خطوات هامة فيما يتعلق بالتمييز على أساس الجنس وجعلته يشمل العنف القائم على أساس الجنس وأكدت اللجنة إن العنف الممارس ضد المرأة يشكل انتهاكا لما لها من حقوق إنسان والمعترف بها دوليا.