اول من استعمل تعبير «حقوق المرأة» ماري وولستون‌ كرافت



قصي طارق
2014 / 2 / 18

وذكرت في كتابها عن حقوق المرأة أن الأعراف والعادات أشد قسوة على المرأة من القوانين فهي تُدين - وتُعاقب - المرأة للحظة واحدة فقدت فيها طهارتها، رغم أن الرجال يظلّون محترمين بينما هم منغمسون في الرذيلة ..وربما صُدِم بعض القراء بإعلان ماري حق المرأة بالإحساس بالإشباع عند اللقاء الجنسي،
الجريئة ماري وولستون‌ كرافت (. 27أبريل 1759 - ت. 10 سبتمبر 1797)، كاتبة بريطانية من القرن الثامن عشر، فيلسوفة، ومناصرة لحقوق المرأة..لم يعرفن الخوف واللوم، وأصبحن رموزا واقعية للجميع، وخصوصا للنساء اللواتي لم يستطعن العيش في عالم تقليدي يعج بالشوفينية الرجولية. هذا تاريخ حركات مساواة المرأة بالرجل والدفاع عن حقوقها في وجوه معينة لمعت في ذاكرة التاريخ. المفكرة ميري فولستونكرافت زعيمة ومفكرة وهي أول شخصية في التاريخ استعملت تعبير «حقوق المرأة » كمصطلح سياسي على غرار المصطلح الجديد في ذلك الوقت والذي أطلقه الثوريون الفرنسيون وهو «حقوق الإنسان».
حصل ذلك في عام «1786» عندما حصلت ميري على شهرة واسعة في صفوف الراديكاليين الإنجليز كمعلمة ومربية أجيال وكاتبة لها أعمال كثيرة في الدفاع عن حقوق المرأة في التعليم، وأصدرت أشهر كتاب لها يحكي عن «الدفاع عن حقوق المرأة».
تعتبر الآن محتويات أول كتاب نظري ألفته هذه الزعيمة أساساً وقاعدة لكل حركات مساواة المرأة ويعتبر أيضا كتاباً بريئاً وبسيطاً في محتواه إذا ما قورن مع الكتب الحالية.
ميري برهنت في عملها هذا أن حقوق المرأة وحقوق الإنسان جزء واحد لا يتجزأ لكن في ذلك الوقت أثار هذا الكتاب فضيحة وجدلاً حاداً لما احتواه من كلمات مطلقة مثل «الكلمات اللطيفة، طيبة القلب، الذوق الرفيع، كلها كلمات مرادفة للضعف»- هكذا كتبت السيدة ميري مما أدى إلى انتقادها بشكل واسع من قبل أعدائها وأطلقوا عليها لقب « ضبع في تنورة». مع كل ذلك اشتهرت ميري من خلال مواقفها وخدماتها التي قدمتها إلى الحركة النسائية العالمية من أجل حقوق المرأة .
اشتهرت وولستون ‌كرافت بدفاعها عن حقوق المرأة، فقد كانت تقول أن النساء لسن أقل شأنا من الرجال، ولكنهن يبدون كذلك فقط لأنهن يفتقرن إلى التعليم. كما اقترحت وجوب معاملة كل من الرجل والمرأة على أنهما مخلوقان رشيدان، يصنعان نظام اجتماعي يقوم على العقل.
تعوّد معظم النساء البريطانيات على هذا الجوْر بحكم ما اعتدْنَ عليه، لكن الرياح الآن تهب من فرنسا الثورية، فدفعت بعض اللائي يعانين إلى الاحتجاج، وقد أحسَّت ماري ولستونكرافت بهذه الرياح فرفعت عقيرتها مطالبة بتحرير المرأة، وكانت مطالبتها من أقوى المطالبات التي شهدتها حركة تحرير المرأة.
كتبت عدة كتب من بينها دفاع عن حقوق المرأة الذي كتبته في سنة 2971 وهي في الثالثة والثلاثين من عمرها. وقد أهدت كتابها إلى م. تاليران - بيريجورد أسقف أوتون الراحل مع إشارة إلى أنه ما دامت الهيئة التأسيسية قد أعلنت حقوق الإنسان فهي ملزمة أخلاقيا بإعلان حقوق المرأة. وربما رغبة منها في تسهيل طريقها وتحقيق أهدافها تحدثت بنبرة أخلاقية عالية معترفة بولائها لبلادها وتمسكها بالفضيلة، وإيمانها بالله. ولم تتحدث إلاّ قليلاً عن حق النساء في التصويت لأن نظام التمثيل النيابي كله الآن في هذه البلاد ليس إلا أداة في يد الحكم الاستبدادي (حكم الفرد) فلا مجال لشكوى النساء لأنّهن معدودات كطبقة ذات عدد للعمل الشاق وكأنهن آلات، يدفعن لدعم الملكية عندما يصبحن قادرات بشق النفس على إسكات أصوات أطفالهن بحشوها خبزاً ومع هذا فإنني حقا أعتقد أنه من الضروري أن يمثل النساء في البرلمان بدلا من أن يُسْلبن حقهن في أي مشاركة مباشرة في تفكير الحكومة وتخطيطها. وأشارت كمثال على انحياز القانون للرجل إلى قانون حق الابن البكر في ميراث أبيه، وحق الأب في وقف ممتلكاته على نسله أو أقاربه من الذكور، وذكرت أن الأعراف والعادات أشد قسوة على المرأة من القوانين فهي تُدين - وتُعاقب - المرأة للحظة واحدة فقدت فيها طهارتها، رغم أن الرجال يظلّون محترمين بينما هم منغمسون في الرذيلة ..وربما صُدِم بعض القراء بإعلان ماري حق المرأة بالإحساس بالإشباع عند اللقاء الجنسي، لكنها حذرت الجنسين قائلة إن الحب (المقصود هنا المتعة الجنسية) شهوة حيوانية لها نهاية فالحب (المقصود هنا المتعة الجنسية) كعلاقة مادية لابد أن تحل محله الصداقة بالتدريج، وهذا يتطلب احتراما متبادلا، والاحترام يتطلب أن يجد كل طرف (الزوج أو الزوجة) في الطرف الآخر شخصية متطورة (يعتبر الطرف الآخر كياناً له ذاته) وهنا فإن أفضل طريق لتحرر المرأة هو اعترافها بأخطائها والتحقّق من أن حريتها تعتمد على تثقيف عقلها وسلوكها..
وراحت المؤلفة في كتابها تعدّد أخطاء النساء في زمانها: نزوعها إلى الضعف والجبن مما يغذي دعوى الرجل في التفوق والسيطرة ويُسعده، وإدمان لعب الورق والثرثرة والقيل والقال والتنجيم والتأثر العاطفي والتفاهة والاهتمام الزائد بالملبس والغرور. الطبيعة والموسيقا والشعر والكياسة، كل ذلك يميل إلى جعل النساء مخلوقات للإحساس.. وهذا الإحساس أو الشعور إذا ما زاد عن حده أضعف - بشكل طبيعي - قوى النفس الأخرى ومنع الفكر من الوصول إلى المرتبة التي يجب أن يشغلها... لأن التدرّب على الفهم والاستيعاب - كما تشير لنا الحياة - هو الطريق الوحيد الذي قدّمته لنا الطبيعة لتهدئة عواطفنا وانفعالاتنا ورغباتنا الجنسية.
وقد شعرت ماري أن كل هذه الأخطاء تقريباً راجعة إلى عدم المساواة مع الرجل في التعليم، وإلى نجاح الرجل في اقناعها بأن أفضل إمبراطورية لها وأحلاها هي أن تُمتع (كما قالت لهن إحدى المؤلفات.)
لقد امتعضت ماري من الأناقة المتكلّفة ومن التصنّع وراحت تنظر بحسد إلى النسوة الفرنسيات اللائي أصررن على تحصيل العلم واللائي تعلَّمن كيف يكتبن خطابات تعد من أجمل ما أنتجه العقل الفرنسي. في فرنسا تنتشر المعرفة أكثر من أي جزء آخر من العالم الأوروبي، وأنا أعزو ذلك في جانب منه إلى العلاقات بين الجنسين على المستوى الاجتماعي، تلك العلاقات التي كانت مستمرة منذ فترة طويلة. لقد لاحظت ماري ولستونكرافت قبل بلزاك بجيل أنَّ:
الفرنسي الذي يحكّم عقله في أمور الجمال أكثر من غيره، يفضل المرأة في الثلاثين من عمرها.. والفرنسيون يسمحون للنساء أن يكنّ في أكمل أوضاعهن عندما تتنازل الحيويّة لتعطي مكانها للعقل ولجدية الشخصية الدالة على النضوج... وفي مرحلة الشباب - حتى العشرين - يقذف الجسم خارج نفسه، وحتى الثلاثين تحقق الصلابة درجة من الكثافة، وتصبح عضلات الوجه المرنة يوما بعد يوم أكثر حدّة فتعطي شخصية للملامح - هذا يعني أنها تعبر عما يعتمل في النفس، فلا تخبرنا فقط عن القوى الكامنة فيها وإنما كيف يتم توظيفها.
لقد اعتقدت ماري أن أخطاء النساء راجعة كلها - تقريبا - إلى إنكار حق المرأة في تعليم مساوٍ لتعليم الرجل، وإلى نجاح الرجل في اقناع المرأة بأنها لُعبة جنسية قبل الزواج وحِلية للزينة وخادمة مطيعة وآلة للإنجاب بعد الزواج. ولكي نُعطي الجنسين فرصاً متساوية لتنمية عقولهم وأجسادهم لا بُد أن يتعلم الأولاد والبنات معاً (حتى مرحلة الإعداد للوظيفة أو المهنة) وأن يتلقوا المناهج الدراسية نفسها، بل وأن يشتركوا في الألعاب الرياضية نفسها، في حالة إمكانية ذلك. ولابد أن تجعل كل امرأة من نفسها إنسانة قوية البدن وذات كفاءة عقلية لتتمكن من كسب عيشها بنفسها عند الضرورة. وعلى أية حال فعاجلاً أو آجلاً ستلعب الوظائف البيولوجية والفروق الفسيولوجية بين الجنسين دورها. إن قيام المرأة بدورها كأم مفيد لصحتها، وقد يؤدي ما ذكرنا آنفاً إلى أن تصبح الأسر أقل عدداً وأقوى صحّة. إن تحرير المرأة بشكل مثالي يعني اتحاداً - على قدم المساواة - بين أم متعلمة وزوج متعلم.
وبعد أن رأت المؤلفة الشابة اللامعة كتابها في المطبعة عبرت القنال الإنجليزي إلى فرنسا، وقد كانت مفتونة بالسنوات الخلاقة التي عاشتها الثورة الفرنسية، لكنها الآن - أي الثورة - قد تردّت في المذابح والإرهاب. وأحبّت في باريس أمريكياً هو القبطان جيلبرت إملي Imlay ووافقت على الحياة معه دون ارتباط رسمي. وبعد أن أصبحت حُبلى غاب عنها إملي لعدّة شهور منشغلاً بأعماله أو أية أمور أخرى، فكتبت له خطابات تتوسّل فيها له أن يعودوكانت خطاباتها بليغة لكنها كانت بغير جدوى تماماً كخطابات جولي دي ليبيناس Lespinasse قبلها بجيل. وفي سنة 4971 حملت طفلها الذي بغير أب، وعرض إملي أن يُرسل لها مبلغاً سنوياً لكنها رفضت وعادت إلى إنجلترا (5971) وحاولت إغراق نفسها في نهر التيمز لكن بعض المراكبية أنقذوها.
وبعد ذلك بعام قابلت وليم گودين الذي تزوجها على وفق القانون العام (دون حضور رجل دين)، ولم يكن أي منهما يؤمن بحق الدولة في تنظيم الزواج. وعلى أية حال فقد عقدا قرانهما على وفق الطقوس الدينية في 92 مارس 7971 تحسبا لطفلهما المرتقب. وتألقت - لفترة - بين الجماعة الثورية التي تحلّقت حول الناشر جوزيف جونسون وهم: جودون، وتوماس هولكروفت، وتوم بين، ووليم وردزورث، ووليم بليك Blake (الذي رسم رسوماً لبعض كتاباتها) وفي 03 أغسطس 7971 وضعت طفلةالمصدر . كتاب قديسات ما بعد الحداثة , العنف ضد المراة , طبعه اولى تأليف قصي طارق مراجعة وتدقيق واشراف داني براون فايد .
راجع :http://ahewar.org/rate/bindex.asp?yid=6023
وراجع: بعد معاناة شديدة.

( ) Jacobs, Diane. Her Own Woman: The Life of Mary Wollstonecraft. USA: Simon & Schuster, 2001. Paul, C. Kegan. Letters to Imlay, with prefatory memoir by C. Kegan Paul. London: C. Kegan Paul, 1879. full textPennell, Elizabeth Robins. Life of Mary Wollstonecraft. (Boston: Roberts Brothers, 1884). St Clair, William. The Godwins and the Shelleys: The biography of a family. New York: W. W. Norton and Co., 1989.
( )- Todd, Janet. Mary Wollstonecraft: A Revolutionary Life. London: Weidenfeld and Nicholson, 2000.Tomalin, Claire. The Life and Death of Mary Wollstonecraft. Rev. ed. 1974. New York: Penguin, 1992. Wardle, Ralph M. Mary Wollstonecraft: A Critical Biography. Lincoln: University of Nebraska Press, 1951