بمناسبة 8 آذار مارس 2014 اليوم العالمي للمرأة



التهامي صفاح
2014 / 3 / 4

حينما ندافع عن المرأة فليس فقط لأننا بالغريزة نحبها كناس أسوياء و هي التي سبقت فأحبتنا و رعتنا و شملتنا بكل عطف و حنان وبالتالي تستحق كل إعتر اف بالجميل كأم و كذلك إحترام بنات جنسها ، و إنما لأننا ندافع عن الحق بالحقيقة العلمية التي ليست مجالا للتأويل اللغوي الحربائي أو الإرادة السياسية التي تذهب بالناس شيعا و مذاهب .
لما بدأ الأروبيون الباحثون عن الثروة يستوطنون أمريكا الشمالية إجتمع بعض القساوسة ذات يوم في أروبا ليتدارسوا هل الهنود الحمر (الذين كانوا يبادون هناك) هل هم بشر ؟هل لهم روح مثل الاروبيين؟هل يمكن ادخالهم للمسيحية ؟ أم أنهم مهيأون بيولوجيا ليكونوا عبيدا حسب ما كانوا يعتقدون نقلا عن أفكار ارسطو ؟ الخ من الاسئلة ..
ذكرتني مناظرة فلادوليد الشهيرة (باسبانيا) التي تلقي الضوء على النقاش أعلاه بمسألة صارت قضية تحتاج الى نضال و تضحيات و هي قضية دونية المرأة التي لا تزال عندنا في شمال افريقيا و الشرق الاوسط تشكل كل سنة مجال للنقاش البزنطي مع اؤلئك الذين لا يزالون يحملون افكار القرون الغابرة رغم عيشهم في القرن الواحد والعشرين و رغم ان علم البيولوجيا قد حسم الامر منذ قرنين من الزمان بالقول أن كل بشر حالي موجود على الأرض كيف ماكان نمطه الانثروبولوجي (أي شكله) ينتمي للنوع هومو سابيانس Homo sapiens و أن ليس هناك أي بشر على الارض منذ أكثر من 200 ألف سنة تقريبا من نوع ثان بإستثناء المستحاثات البشرية للأنواع القديمة (أي الهياكل العظمية القديمة ) التي يمكن العثور عليها هنا او هناك بين الحين والآخر.
إن الاعتماد على النصوص الدينية القديمة أو التي تجهل هذا العلم الآن ، لتكوين صورة عن المرأة هي نظرة جاهلة أو متجاهلة للحقيقة .لأن هذه النصوص كلها نقلها أو كتبها بشر يجوز في كلامهم الخطأ أي يجب وضع علامة إستفهام على معلوماتهم المنقولة أو لنقل على أوهامهم. ...التي لا يمكن باي حال من الاحوال رفعها بالقهر و الصمت الخائف لمكانة معلومات العلم العصري المدعومة بالدليل والبرهان العلمي.....والقدماء إذا كان جهلهم يمكن أن يشفع لهم في إرتكابهم تلك الأخطاء بإهانة المرأة و الحط من كرامتها ، فلا أعتقد أن هناك عذر لنا نحن في عصر العلم والتكنولوجيا أن نحدو حدوهم بل من العار الزعم أننا نعيش هذا العصر ثم نكذب المايكروسكوب ونردد كالبببغاوات كلام القدماء الجاهلين كل يوم و ندعي أن نوعنا هو "الإنسان العاقل" هومو سابيانس.
للأسف في الكثير من البلدان إذا نظرنا إلى واقع الحال هناك أغلبية جاهلة لا تعرف النصوص القانونية المؤطرة لحقوق المرأة و مكانتها اللائقة بها ، يتم تأطيرها كل يوم في أماكن مختلفة بنصوص أو آراء يقال أنها "دينية" تعود لقرون عديدة قبل الميلاد معاكسة للحقيقة تعيش في غياهب ظلام التاريخ و أوهامه و تتصرف تجاه المرأة بنظرة الريبة والشيطنة و العداء المجاني و الدونية رغم أن عطاء المرأة للبشرية لا يمكن ان ينكره اي بشر فأم كل رجل أو إمرأة و ولد وبنت هي إمرأة بدون نقاش .
و يعلمنا علم البيولوجيا أن الخلية الجنسية الأنثوية أي البويضة (و الحقيقة نطلق اسم بويضة مجازا على الخلية البيضية من الدرجة الثانية التي لم تكمل إنقسامها الإختزالي بعد و المتوقف في مرحلته الإستوائية وهي الخارجة من المبيض نحو صوان الخرطوم بعد الإباضة ) يبلغ قطرها 0.116 ملمتر تقريبا هي أكبر خلية عند النوع البشري على الإطلاق.هذه الخلية بعد الإخصاب أي دخول الثلاثة و عشرين صبغي من الحيوان المنوي إليها ستتحول إلى بويضة بإستكمال إنقسامها المتوقف و طرحها لكرية قطبية ثانية .لا يساهم الحيوان المنوي باي عضيات خلوية أو سيتوبلازم في هذه العملية .إننا جميعنا نرث العضيات الخلوية للأم ..كلنا .و السيتوبلازم الخلوي للبويضة هو الوعاء الأول لكل الخلايا التي ستأتي فيما بعد.و بالتالي فسواء كنا إناثا أو ذكورا فإن جسمنا تكون من هذه الخلية الأم الأنثوية الأصلية التي هي البويضة .. .أما المادة الوراثية الذكرية الموجودة في صبغيات الحيوان المنوي ، إذا سمحت لها الظروف بالتعبير عن نفسها ، فهي تستعمل خلايا و عضيات خلوية ذات أصل أنثوي.هذه المعلومات معروفة و لم نآأت بجديد هنا ...يمكن التأكد منها .لذلك فالمرأة عموما بطبيعتها تتحمل اعباء الحمل والولادة و الاعتناء بالصغار و غيرها من الوظائف و الحالات الفزيولوجية التي تفرضها بيولوجيتها ...و هذا يجب ان لا يكون ذريعة للحط من كرامتها وحرمانها في منطقتنا من حقوقها المعترف بها دوليا وحريتها التامة في الاختيار كإذا ارادت ان تتحمل المسؤولية السياسية او غيرها.
وإعتمادا على البيولوجيا يمكن القول أن كل نساء العالم سيدات حرات ينتمين للنوع هومو سابيانس ويجب النظر اليهن على هذا الاساس أي انهن مستقلات ولهن كرامة لا يجوز استعبادهن او النيل من حريتهن او كرامتهن.و الحديث عن "معركة المساواة" لا يمكن ان يكون الا في اطار انه حرب بين الرجال الغاصبين (ليس كل الرجال) و نساء يطالبن بحقوق معترف بها للرجال دون النساء أمام حكام (هناك استثناءات) صامين آذانهم لا يسمعون لاسباب معقولة بالنسبة لهم سياسية في الغالب .و هذا وضع شاذ .لان الحب الحقيقي بين المرأة والرجل و ليس النفاق من المفروض ان يجعل الحياة بينهما تعاون و شراكة و صبر جماعي لتحقيق ازهار النوع البشري و تقدمه و استمراره بمواجهة أعدائه الحقيقيين الذيم هم الجهل والفقر والجوع و الكواؤث الطبيعية الخخ...و هنا لا يمكن الحديث عن المساواة بين الجنسين بل عن الاحترام المتبادل لدور كل منهما لانهما اصلا مختلفان بيولوجيا وليسا متطابقين وعليه يجب ان ينظر لكفاءة الافراد (اناثا و ذكورا) لحل المشاكل و تسلق المراكز المجتمعية والسياسية على اساس نجاعة افكارهم و واستعدادهم و اساليبهم في حل المشاكل وليس على اساس جنسهم هل هم اناث أم ذكور.وهنا تصبح المساواة بين الجنسين في الحقوق تحصيل حاصل و من البديهيات التي لا نتحدث عنها على الاطلاق .
لذلك فعلى المسؤولين السياسيين في شمال افرقيا والشرق الأوسط ، و المثقفين و كل الفاعلين في جميع القطاعات خدمة للحق و اعترافا به وخدمة للعدل والمساواة وكذلك كموقف اخلاقي نبيل ، ان يتبرأ وا من أي إلتزامات تجاه معلومات النصوص الدينية او القانونية الموروثة أو العرفية او غيرها الحاطة من كرامة المرأة أو التي تدعو للاعتداء عليها .فهم لم يكتبوها و لا شاركوا في نقلها و ليسوا مسؤولين عنها. لأنها تتناقض مع حقائق العلوم العصرية و القانون الدولي لحقوق الانسان و الإتفاقية الدولية لمحاربة التمييز ضد المرأة و تجعل من التمييز بين النساء والرجال وقيعة بين الجميع في مجتمع شمال افريقيا والشرق الاوسط و عائق امام تقدمه و استقراره و عدالته و نتيجة لجهل الغابرين في غياهب القرون الغابرة لا تخدم الحياة الطبيعية السعيدة للبشر..
و أخيرا تحية عالية للسيدات في كل مكان في عيدهن الاممي.عيد الحقوق والكرامة والمساواة و تحية لأبناءهن الذين هم نحن .