الرفعة تحت أقدام النّساء



هيام أبو الزّلف
2014 / 3 / 9


كنت أتمنى أن يكون موضوع المرأة من ورائنا، وأن تكون ممارسة المرأة لإنسانيتها قد أصبحت من البديهيات، إلاّ أنني وعشية الثامن من آذار، السنة العاشرة من الألفية الثالثة أجد -ويا للأسف- حاجة إلى الخوض في هذا الموضوع. وفي الثامن من آذار من كل عام فرصة لقرع ذاكرة من ينسى ومن يتناسى أن المرأة إنساااااااان لها ما للرجل من مشاعر واحتياجات!!!
ولا بد من بعض التساؤلات:
لماذا لا تزال تعتبر المرأة في الدول الإسلاميّة وبعض الدول العربية دونَ الإنسان؟ أعرف أنّها _حتّى في الدّول الْغربية- ما زالت أحيانًا تعتبر _من قبل مَنْ أسيئت تربيتهم_ من الشّرائح المستضعفة أسوة بالأطفال والمسنّنين، فيتمّ ضربها واستغلالها واغتصابها، لكن حين يحدثُ ذلك، يقع الفعلة تحت طائلة القانون، وتجد هي مَنْ يساندها اجتماعيًّا ونفسيًّا من أجل أن تستعيد شعورها بالثّقة والأمان وصورة الإنسان. لكن يبدو أنّها في شرقنا من الهامشيّة بحيث يسمح لمن يشاء بتشويهها من الدّاخل ويعتبرونها مذنبة ولو كانت الضحية.
لست ممن يعتنقون الفكر النّسويّ الرّاديكاليّ، لكن ليس على المرأة أن تحبس وراء الحجاب وتعامل معاملة من همّ دون الإنسان حتّى لا تثار غرائز السّيّد الرّجل، وليس على مجتمعنا أن يبقى في الحضيض، لأنّ كل شيء يدور في دائرة شهوات الرّجل!!!وهذا يقودنا إلى تعدد الزوجات، ألا يدرك الرجل أنه بزواجه من أخرى فإن جزءًا من روح المرأة يموت؟ وتصبح نفسيتها تربة خصبة للكراهية والحقد والذلّ والشعور بالدونية؟ أعتقد أن مناخ المجتمع العربي متوترٌ ومسمومٌ، لأن المرأة مسمومة، حتى قبل أن تكون لها ضرة، ولمجرد أن هذه الإمكانية واردة.
ثم ما هي المكاسب الإستراتيجية والاِجتماعيّة والاقتصاديّة والقوميّة والأمنيّة الّتي يكسبها مجتمعنا العربي الإسلاميّ من تعامله مع نصْف أفراده بهذا الشّكل؟ ألم يقل أحد المفكّرين أنّ رفعة الأمّة برفعةِ الأمّ؟؟؟ هل تستطيع أنثى مهزومة ومقهورة تربية نشء لديه الشّعور بالاعتزاز والكرامة والانتماء؟؟؟
لقد قمتُ بقراءة مآثر المرحوم هشام الشّرابي ومنها "دراسات في المجتمع العربي" منذ أكثر من عشرين عامًا. وما زلت أذكر تحليله للعقليّة العربيّة وانعكاساتها على الأسرة وبالتّالي على المجتمع، لقد قام بوصف دقيق لِـ"بروفيل" العربيّ الشّوفينيّ الاستعلائيّ، ومنذ ذلك الحين ما زلت أومن أنَّ التّعامل مع الأنثى هو السّبب في الهزائم في ساحات الحروب.
عندما أتأمل أحوال المرأة في هذا العالم العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، ناهيك عن الدول الإسلامية غير الناطقة بالضاد، تقفز عفاريت احتجاجي، وأستصرخ العدالة الإنسانية والاجتماعية، ليس من أجل المرأة فحسب، بل من أجل صحة المجتمع النفسية التي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق امرأة واعية ومعتدّة تعطي النشء الجديد مما لديها من رصيد المحبة والكرامة، وليس من مكبوت القهر والجهل. فإن أمًا مقهورة، ستورث الأجيال هذا القهر، وما أدراك، ربما الهزائم المتلاحقة في حق هذه الأمة سببها أن المرأة لم ترفع رأسها بعد.
خلق الله الإنسان عزيزًا، لكننا نجده ذليلا بقطبيه. مكسورا بجناحيه، يعيش مُستهلِكًا ومُسْتَهْلكًا على فُتات موائد الغرب.
ولن يسود هذا المجتمع ـ المتثائب من خليج العرب إلى المحيط الأطلسي ـ إلا بالحق والخير والجمال ولن يكون ذلك إلا عبر نساء مرفوعات الهامة، ينشئن أمة أبية مرفوعة الهامة..