جمعية زاخر تنظم مؤتمر :مرتكزات تعزيز الحماية القانونية لحق المرأة في الميراث



دنيا الأمل إسماعيل
2014 / 3 / 11

مما لا شك فيه، أن النساء في المجتمع الفلسطيني يعانين من مشاكل قانونية متعددة، جراء التمييز التاريخي والنظرة الدونية نحوهن بشكل عام، وهو الأمر الذي يحدث خللاً في منظومة العلاقات والأدوار الاجتماعية، ويتسبب في العديد من الانتهاكات الماسة بكرامتهن الانسانية واستقلالهن الاقتصادي وقدرتهن على اتخاذ القرارات المتعلقة بحياتهن،
في هذا السياق نفذت جمعية زاخر لتنمية قدرات المرأة الفلسطينية مشروع من حقي أن أرث لدعم النساء في قطاع غزة للدفاع عن حقهنّ في الميراث وذلك ضمن مشروع العون القانوني الممول من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وقد انتهى المشروع بعقد مؤتمر تميز بحشد واسع ومتنوع من المجتمع الفلسطيني في تزواج ملفت بين الأدوات الشعبية السائدة في حماية المرأة من حقوقها كلجان الاصلاح العشائري ودعم وجود مختارات نسويات وبين أجهزة القانون الرسمية بمن فيها من قضاة ومحامين وحقوقين وناشطات نسويات واعلاميين.
وفي كلمتها الافتتاحية، قالت مديرة الجمعية إنعام حلس أن هذا المشروع يأتي في إطار الاهتمام بحق المرأة الفلسطينية في الحصول على ميراثها الشرعي، حيث تحرم الكثير من النساء الفلسطينيات من الحصول على ميراثهن بحجج وتبرايرات مختلفة، وفي حال معارضتها فإنها تتعرض إلى جملة من الانتهاكات لحقوقها الانسانية والاجتماعية كالحرمان من الزواج وفي بعض الحالات القتل، مؤكدة على الدين الاسلام حمى المرأة ومنحها حقوقها كاملة دون نقصان
تالياً أخذ الكلمة مدير برنامج العون القانوني في برنامج الأمم المتحدة الانمائي ، إبراهيم أبو شمالة ، حيث قال: " أضحت شريحة النساء فريسة لمشاكل مستحدثة ذات أصل وطابع قانون أو على الأقل لم تكن ملحة كما كان سابقاً، مثل مشاكل التعويض، والنفقة، والحضانة، والارث الشرعي والزواج القسري والملكية والسكن والعمل الخ، وهو ما يستدعي امعان التفكير، والعمل بجدية على استحداث حلول جديدة، تنتج قوالب جديدة وتضع مقاربات عملية وحلول تطبيقية لصالح النساء في الميدان، وهو ما يضع قضية دعم عدالة النوع الاجتماعي وتحديدا سبر غور موضوع المرأة والقانون في السياق الفلسطيني، في صدر الأولويات المجتمعية وتزداد أهميته عندما يتزامن مع ذروة الجهد الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة، وهو ما يستلزم إعادة النظر في جوهر الخطاب النسوي التقليدي والاتجاه نحو خطاب حقوقي أكثر شمولية، يعتمد مفهوم التمكين القانوني كأساس لدعم عدالة النوع الاجتماعي والذي يرتكز على جدلية المرأة والقانون ويعمل على فض حالة الاشتباك من خلال الأدوات والآليات العملية التي يوفرها القانون بما يتسق مع السياق الثقافي وفي الوقت نفسه لا يساوم على حقوق النساء أو يتعارض مع المبادئ المقبولة دولياً ".

دور المؤسسات النسوية والحقوقية
أما المحامية حنان مطر ، من وحدة المرأة-في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان فقد قدمت ورقة عمل بعنوان دور المؤسسات النسوية والحقوقية في دعم قضايا حق المرأة في الميراث، أكدت فيها على أنّ المؤسسات النسوية والحقوقية في قطاع غزة عملت على مناهضة حرمان المرأة من الميراث على نطاق واسع من خلال البرامج والفعاليات المختلفة والتي يمكن ادراجها تحت محورين أساسيين هما؛ محور توعية النساء بمفهوم حقها في الميراث شرعاً وقانونًا، وأهمها حملات تعديل القوانين الداعمة للعنف ضد المرأة، خاصة قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات الفلسطيني. ومحور تقديم الخدمات التأهيلية والإغاثية للنساء ضحايا العنف
فيما تناول نائب نقيب المحاميين، سلامه بسيسو،، دور نقابة المحامين في دعم حقوق المرأة في الميراث، قائلاً: " ساهمت نقابة المحامين من خلال مشروع العون القانوني ، وكونها تدير شبكة عون للوصول للعدالة والتي تعتبر الشبكة الأكبر التي تعني بمساعدة النساء للوصول إلى حقوقهن المشروعة وعلى رأسها حقها في الميراث، وقد نفذت النقابة العديد من ورش التوعية التي توضح حق المرأة في الميراث، وتحث المرأة على المطالبة بهذا الحق، كونها العيادة الوحيدة التي ترفع القضايا النظامية في القطاع ، برفع العديد من قضايا الميراث من خلال مشروع العون القانوني وحققت العديد من قصص النجاح وخاصة عبر الوساطة المجتمعية بالشراكة مع جمعيات المخاتير ومؤسسات مجتمعية أخرى .
دور المحامين
وعن دور المحاميين في متابعة الإجراءات القانونية لحصول المرأة على ميراثها، استعرض المستشار القانوني في التحكيم والأراضي، المحامي صافي الدحدوح ، الأسانيد والطرق المتبعة لحصول المرأة على ميراثها من قبل المحامين من خلال العمل على الحصول على حصر إرث ( وإجراءات الحصول عليه )، رفع دعوى للمطالبة بتقسيم التركة ( إزالة الشيوع ) ، رفع دعوى وضع يد بالاشتراك ، ثم من خلال مطالبة المرأة بحقوقها الإرثية في الأموال المنقولة .
ميراث المرأة في الاسلام
وأكدت ورقة عمل بعنوان ميراث المرأة في الإسلام قدمها رئيس محكمة الإستئناف الشرعية عمر نوفل، على أنّ للمرأة ذمة مالية مستقلة ولها كيانها ووجودها هي تتساوى مع الرجل في آدميتها وإنسانيتها وفي ذمتها المالية وفي الكثير من الأمور، لكن المسألة مسألة ثقافة مجتمع، ينبغي أن تتغير فيما يتعلق بميراث المرأة بأن يقوم الورثة ويبادروا بإعطاء المرأة حقها وفق شرع الله تعالي، وأن تخرج المرأة من صمتها وخجلها وأن تطالب بحقها ولا تترك حقها يضيع وأن ما يحدث من عملية مراضاة لا بد أن تكون وفق الشرع ولا تكون بالتخجيل والحياء، لأن ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام، كما أن زواج المرأة برجل من عائلة أخرى، لا يعني فقدان المرأة لحقها في ميراثها بل يتعين أن تأخذ حقها وتكون هي صاحبة الحق في التصرف به ولا تجبر المرأة بأن تمنح هذا الحق لزوجها أو أولادها فهو ملك خالص لها لا يشاركها فيه أحد وإذا أقرضت زوجها أو سمحت له بالبناء في أرضها مثلاً، فمن حقها أن تسجل ذلك بما يحفظ لها حقها، وإذا ساعدت في الإنفاق على بيتها من مالها عليها أن تبين ذلك إن كان على سبيل التبرع أو الدين.
الإعلام وميراث المرأة
أما دور الإعلام في مناصرة حق المرأة في الميراث فكان من نصيب الصحافية سامية الزبيدي والتي أشارت في مداخلتها إلى أنه من الأهمية بمكان أن تأخذ هذه القضية حقها من النشر والبث الإعلامي، متجاوزة ملاحقة الحدث والكتابة حوله نحو الخوض في تفاصيله وأسبابه وأدوار الدولة والمجتمع المختلفة إزاءه.
ولئن كانت السمة الأغلب لأداء هذا الإعلام إزاء قضايا المرأة، هي الغياب والتغييب، - حسب قولها- إلا أن الفضل يعود للإعلام في الكشف عن الكثير من المسكوت عنه في هذا الصدد، خصوصاً العلاقة السرية بين ظاهرة القتل على ما يسمى "الشرف" في فلسطين والسطو على حق المقتولة في الميراث، وغيرها من القضايا ذات الصلة.
الميراث والتمكين الاقتصادي للمرأة
فيما قدمت رئيس المؤسسة المصرفية الفلسطينية نبراس بسيسو ، ورقة عمل بعنوان: " الميراث والتمكين الاقتصادي للمرأة " أكدت فيها على أنّ الحرمان من الميراث يعد أحد أشكال العنف وبالأخص العنف الاقتصادي، هذا العنف الاقتصادي يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم بفعل عوامل وظروف ساهمت ولازالت تساهم في الحد من وصول النساء لحقوقهن ومن بينها الحق بالميراث ، فاستمرار الاحتلال الاسرائيلي وما يمارسه من انتهاك لحقوق الفلسطينين/ات عبر الاعتداءات المستمرة والمتواصلة من هدم للبيوت ومصادرة الأراضي وبناء الجدار العازل، والعمليات العسكرية وخاصة على قطاع غزة ، والحصار المفروض عليه منذ سنوات ، والانقسام الذي عطل عمل المجلس التشريعي ، كل تلك العوامل أثرت ولازالت تؤثر على قدرة النساء بالمطالبة بحقوقهن وخاصة الحق في الملكية والميراث.
وأخيراً:
يبقى النقاش مفتوحاً حول حق المرأة في الميراث يحتاج إلى حماية قانوية وثقافة مجتمعية مستنيرة وجهد مدني يتجاوز السائد والمهادن للثقافة السائدة، وتبقى نساءنا في انتظار تغيير حقيقي لظروفهن الاقتصادية وأوضاعهن المجتمعية.
الذي تتعرض له المرأة فوصول النساء الفلسطينيات إلى حقهن الشرعي في الملكية والميراث يعمل على تمكينهن اقتصادياً واجتماعياً حيث يقمن مثلا بإقامة مشروعهن الخاص الذي يدر الدخل عليهن وعلى أسرهن ويبعد عنهن شبح الفقر والتسول.