المرأة بين الدين، والواقع، والإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.....3



محمد الحنفي
2014 / 3 / 12

إلـــــــــى:

ـ المرأة الإنسان، التي تأخذ على عاتقها إعداد الأجيال، التي تنكر تضحياتها في السراء، والضراء، من أجل تقديم الخدمات، التي لا حدود لها، إلى الرجل، وبدون مقابل يذكر، وتعد، بتضحياتها، الأجيال التي تتحمل المسؤولية في المستقبل، وعلى أعلى المستويات.

ـ بمناسبة العيد الأممي للمرأة: 8 مارس 2014.

ـ الأم، والزوجة، والأخت، والرفيقة في العمل، وفي النضال، من أجل انتزاع حفظ كرامة الإنسان للرجل، وللمرأة على السواء.

ـ من أجل غد تتحقق فيه المساواة بين الجنسين، في كل شيء، بما في ذلك المساواة في الإرث، الذي لم يعد مقبولا فيه: أفضلية الرجل على المرأة.

محمد الحنفي

4) وبالنسبة لواقع المرأة، في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، فإننا نجد، من خلال قراءتنا المتكررة، للإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، أن المرأة:

ا ـ إنسان، بمالها من حقوق مكفولة، لا فرق، في ذلك، بينها، وبين الرجل الإنسان، إلا في اختلاف نوعها عنه، الذي يقتضي ضرورة تمتيعها بالحقوق الخاصة، الواردة، بالخصوص، في اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، مما يجعل المرأة، في حالة إقرار هذه الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان دستوريا، تطمئن على مصيرها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والمدني، والإنساني، على مستوى الأسرة التي تعيش فيها، وعلى مستوى المجتمع، في أي بلد من البلدان العربية، ومن باقي بلدان المسلمين.

إلا أن عدم إقرار الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، دستوريا، وعدم أجرأتها على مستوى القوانين المعمول بها، يبقى المرأة معرضة لكافة الأخطار الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

ولذلك، نجد أن إنسانية المرأة، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، لا يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، إلا بشرطين أساسيين:

الشرط الأول: الإقرار الدستوري بالإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، في كل بلد من البلدان العربية، ومن باقي بلدان المسلمين، والتخلي عن اعتماد دونية المرأة، والتمييز بينها، وبين الرجل، في الحقوق، وفي الواجبات، كما هي في النصوص الدينية، التي تؤطر الدين الإسلامي، مادام ذلك لا يمس ثوابت هذا الدين.

والشرط الثاني: ملاءمة كافة القوانين المعمول بها، في أي بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وتنقية هذه القوانين، من كل ما يكرس الحط من كرامة المرأة، وانتهاك إنسانيتها، وتكريس دونيتها، حتى تصير القوانين المعمول بها، معبرا لأجرأة تصور واقع المرأة في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان، إلى الواقع العيني، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، حتى تنطلق المرأة في تقديم كافة أشكال الإبداع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى تصير مساهمتها إيجابية، في تطور، وتطوير البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين.

ب ـ جملة الحقوق: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تصير في متناول المرأة، من أجل أن تتحقق إنسانيتها على أرض الواقع، وفي إطار تمتيع جميع أفراد المجتمع، بكل الحقوق، وتربيتهم عليها، من أجل تغيير كافة ملامح المجتمع، الذي يصير مجتمعا إنسانيا، لا وجود فيه لما يخدش كرامة الإنسان، بما في ذلك المرأة، التي تعيش واقعا جديدا، لا علاقة له بواقع التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يختفي منه احترام كرامة الإنسان، وتختفي منه كافة الحقوق الإنسانية، ويهان فيه الإنسان الكادح، من قبل الحكام، والمستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للمجتمع، ماديا، ومعنويا، وتمارس فيه الإهانة العامة، وإهانة الرجل في الأسرة، كما لا علاقة له بالواقع، الذي تسود فيه العادات، والتقاليد، والأعراف المتخلفة، والتي تكرس إهانة المرأة، وتكرس دونيتها، وتعمل على تجاوز واقع تخلف المرأة ككل، من أجل إيجاد شروط مناسبة، لتكريس احترام كرامة الإنسان.

ج ـ مساواة تتحقق بين الجنسين، في الحقوق، وفي الواجبات، حتى يتحول المجتمع، انطلاقا من التمتع بكافة الحقوق الإنسانية: العامة، والخاصة، إلى مجتمع تسود فيه المساواة بين الجنسين، وتنتفي فيه أفضلية الرجل على المرأة، وتصير المرأة مؤهلة للمساهمة الفعالة في العملية الإنتاجية، والخدماتية، والعلمية، والمعرفية، والفكرية، وفي تطور، وتطوير البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، إذا توقف إنتاج دونية المرأة، انطلاقا من النص الديني الإسلامي، ومما يسمونه بالشريعة الإسلامية، ومن التاريخ، والجغرافية، والعادات، والتقاليد، والأعراف، التي تقوم أساسا على إنتاج كل مظاهر التخلف، وفي مقدمتها، إنتاج دونية المرأة، التي تقف وراء تخلفها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعقلي، والمعرفي، والفكري، والإنساني، والحقوقي... إلخ.

د ـ مسؤولية في الحياة العامة، والخاصة، وفي إعداد الأجيال المتعاقبة، وفي إنجاز المهام الموكولة إليها، وفي تحمل المسؤوليات المختلفة، وفي قيادة الجمعيات، والنقابات، والأحزاب، وإدارة مختلف أجهزة الدولة، وفي قيادة الدولة نفسها، دون أن ننسى تمثيليتها للمواطنين، في كل المجالس التمثيلية، بما فيها البرلمان، وتحمل المسؤوليات الحكومية المختلفة، وغير ذلك، دون إغفال تحملها لمسؤولية نفسها، في الواقع الذي ينعم فيه جميع الأفراد، بكافة حقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، خاصة، وأننا عندما نقول المرأة الإنسان، فإننا نرتفع بها إلى مستوى المسؤولية، التي تتحقق فيها ذات المرأة، وذات الرجل، على حد سواء. ومن موقع تلك المسؤولية، تستطيع المرأة، كما يستطيع الرجل، خدمة الشعب، وتحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وصولا إلى جعل المرأة تفكر بعقلية الإنسان، والرجل، كذلك، يفكر بعقلية الإنسان، في مجتمع يختفي منه التصنيف الجنسي، ويحضر مفهوم الإنسان في الفكر، وفي الممارسة، مما يجعل شعوب البلاد العربية وباقي بلدان المسلمين تتجاوز وضعية التخلف التي تعاني منها، بسبب التصنيف الجنسي، المنتج لدونية المرأة، في مجتمعات البلاد العربية، وفي مجتمعات باقي يلدان المسلمين.

وهكذا، يتبين أن واقع المرأة في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، هو واقع متقدم، ومتطور، غير أن هذا الواقع، لا تتم أجرأته في الميدان، إلا بإقرار دساتير ديمقراطية شعبية، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، تقر جميعها بحقوق الإنسان، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ملاءمة كافة قوانين هذه البلدان، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات المذكورة، حتى تصير المرأة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، متمتعة بكافة حقوقها كإنسان، غير أن عدم إقرار دساتير ديمقراطية شعبية، في هذه البلدان، وإقرار هذه الدساتير، بحقوق الإنسان، بمرجعيتها الدولية، وعدم ملاءمة القوانين، مع تلك الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المذكورة، يبقي شعوب البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، محرومة من حقوقها المختلفة، ويبقى المرأة معانية من دونيتها.

5) والخلاصة، أن وضعية المرأة في البلدان العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، تبقى سجينة المرجعية الدينية، التي تحكم الفكر، والممارسة، والقوانين، والدساتير، والعادات، والتقاليد، والأعراف، مما يجعل المرأة، ومهما كانت الشروط التي تعيشها، أو الطبقة التي تنتمي إليها، أو القدرات التي تتمتع بها، أو التضحيات التي تقدمها، من أجل المجتمع، سجينة دونيتها، التي لا تفارقها، لا لشيء، إلا لأنها امرأة، فلا عبرة للإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ولا مجال للتمتع بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وتحقيق الكرامة الإنسانية، لأن كل ذلك، يتناقض مع مصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح الأحزاب الرجعية، ومصالح مؤدلجي الدين الإسلامي، مهما كانت هويتهم، وهؤلاء جميعا، يستفيدون اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من تكريس دونية المرأة، ومن عدم إقرار الدساتير بحقوق الإنسان، وبعدم ملاءمة القوانين المعمول بها، في البلدان المذكورة، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وهو ما يجعل المرأة في البلدان العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، سجينة جحور الظلام، الموروثة عبر العصور. وهو ما يقتضي ضرورة القيام بثورة ثقافية رائدة، تستهدف تحطيم القيم المتخلفة، وإعادة بناء منظومة القيم المتقدمة، والمتطورة، من خلال إيجاد مجتمعات إنسانية، يحرص فيها أفراد كل شعب من شعوب المسلمين، على التمتع بكافة حقوقهم العامة، والخاصة، التي تقرها الدساتير في البلاد المذكورة، وتتلاءم معها، مختلف القوانين، حتى تصير بذلك، دونية المرأة، في ذمة التاريخ، وفي إطار مجتمع متحرر، وديمقراطي، وعادل، وحافظ للكرامة الإنسانية للمرأة، والرجل، على حد سواء، وفي كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

فهل نرقى بإنسانية مجتمعات المسلمين، إلى مستوى اختفاء دونية المرأة؟

وهل نرقى بإنسانية المرأة، إلى مستوى اطمئنانها على ضمان تمتيعها بحقوقها الإنسانية العامة، والخاصة؟

وهل تتوقف المرأة في مجتمعات المسلمين، عن إنتاج دونيتها، تعبيرا عن استمرار تخلفها؟

وهل يرقى الرجل إلى مستوى احترام إنسانية الجنس الآخر؟

ابن جرير في 05 / 3 / 2014

محمد الحنفي