قصص نساء معنفات في إسرائيل!!!



يحيى رباح
2014 / 4 / 11

علامات على الطريق
قصص نساء معنفات في إسرائيل!!!
يحيى رباح

وصلني على شبكة النت قبل أيام كتاب جميل و بسيط و عميق جداً، أرجو أن أراه منشوراً على نطاق واسع، و هو بعنوان "قصص نساء معنفات في إسرائيل" أما مؤلف الكتاب فهو صديقي العزيز توفيق أبو شومر و هو روائي و باحث و متخصص في الشأن الإسرائيلي، و من خلال هذا الكتاب الذي تجمعت مادته من أرشيف الصحف الإسرائيلية الموجود لدى المؤلف، فإن توفيق أبو شومر يغوص بنا بوعي شفاف في عمق نسيج هذه الدولة العجيبة التي اسمها إسرائيل، و التي اعتدنا منذ نشأتها حتى اليوم أن نرى لها صورة زائفة براقة، و لكننا حين نتعب أنفسنا قليلاً في البحث و التقصي، نكتشف صورتها الأصلية، صورة معتمة، عدوانية، عنصرية متخاصمة حتى العداوة مع نفسها، و متصادمة حتى القطيعة مع المنطقة التي زرعت فيها، و متعاكسة مع خط التاريخ الانساني.
في هذا الكتاب الجميل البسيط العميق، يحدثنا توفيق أبو شومر عن الحريديم بكل فصائلهم، و عن المرأة الحريدية التي يجب أن تسير على الرصيف الشمالي من الشارع، و التي لا يجب أن ترفع صوتها لأنه عورة، و التي هي ليست أكثر من "دفيئة" لأنتاج الأولاد، و التي يتكاثر التمييز العنصري و الديني ضدها في أحياء الحريديم في القدس، و في بني براك، و بيت شيميش، و حتى داخل الجيش الإسرائيلي، بينما اعتادت إسرائيل في الخارج أن ترسم لها صورة زائفة، من خلال إمرأة "الكيبوتس" الذي ذبل في إسرائيل حتى التآكل، أو صور المجندات على الحواجز و نقاط التفتيش ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، أو في شركة العال و بعض المؤسسات السياحية.
يتكاثر عدد الحريديم في إسرائيل شيئاً فشيئاً، و يزيد نفوذهم في كل المؤسسات الإسرائيلية، حتى أن الكثيرين في إسرائيل يحذرون من هذا الانقلاب الذي يشبه الطوفان الجارف، و لأن السياسيين في إسرائيل تهمهم مصالحهم و لا ينظرون إلى أبعد من تلك المصالح، فإنهم يخضعون لهذا الاجتياح الحريدمي، و يحنون رؤوسهم له، و شيئاً فشيئاً تتحول إسرائيل التي توصف من قبل أصدقائها و حلفائها الذين يستخدمونها إلى دولة قادمة من كهوف الخرافة، و من شقوق العنصرية و الحقد الأسود!!! و اعتقد أن اليوميات التي نعيشها الأن كفلسطينيين في أرضنا من قبل هذا الزجف الحريدي هو خير مثال على المستقبل الذي لن يكون بعيداً.
توفيق أبو شومر – كعادته – يفرض علينا من خلال هذا السرد البسيط، و هذه المقتطفات الواضحة التي لا نحتاج إلى جهود لفهمها، و العودة إلى أصول الدين اليهودي، و الشريعة اليهودية، و الفلسفة العنصرية الصهيونية، يفرض علينا أن نرى المفارقات، و أن نرى التشابهات أيضاً لهذه الحالة في مجتمعاتنا العربية و الإسلامية، حتى لقد أصبحنا على بينة من الأمر بأن كثيراً ما يحدث عندنا و خاصة على نطاق ممارسات الإسلام السياسي هي في الأصل آتية إلينا من النبع نفسه!!! و إلا لما كان هذا التطابق الرهيب.
و لو قرأنا كتاب توفيق أبو شومر بهدوء فسوف نجد تفسيراً لما يحدث معنا سواء على صعيد المفاوضات أو على صعيد الممارسات العنصرية السوداء من مجموعات تدفيع الثمن الإسرائيلية أو حركة الاستيطان أو التهويد أو حتى الأداء السياسي لبنيامين نتنياهو و أعضاء حكومته الذي لا يختلف أحدهم في شيءعن هذا التفكير الحريدي أو هذا السلوك الحريدي.
أتمنى – كما قلت – أن أرى هذا الكتاب الذي نشره مركز باحث للدراسات الاستراتيجية و مقره بيروت، أن ينتشر على نطاق أوسع، و أن تتبناه دور نشر و مكتبات عربية كثيرة، إنه حقائق صادمة و لكنها معروضة بشكل سهل ممتنع، لأن الكاتب توفيق أبو شومر صديقي العزيز، معروف عنه سعة المعرفة، و عمق المتابعة، و مشهور عنه التواضع و عدم الميل إلى الاستعراض، أنه عالم بتكوين إسرائيل و نسيجها السياسي و الديني و الإجتماعي، و قد كون لنفسه عبر هذه المعرفة العميقة و الثقافة الواسعة رؤية راسخة عما حدث و عما يمكن أن يحدث، و أنا أدعوكم أن تبحثوا عن كتابه و تقرأوه، سواء على صفحات النت، أو الكتاب الورقي، أنه يمدنا بثقة يقينية في ما نعرفه، و لكننا لا نبوح به في معظم الأحيان، بسبب أن الأصوات السياسية الصارخة هي التي تملأ المكان، فأين يذهب العارفون بالله حقاً، و العالمون بالحقائق القاسية؟؟؟
[email protected]
[email protected]