طموح المرأة للمساهمة في تغيير مجتمعها



صابرين فالح
2014 / 4 / 21

ماهو واقع المرأة العراقية، ونحن مقدمين على انتخابات مجلس النواب بعد ايام وللمرة الثالثة، منذ دخول القوات الأمريكية للعراق وما تبعه من سقوط النظام البائد الذي حكم العراق لأكثر من ثلاثين عاما، والتي كانت عقود حكمه مليئة بالظلم والاضطهاد، الذي طال جميع ابناء المجتمع، وخصوصا المرأة، التي هجَّرت ورملت واضطهدت، لأسباب ليست لها صلة مباشرة بها في اغلب الأحيان، بل قد يكون نتيجة آراء إو تصرفات خالفت النظام من قبل احد أفراد عائلتها. تساؤل نطرحه لنرى مدى التقدم والمكاسب التي نالتها المرأة العراقية بعد التضحيات والمعاناة الكبيرة التي مرت بها.
لقد استبشر شعبنا خيرا، في بداية سقوط النظام، أن القادم سيكون عصرا للحرية، ونيل الحقوق، خصوصا للمرأة العراقية التي عانت الكثير من الويلات كما ذكرنا. ولكن لو القينا نظرة شاملة على واقعها، وما تم إنجازه من مكتسبات لها، خلال هذه السنوات الماضية، نجد ان الأمور لم تتغير كثيرا، عما عانته من ظلم وأضطهاد سابقين، فكل الوعود التي قطعت لها لتغيير واقعها، لم تخرج عن نطاق وعود على ورق، وكل ما كانت تحلم بحصولها على دورا رياديا في مجتمعها، ظل في أطار الأحلام والأمنيات.
ففي مجال السياسة وصنع القرار، وبعد ان تأملت المرأة العراقية خيرا من نظام الكوتا الذي يعطيها حق المشاركة في العملية السياسية، وصنع القرار، لم يتعدى دورها في هذا الشأن، عن ان تكون تكملة عدد لاغير، ولم تسهم بشكل فعال في صنع القرارات او إحداث تغييرات في العملية السياسية، كما كان طموحها، بعد ذلك اصبح قرار الكوتا من القرارات المنسية التي طواها النسيان.
لقد زاد واقعها سوءا عما كان عليه، وأزداد عدد الأرامل، نتيجة القتل والفتن الطائفية وبذلك ازداد عدد الايتام، التي اصبح على المرأة ان تعيلهم وتقوم بتنشئتهم وسط ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة جدا، وازداد عدد المطلقات للأسباب نفسها، ولو ألقينا نظرة شاملة، لرأينا أن المرأة العراقية كبلت وقيدت حريتها بشكل كبير، في كل نواحي حياتها، حتى في ابسط واهم حقوقها، واختياراتها الشخصية، من ملبس او سلوكا، لا يخرج عن ثقافة وعادات مجتمعها، لكن البعض اعتبر ذلك يخالف الدين والشرع، ولا يجب السكوت عنه، والأغرب ان هذا الأمر كان على مستوى رسمي، مثل الأقوال والتصريحات، التي كانت تصدر من قبل وزارة المرأة، التي من المفارقات ان تكون المرأة هي من تتولى شؤونها
وكانت هناك محاولات عديدة لصدور بعض القرارات في مجال الاحوال الشخصية كالسعي لإلغاء القانون رقم 188 لسنة 1959 الذي كان يحمي المرأة في كثير من فقراته ويعزز حقوق المراة الشرعية في مجال الزواج والطلاق.
* امل الحسيني تقول: لا أعتقد بأن المرأة العراقية حققت شيئاً يذكرمن احلامها وطموحاتها التي رسمتها للعهد الجديد، الذي توسمت فيه الخير والرفاهية لها ولكل ابناء شعبها، بل أرى ان معاناتها زادت، في ظل القتل والتهجير الذي افقدها زوجها وابنها واخيها، وأصبحت هي المسؤولة في كثير من الأحيان عن اعالة افراد عائلتها، ليضاف ثقل جديد ومرير على كاهلها. فكيف بعد كل هذا نريدها أن تحقق اي انجاز.
* بينما سميرة علي تقول: انا أرى بأن المرأة العراقية استطاعت، برغم كل الظروف القاهرة التي مرت بها، ان تضع بصمتها وتصنع تميزها الخاص، لأني ارى بأن المعاناة تخرج كوامن الإنسان، أيا كان، رجلا ام أمرأة، وتصقلها. وما وقوفها ضد بعض المتطرفين والجهلة، الا شيء يؤكد قوة عزيمتها وإرادتها التي لا تكسر ولاتلين، ولاننسى دور الناشطات في المجال الإنساني ومشاركتهن في تنظيم التظاهرات، والخروج فيها للتعبير عن رفض الواقع المزري الذي يعيشه هذا الشعب المغلوب على امره.
* منار سالم، تؤكد أن المرأة العراقية بعد 2003 فقدت الكثير من حقوقها وحريتها، التي كانت تتمتع بشيء منها، قبل هذه الفترة، فيكفي أنها كانت تخرج من بيتها وهي آمنة من عصابات النهب والتسليب، او ممن يعترض طريقا ليحاسبها على هيئتها ومظهرها، ويملي عليها ما ترتديه او ماتمتنع عن ارتدائه. هذا ابسط شيء، ناهيك عن الامور الأخرى التي تجاوزت على حقوقها، وحاولت ان تعيدها الى عهود الظلام والتخلف، باعتبارها مواطنة من الدرجة الثانية، وما محاولة الغاء قانون 188 الذي صدر عام 1959، الذي كفل حقوقها في الزواج والطلاق، الا دليل على ذلك، وهو جزء من التراجع الذي حدث في واقع المرأة العراقية.
* سلوى احمد تقول: أن انعدام الأمن والحياة غير المستقرة، التي نعيشها جميعا، لابد ان تؤثر على المرأة، وتلقي بظلالها الثقيلة على شؤون حياتها، لذلك لا يجب ان نُقيم انجازات اي شخص، والمرأة خصوصا، في مثل هذه الظروف غير الطبيعية والتي عانينا منها جميعا.
سعاد هاشم، ترى أن المرأة العراقية، عانت ومازالت من جور مجتمع ذكوري، لايريد أن يعرف للمرأة غير أن تكون أداة للأنجاب وتربية الأبناء، ويرفض ان يكون لها اي دور مهم في المجالات الحيوية، التي تخدم المجتمع ويمارس عليها شتى الضغوط، للحد من حريتها. فكيف بعد هذا تستطيع المرأة ان تبدع، او تبرز في اي مجال كان.
* اشواق الرفاعي ترى أن هناك تغيير كبير جداً في وضع المرأة العراقية، من ناحية اطلاعها على حقوقها. وما هي الواجبات المترتبة عليها، وهذا حسبما تقول، بفضل التوعية الثقافية، واكتساب المهارات وتطويرها من قبل منظمات المجتمع المدني التي زادت من وعي النساء بطلب حقوقهن.
* وتؤكد احلام حسن، أنه على الرغم من أن أوضاع المرأة العراقية قد أحرزت بعض التغييرات الجذرية بعد العام 2003، الا أنها لا زالت دون مستوى الطموح، فمشاركتها في المجال السياسي والأقتصادي دون المستوى المطلوب او حتى شبه معدوم وغير مؤثر بالمرة وتطمح ان يتغير هذا الواقع بفضل مثابرة المراة العراقية المكافحة ابدا لنيل حقوقها لتحتل المكانة التي تستحقها وتحقق الانجازات التي تفيد ابناء شعبها ووطنها.
كل ما ذكرناه أدى الى فقدان المرأة العراقية الكثيرمن حقوقها.. غيبت واقصيت وهمشت.. وهذا ما يعني ارجاعها الى الخلف بتنميط دورها في الحياة وارغامها بعدم المشاركة في بناء المجتمع والتنمية.. وابعادها عن الدور السياسي الذي تطمح اليه في ايصال صوتها وفرض قراراتها على الدولة.
فحقيقة الفكر الذكوري المهيمن على المجتمع العراقي يرفض اعتبار المرأة انسان كامل.. ويريد المرأة تابعة قابعة في البيت أمية ضعيفة ومنكسرة.. يخشى تفوقها..
فهل سيستمر هذا الواقع بعد قرابة العشر سنوات من تغيير النظام ام ستثور المرأة العراقية على واقعها وتحاول تغييره بشتى الصور هذا ماسنتركه للأيام كي تجيب عنه..