هذه أنا(الحلقة الرابعة)



ماجدة منصور
2014 / 6 / 2

هذه أنا (الحلقة الرابعة)
أنا و المأذون-ة- كاترين باتريك
لا أعرف ماذا اقول لكم..إني أحاول أن أنقل لكم معاناتي ففي البوح بعض الراحة.
مشكلة المرأة في بلاد العرب..أنها لا تستطيع البوح بما يعتمل في داخلها..فكيف هو الحال إذا كان البوح قد اتخذ صفة عالمية حيث الإنترنيت يجعل من ألمنا..عالميا؟؟
لم لا نجرب عولمة الألم؟؟
غادر السيد الأنيق.ج س مكتبي بعد أن قلت له أنني لا أملك الصلاحية في نظر مشكلته فأنا ما زلت موظفة مبتدئة في دائرة الهجرة و ما زلت تحت الإختبار.
نظر الي بعينين جريئتين و قال ..أوكي..لكن تأكدي جيدا بأنني سأعود لك؟؟
ماذا يقصد بأنه سيعود لي؟؟؟ لا يهم ماذا يقصد..ما يهمني هو أن أحتفظ بعملي بكل قوتي..
خرج من مكتبي و لكني تمنيت بداخلي أن أراه ثانية.
ها أنا أقود سيارتي فقد حان الوقت كي أذهب الى مدرسة إبنتي للعودة بها الى البيت.
كان هذا هو يوم الجمعة..وبعده سيكون لدي يوما إجازة هما السبت و الأحد.
قررت أن أتجول مع إبنتي في الريف الإسترالي.
إستراليا مكان آمن تماما للنساء فأنا اذهب حيث أريد و ألبس ما أشاء فهناك لا عيون جائعة تلتهم جسدي و لا ألسن تشوه سمعتي فالمرأة تملك حريتها كاملة و لا يمكن لكائن من كان أن يعترض على حريتها.
إن حريتي هي إلتزام كامل..و أنا ملزمة الآن أن أحترم حريتي..فمن قال لك أن الحرية تعني الإنفلات..هو جاهل لا يدرك من الحرية إلا أنها ثقب يقبع بين فخذي المرأة فقط لا غير.
الحرية تعني لي أنها إلتزام صارم بقدسية جسدي و فكري و إنسانيتي.
توجهت مع إبنتي الى الريف الإسترالي..فأنا أريد إكتشاف عالمي الجديد و ليس هناك من يرسم لي حدود عالمي الآن فالعالم قد أصبح ملكي أنا.
قضيت يوم السبت و الأحد في الريف الراثع و رجعت بعدها الى بيتي.
يوم الإثنين رجعت الى عملي كالمعتاد.
بعد ساعة..إستدعاني مديري المباشر الى مكتبه.
قال لي: سيدتي..لقد رأت الإدارة أنك غير صالحة لمزاولة العمل في دائرتنا..و يمكنك الآن أن تستلمي نقودك ..و المغادرة.
لقد نزل علي كلامه كالصاعقة..فتحت عيناي على آخرهما..و قلت له..طز..و بجهنم الحمرا.
في الحقيقة..أنا طويلة اللسان و ابعد ما أكون عن الأدب.
من الجائز أن قلة أدبي قد إكتسبتها من مجتمع و بيئة لا ينفع فيها الأدب.و طالما قالت أمي أنني قليلة الأدب و التربية.
لملمت أغراضي من مكتبي بسرعة و إتجهت الى الدرج مسرعة نحو الخارج...
أنا الآن أهرول مسرعة نحو الخارج..وكنت أشتم إستراليا على سوريا على الدنيا كلها...ووجدت نفسي أتدحرج على الدرج و أدحرج معي السيد الأنيق..ج.س.
لقد اصطدمت بالسيد الأنيق..بعنف..و تدحرج معي على الدرج.
قام السيد الأنيق بسرعة و هو ينفض بدلته الأنيقة و نظر الي قائلا: اللعنة...ماذا يحصل هنا؟؟
كانت محتويات حقيبتي قد تناثرت على الأرض و أخذت ألملم محتوياتها بغضب .
فجأة..أمسك السيد ج.س. يدي و قال لي بلهجة فيها كثير من العطف و الحنان...أرجوكي سيدتي..إهدأي قليلا.
صرخت فيه..و قلت: و من أنت حتى تمسك يدي!!!!من أنت حتى تقول لي أن أهدأ!!! و هل تظن أنني مجنونة حتى تدعوني الى الهدوء؟؟
شتمت السيد .ج.س..ببعض مفردات الشتائم التي تعلمتها في إستراليا و غادرت مسرعة.
دخلت الى سيارتي القديمة وأنا أنوي الهروب الى بيتي..حيث يمكنني البكاء..دون أن يراني أحد.
دائما..كنت أبكي و أنا مستترة..لم يرى كائن من كان دموعي أبدا...فأنا أعتير الدموع سرا مقدسا لا ينبغي لأحد أن يراه.
في الحقيقة..أنا أعتبر الدموع ضعفا و قلة حيلة و أنا لا أطيق ان يرى أحد ..ما..دموعي..لأني أعتبرالدموع كجزء من جسدي و لا ينبغي لأحد رؤيته.
السيارة اللعينة لا تدور..بها خطب ما...لقد إشتريتها من طالب جامعي و كانت في حالة يرثى لها.
السماء تمطر في الخارج و البرد اللعين يعم المكان.
السيارة لا تدور و البرد يحاوطني...وأنا قد فقدت عملي..و يجب علي الذهاب الى مدرسة إبنتي كي آتي بها الى البيت.
اللعنة على الغربة ..و سنينها... يلعن أبو اللي كان السبب.
الشتيمة و السباب..تخفف عني معاناتي دائما بل إنهما كالطبيب النفسي بالنسبة لي...إشتموا دائما..فإن الشتيمة تخفف القهر و العذاب و إسألوا مجرب.
كنت في معركة يائسة مع سيارتي التي تأبى أن تدور.
فجأة ..سمعت نقرا..على زجاج سيارتي..كان المطر في الخارج عنيفا و كأنه كان يشاركني غضبي و يأسي و عذابي.
نظرت الى هذا الذي ينقر زجاج سيارتي...و كان هو السيد الأنيق...ج.س.
فتحت نصف الزجاج و قلت له بعصبية مكتسبة: نعم..ماذا تريد ايها الأنيق؟؟؟
قال لي بهدوء مستفز...لا شيئ...فقط أريد أن أسالك إذا كنتي تريدين أي خدمة؟؟؟
قلت له بغضب ظاهر...أنا لا اريد أي شيئ...أريد فقط أن تنقلع بأقصى سرعة.
قال: إهداي قليلا..و سوف (أنقلع) ريثما أطمئن عليكي...دعيني أساعدك..أنا فقط اريد مساعدتك.
قلت له...أريدك أن تطلب لي (تاكسي) كي تنقلني الى مدرسة إبنتي..حتى رصيد موبايلي كان قد إنتهى في هذا اليوم اللعين.
إبتسم قائلا...هل لديك مشكلة إذا إعتبرتيني (سائق تاكسي)...أنا تحت أمرك الآن..إعتبريني سائق تاكسي
الى اللقاء في الحلقة الخامسة