يوم العمل التعاوني التحسيسي، ودور التعاون في إدماج نساء إقليم الرشيدية - بالجنوب الشرقي المغربي –سوسيو اقتصاديا



لحسن ايت الفقيه
2014 / 6 / 7

في إطار مشروع مواكبة النساء المتحررات من الأمية المدعم من لدن وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، وتحت شعار «العمل التعاوني رافعة التنمية»، نظمت شبكة الجمعيات التنموية لواحات الجنوب الشرقي المدعوة اختصارا RADOSE يوم العمل التعاوني التحسيسي، ودور التعاون في إدماج نساء إقليم الرشيدية سوسيو اقتصاديا يوم الخميس 05 من شهر يونيو من عام 2014 بقاعة الاجتماعات التي تستغرقها بناية غرفة التجارة والصناعة بمدينة الرشيدية.
انتظم البرنامج في ثلاث فقرات: الافتتاح بثلاث كلمات، كلمة شبكة الجمعيات التنموية لواحات الجنوب الشرقي المدعوة اختصارا RADOSE، وكلمة ممثل مندوبية التعاون الوطني، بل ممثلتها هي التي حضرت، وكلمة وكالة التنمية الاجتماعية، وفقرة العروض في فقرتين: الفقرة الأولى حوت عرضَ «تقرير حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء بإقليم الرشيدية» (لحسن ايت الفقيه)، وعرض العمل التعاوني وضرورة الانخراط في المنظمات المهنية (ذ.أشرف الحمدوشي)، عقبهما النقاش. وفي الفقرة الثانية عُرض الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كرافعة للتنمية المحلية (ذ.عبد الله السوهير)، وعرض الإطار القانوني للتعاونيات (ذ.محمد باحو)، وعرض حول التعاونيات الفلاحية بإقليم الرشيدية (ذ. محمد دوحو)، ولقد حصل نقاش مستفيض للعروض والمداخلات، وجرى الوقوف عند بعض التوصيات.
حوى تقرير شبكة الجمعيات التنموية لواحات الجنوب الشرقي الموسوم «حقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية بإقليم الرشيدية»، والذي سيصدر في شكل مطبوع قريبا، أربعة فصول. و«الهدف من التقرير الوقوف عند وضعية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء بإقليم الرشيدية، وإعداده ليشكل مرجعا لشبكة الجمعيات التنموية لوحات الجنوب الشرقي، إن في أفق تحقيق إدماج النساء سوسيواقتصاديا، أو في إعمال حقوق النساء الاقتصادية والاجتماعية، بحمايتها، والنهوض بها، وتقوية مؤهلات النساء وتوجيههن للتكيف والتحولات السريعة التي تمس محيطهن السوسيواقتصادي».
و«يستغرق التقرير الحقوق المكفولة على مستوى الدستور المغربي، وتلك المضمنة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولأن التقرير يخص ميدانا لا تزال تطغى فيه القبيلة وتسود، فمن المفيد الوقوف عند التوترات التي تعيق ولوج المرأة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتي يرتبط جلها بالثقافي الذي يلتهم الحقوق المكفولة، ويرتبط نزر منها بالتحولات التي شهدها الوسط ابتداء من منتصف السبعينات من القرن الماضي، من ذلك الهجرة القروية، وجفاف الثمانينات. ولأن إعمال هذه الحقوق ذات ارتباط بالدولة، أو بالأحرى، بالإرادة السياسية، فإن تقريره وإن كان يغطي نطاقا إداريا جغرافيا محدودا، فهو مرتبط أشد الارتباط، بما هو وطني، أي مجهودات الدولة في هذا المجال، وتراجعها في مجالات أخرى. فالتقرير نوع من التقييم في الآداء الحقوقي، يعتمد على الدراسات الميدانية كالدراسة المنجزة من لدن السيدة فرنسيسكا جيلي في إطار التعاون بين الشبكة المغربية للاقتصاد والتضامن (REMESS)، وأوكسفام إيطاليا، وعلى السجل الصوتي لوقائع المنتدى المنظم يوم الأحد 22 من شهر دجنبر من عام 2013، حول تشخيص الواقع الصحي بإقليم الرشيدية، وعلى الإحصائيات الرسمية في مجال التعليم والصحة، وتقارير حول المشاريع المنجزة في برنامج التنمية البشرية، وبرنامج جبر الضرر الجماعي، وتقرير حول ميزانية النوع الاجتماعي الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية سنة 2014، والتقريران الدوريان المجتمعان الثالث والرابع الذي رفعته الدولة المغربية إلى اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، والمقالات الصحافية والبيانات النقابية، فضلا عن إحصائيات رسمية باتت متوافرة لدى الأصدقاء».
ولقد صاف إعداده عدة مشاكل من ذلك الولوج إلى المعلومة الذي بات يسيرا بإقليم الرشيدية، فوق أن هناك عدة توترات من ذلك عُسر الولوج إلى المعلومة، ومشكل الدقة. وقبل ذلك طرح إشكال التملك، بمعنى، هل يحق ورود هذه الحقوق كحقوق فردية تتقدمها عبارة «لكل شخص الحق في .....»، أم هي حقوق جماعية أو فئوية. وفوق ذلك من النساء اللائي يرفضن أن ينعتن كفئة مادام المجتمه يتكون من رجل وامرأة وكل التنظيمات عمادها الرجل والمرأة. وطرح كذلك إشكال المجتمع غير المتجانس بإقليم الرشيدية، أو بالأحرى تعدد الوحدات السيوسيومجالية المتجانسة، وهي في الواقع وحدات سوسيوثقافية، والاختلاف بينها يعني في البدء مواجهة التعدد الثقافي واللغوي وضمنه تعدد مصادر التوتر الذي يحول، في الغالب، دون الولوج السليم إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء.
ركز الفصل الأول على مجهودات الدولة في مجال إعمال حقوق النساء عامة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وحسبنا أنه «حصل في شأن إعمال حقوق النساء مجموعة من المكتسبات، وذلك في إطار مسار ترسيخ دولة الحق والقانون الذي سلكته الدولة المغربية خلال العقدين الأخيرين. ولقد أتى ذلك في إطار الانفتاح الديموقراطي في الميادين السياسية والقانونية، حيث جرى إنجاز مجموعة من الإصلاحات الكبرى خصوصا تعديل قانون الحريات العامة، وقانون الانتخابات ومدونة الأسرة وقانون الجنسية، كما انكب المغرب خلال العقد الأخير على معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في الماضي»، فضلا عن إصلاحات أخرى ذات صلة بيسر ولوج النساء الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وركز الفصل الثاني على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء. وإنه «من المفروض ألا يشكل إقليم الرشيدية استثناء في المجهود المبذول والممهد لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء. لكن هناك عدة عناصر تشكل بعض التوتر أمام ولوج النساء، بشكل يسير وسليم، إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية». وانتظم الفصل في فقرتين، فقرة الحقوق الاقتصادية وفقرة الحقوق الاجتماعية. ركزت فقرة الحقوق الاقتصادية على تقديم إقليم الرشيدية موارده حيث يغطي «مساحة واسعة تضاهي 79210 كلم2، أي حوالي 10 في المئة من مساحة المغرب. تعرض للتقسيم بواسطة مرسوم وزاري يعود إلى سنة 2009 لإحداث إقليمي ميدلت وتنغير. ويعتمد النشاط الاقتصادي في واحات الإقليم على الزراعة بالدرجة الأولى، ثم الرعي وتربية الماشية، والاستغلال المنجمي والصناعة التقليدية، والسياحة. يبلغ عدد سكان الإقليم 458058 نسمة، وهو عدد يقبل بعض التعديل في شتنبر 2014 المنظور. تضاريس الإقليم وعرة ومناخه شبه قاري. معظم السكان يقطنون في قصور، وحسب مضمون المونوغرافيات الجهوية فإن السكان يتكونون من 49،1 في المئة من الرجال، و50،9 من النساء. يعيش بالإقليم نسيج سوسيوثقافي من الأمازيغ والعرب والأفارقة، وتعدد سوسيواقتصادي. ويعاني الإقليم من ارتفاع نسبة الفقر. وحسب ما رسم في خريطة الفقر بالمغرب لسنة 2007، فإن نسبة الفقر بالإقليم تضاهي 27،8 في المئة، 30،9 في المئة منها بالوسط القروي، وترتفع نسبة الفقر في بعض الجماعات القروية إلى حوالي 40 في المئة. ولأن بيانات الفقر لم تخصص نسبيا للنساء، فيمكن القول، إن لهن ارتباطا بالأسر (الكوانين). لذلك جدرت ملامسة مستوى ولوجهن الحقوق الاقتصادية من خلال مؤشرات الأمية، ومن خلال العنف الممارس ضدهن والذي يؤثر سلبا على استقرار الأسرة، وضمن أشكال العنف، نلفى العنف الاقتصادي الذي يتجلى في ابتزاز النساء وحرمانهن من الإرث، كما سلفت إليه الإشارة، والنفقة». وجرى الوقوف عند الأمية بما هي معوق الولوج الحقوق الاقتصادية، وكذا العنف ضد المرأة. وعن الحقوق الاجتماعية « صعُب استقصاء المعلومات ذات الصلة بالحقوق الاجتماعية للنساء لندرة الوثائق. ولئن كان تشخيص وضع ولوج المرأة إلى الصحة يسيرا بفعل غليان الوضع ابتداء من شهر دجنبر من عام 2013، انجر عنه بروز الكثير من الأرقام والمؤشرات تمكن من تشخيص ولوج المرأة إلى الصحة، فإن ما يفيد في تشخيص الحق في التعليم ظل نادرا». وورد ضمن الفقرة الثانية الحق في الولوج إلى الصحة والذي عرف « بعض التقدم والنمو، لكن توترات استفحل وقعها في الشهور الأخيرة أثرت على الحق في الولوج إلى الصحة». ولقد «حصل التسجيل في الميدان مجموعة من المنجزات والمشاريع الوزارية، وهي ذات قيمة مضافة من ذلك بناء مركز الأنكولوجيا، ومستشفى الأمراض العقلية، ومركز تصفية الدم، ومركز التعليم والترويض الطبي».
ومن بين التوترات المعوقة لولوج النساء إلى الحق في الصحة ما يلي:
- عدم التوزيع المتكافئ للمؤسسات الصحية بالإقليم على النقط العمرانية، ويوجد بإقليم الرشيدية حوالي 56 مؤسسة صحية.
- الخصاص في الأطر الطبية رغم تعويض النزيف الذي أحدثته الحركة الانتقالية برسم 2013.
- عدم التكافؤ في الموارد البشرية والإمكانيات المادية بين أقاليم جهة مكناس تافيلالت. ذلك أن إقليم الرشيدية شاسع يضم 29 جماعة قروية وسبع بلديات.
- إقليم الرشيدية منطقة طرد الموظفين لأنها منطقة نائية.
- تمركز الصحة بعاصمة الإقليم.
ووقف التقرير عند المجهودات المبذولة في التعليم. وتناول الفصل الثالث التحولات السوسيومجالية ووقعها على حقوق المرأة الاقتصادية والاجتماعية. ولقد انفعلت «المرأة مع التحولات المذكورة بالانخراط في الجمعيات التنموية والتعاونيات. وساد بإقليم الرشيدية أشكال تعاونية عرفية، وعادات تعاونية شفاهية لا مكان للمرأة فيها، عدا تسخيرها في حراسة مواشي القصر (الدوار) المعروفة ب«تاوالا»، في الغالب. ولا تزال أشكال التعاون التقليدي قائمة بالبوادي تمارس دورها حيث يقوم أفراد القرية أو الجماعة بتقديم خدمة لمن يطلبها في ميدان الحرث والحصاد والجني وإصلاح السواقي».
وتناول الفصل الأخير، العوائق السوسيوثقافية المعوقة ولوج المرأة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بإقليم الرشيدية.
سجل أن هناك تقاليد شفاهية ا« تنتهك بعض الحقوق من ذلك على سبيل المثال:
- الإرث الذي يعد حقا مشروعا لكن المرأة لا تستفيد منه في كثير من الأوساط بفعل وقع الثقافة. ويقوم حرمان حق المرأة من الإرث على مبدأ التماسك العشائري إذ لا يجوز في بعض الأوساط انتقال الملكية من أسرة إلى أخرى ومن عشيرة إلى أخرى إن جاز في الوسط الزواج العشائري.وتنبغي الإشارة إلى أن ملكية الأرض غير واردة في بعض الأوساط الأمازيغية فهي ذات طبيعة سلالية مشاعية يجري استغلالها جماعيا. ولم يظهر تجزيئها إلا في وقت متأخر لما تأثرت الكثير من الأوساط بالكتابية وبالتدخل الاستعماري الذي عمل انتزاع الملكية الجماعية وتحويلها إلى ملكيات فردية. ويعنينا أن ملكية الأرض غير واردة ثقافيا. وتجب الإشارة إلى أن الجماعات لم تعد تستفيد من الأراضي السلالية رغم أنها حق مشروع فقد وزعت على المستثمرين مما يستدعي مراجعة وضع الأرض السلالية من منظور الحقوق الثقافية.
- الحقوق المضمنة في مدونة الأسرة لا تتناسب في الغالب وحق المرأة الثقافي الطلاق في الأوساط التي ترى الحب أساس الزواج. ففي هذه الأوساط تتنازل المرأة عن مستحقاتها القانونية المضمنة في المدونة. وللأسف، يقوم القاضي تطبيقا لمضامين مدونة الأسرة باستدعاء الزوجين مرات متعددة محاولا إقناع المرأة لأخذ مستحقاتها لكن بدون جدوى.ويعنينا أن الثقافي يحرم المرأة من حق يضمنه القانون الوضعي.
- حق المرأة في التسيير العرفي وتحمل المسؤولية في الجماعات السلالية والمشيخة وفي المشاركة في الرأي حق غير وارد في العرف وفي التقاليد الثقافية الشفاهية.وبالمقابل يضيق القانون الوضعي الخناق على بعض الحقوق الثقافية أو على الأقل لا يصدر القضاة أحكاما خفيفة على مرتكبي بعض الجنح أو الجنايات المرتبطة بالعرف. ففي بعض التقاليد الثقافية القديمة يسمح للمرأة المتزوجة بمعاشرة شركاء جنسيين في السر، ويسمح للمطلقة بالحرية الجنسية، علما أن بعض المصطلحات من نوع الدعارة، البغاء، دخيلة على هذه الأوساط.
المداخلة الثانية «عرض العمل التعاوني وضرورة الانخراط في المنظمات المهنية» (ذ. أشرف الحمدوشي). عرف في البدء التعاونية بما هي « جماعة تتألف من أشخاص طبيعيين اتفقوا أن ينضم بعضهم إلى بعض لإنشاء مشروع يكون الغرض منه أن يتيح لهم وحدهم الحصول على المنتجات والخدمات التي هم في حاجة إليها, وللقيام بتسييره وإدارته وفق المبادئ الأساسية المحددة في الفصل الثاني من القانون رقم 24.83 المتعلق بتحديد النظام الأساسي العام للتعاونيات ومهام مكتب تنمية التعاون, بغية بلوغ الأهداف المنصوص عليها في الفصل الثالث من نفس القانون». ومن المبادئ العامة للتعاونية أنها « تجمع لعدد من الأشخاص، بفضل انضمام بعضهم للبعض يستطيعون الحصول على مزايا التي لا يستطيع الفرد الواحد تحقيقها، وتضمن التعاونية نجاح مزدوج، نجاح اقتصادي لكونها تساعد الفلاح الصغير على مواجهة الصعاب التقنية والمالية، واجتماعي لكونها ترغم على كل واحد التفكير وتوجيه جهوده صوب الهدف الجماعي. وأن هذا النجاح المزدوج لا يتأتى إلا بروح التعاون والتحام المجموعة، ولاستعمال العقلاني للموارد والأفكار، والمشاركة الفعالة لكل واحد في حياة التعاونية، والتسيير السليم، والإدارة جيدة، والمساعدة التقنية والتأطير من جانب الإدارة ». ومن أهداف التعاونية وأغراضها عامة «تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها، تخفيض ثمن التكلفة, وكذا ثمن بيع بعض المنتجات أو الخدمات إن اقتضى الحال ذلك، وتنمية إنتاج أعضائها ورفع قيمته إلى أقصى حد، وتوزيع الفائض كلا أو بعضا على المتعاونين بحسب العمليات التي أجروها مع التعاونية أو العمل الذي قدموه لها خلال السنة المنصرمة». ومن أهدافها من حيث الاقتصاد الرفع من المستوى الاقتصادي لأعضائها، وتخفيض التكلفة (الشراء والإنتاج الجماعي وتقسيم المصاريف(، والتقرب من المستهلك ومحاربة الوسطاء، وتحسين نوعية الإنتاج والرفع من قيمته باللجوء إلى الأساليب العصرية، والتسويق في الوقت المناسب وفي أحسن الظروف وبأثمان معقولة، وإمكانية الحصول على القروض اللازمة لإنجاز المشاريع المشتركة.
ومن أهداف التعاونية من الناحية الاجتماعية إنجاز مشاريع اجتماعية لفائدة الأعضاء، وتوافر سكن ملائم، والتزود بالمواد الغذائية، والاستفادة من الضمان الاجتماعي، والتغطية الصحية، ومحاربة الأمية. وأورد المحاضر ست مبادئ للتعاونية: الباب المفتوح، والمساواة، وتوزيع الفائض حسب المعاملات، والمساهمة الفعلية للأعضاء، وعدم مكافأة رأس المال من حيث المبدأ ، وأخيرا التعاون بين التعاونيات. وانتقل السيد أشرف الحمدوشي إلى بيان الفرق بين التعاونية والجمعية والشركة، ولم يغفل دور التعاونية في التنمية البشرية في إعطاء الأولوية للإنسان بصفته رأسمالها، وممارسة أعمال التعاونية في جميع النشاط الإنساني، وتوزيع الفائض على المتعاونين بحسب تعاملهم وليس بحسب رأسمالهم، وتحسين وضعية الأعضاء ومحيطهم اقتصاديا واجتماعيا. ولم يغفل المحاضر إجراءات التأسيس حيث يجري في ما قبل التأسيس التحسيس بالاقتناع بأسلوب التعاون، وتوافر الرغبة في إحداث مؤسسة تعاونية. ويمكن عقد الاجتماعات التمهيدية طمعا في «تمكين الأعضاء من معرفة الحقوق والواجبات. تقريب وجهات النظر بمختلف مراحل المشروع». وعُقب ذلك يأتي التصريح بنية التأسيس، وإعداد عقد عرفي، وتوقيعه، وتوفير معلومات متعلقة بالتعاونية، ومعلومات أخرى متعلقة بالأشخاص المؤسسين، وإرسال التصريح إلى مكتب تنمية التعاون في ثلاث (3) نسخ موقعة من لدن سبعة 07 أشخاص على الأقل.
يجري عقب ذلك الاستدعاء للجمع العام التأسيسي، الذي يحضره وجوبا المؤسسون والمدعوون لمناقشة النظام الأساسي، ومناقشة النظام الداخلي، وانتخاب أعضاء المجلس الإداري، وتحديد برنامج العمل للموسم الأول، وتعيين مراقب الحسابات، وحصر قائمة المكتتبين في الرأسمال الأصلي والمدفوع منه. ومن المفيد تحديد لائحة الإدارات الواجب استدعاؤها من قبل، وعقب ذلك يحصل تكوين ملف التأسيس الذي يحوي محضر الجمع العام ونسخ من النظام الأساسي والداخلي ولائحة المكتتبين، ولائحة الحضور وشهادة ممارسة المهنة لكل الأعضاء، ولائحة أعضاء المجلس الإداري، ووصل إيداع رأس المال في المؤسسة البنكية، وتعيين مراقب الحسابات وشهادة قبول ممارسته المهمة، وأشار بالتفسير المستفيض إلى طلب الترخيص وإلى تنظيم التعاونية واشتغالها مشيرا إلى عقد جمعية عامة برسم أول موسم اجتماعي بعد الحصول على الترخيص. وتساءل السيد أشرف الحمدوشي «كيف يتم عقد الجمع العام العادي؟»، وجب في البدء تحرير الاستدعاء، ولتأكد من النصاب القانوني، وتعيين رئاسة الجمع العام، ووضع جدول الأعمال، وإعداد برنامج العمل، وتحرير المحضر، بشأن وقائع الجمعية العامة. وتعني الجمعية العامة هي أعلى سلطة تقريرية، الجهاز التشريعي في حيات التعاونية. فهي تحدد السياسات العامة للتعاونية، تحدد برامج العمل تنتخب وتعزل أعضاء مجلس الإدارة، وبشكل عام تحدد مسار ومصير التعاونية. وتنعقد الجمعية العامة العادية كلما دعت ضرورة التعاونية إلى ذلك، ومرة واحدة على اقل في السنة.
وأشار إلى الجمعية العامة العادية السنوية، وكيفية انعقادها، إذ بمبادرة من مجلسها الإداري تعقد الجمعية العامة العادية السنوية من لدن مراقب الحسابات أو الإدارة أو مكتب تنمية التعاون، وبناء على طلب 1/3 الأعضاء على ألأقل، والجمعية العامة العادية السنوي، والتأكد من النصاب والآجال، أي: 15 يوما خلال الدعوة الأولى، و 10 أيام خلال الدعوتين الثانية والثالثة، و 60 يوما إذا تعلق الأمر بطلب من الإدارات السابق ذكرها و1/3 الأعضاء، والجمعية العامة العادية السنوية. ويجب التأكد من النصاب، أي: 50% على الأقل خلال الدعوة الأولى، و ¼ على الأقل خلال الدعوة الثانية، و1/10 المتعاونين وخمسة أعضاء على كل حال. واستحضار التصويت يكون بالأغلبية المطلقة للأصوات المعبر عنها. وعاد إلى الجمعية العامة العادية السنوية للإفصاح عن جدول أعمالها، والذي يحوي، في الغالب، الاستماع إلى تقرير مجلس الإدارة، وتقرير مراقب الحسابات، والمناقشة على الحسابات السنوية والموافقة عليها أو تصحيحها أو رفضها، أو إبراء ساحة أعضاء المجلس أو رفض ذلك، وتوزيع الفوائض السنوية، وتحديد الميزانية السنوية، وتجديد ثلث أعضاء المجلس والموافقة أو الرفض للتعيينات، و تعيين مراقبي الحسابات وتحديد أجورهم.
وعاد إلى الجمعية العامة غير العادية مبينا نصابها، وجدول أعمالها، واتخاذ قراراتها. والنصاب ( ¾ على الأقل خلال الدعوة الأولى، و ½ على الأقل خلال الدعوة الثانية، و 1/10 المتعاونين وخمسة أعضاء على كل حال.
والجمعية العامة غير العادية، أشار بصددها إلى تغيير النظام الأساسي، وانضمام التعاونية إلى اتحاد أو انضمام الاتحاد المنتمية إليه إلى الجامعة الوطنية للتعاونيات، واندماج التعاونية في تعاونية أخرى، وتمديد أجل التعاونية، وحل التعاونية، تقييم الحصص العينية.
وعن اتخاذ القرارات قال تتخذ قرارات الجمع العام غير العادي بأغلبية ثلثي الأصوات المعبر عنها، كون المواضيع التي تبث فيها تتسم بالأهمية القصوى بالنسبة للتعاونية.
وتطرق إلى موضوع مساعدة التعاونية مشيرا أنه بحكم القانون تدير التعاونية أمورها وتسير شؤونها بنفسها, ويجوز لها الاستعانة بالإدارة ومكتب تنمية التعاون. وتخضع التعاونيات واتحاداتها للمراقبة بغرض ضمان تقيد أجهزتها بأحكام القانون من طرف الدولـــة، ووزارة المالية، ومكتب تنمية التعاون. وتهدف المراقبة إلى ضمان تقيد كل أجهزة الإدارة بأحكام جميع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالتعاونيات واتحاداتها. ويجب على هذه الهيئات تقديم كل ما طلب منها ذلك، جميع الوثائق والمعلومات الدالة على احترامها للقوانين والأنظمة إلى من أسندت إليهم الإدارة المعنية ومكتب تنمية التعاون القيام بهذه المهمة، ويجب إعداد تقرير عن كل بحث يودع لدى مكتب تنمبة التعاون. و.إذا كشف التقرير عجز أعضاء المجلس أو خرق لأحكام القوانين والأنظمة المتعلقة بالتعاون أو تجاهل خطير لمصالح التعاونية طلب م.ت.ت خلال 30 يوما التالية لإيداع التقرير انعقاد الجمعية العامة غير العادية لاتخاذ التدابير اللازمة لتصحيح الوضعية. وبعد انصرام 6 أشهر على انعقاد الجمعية العامة غير العادية دون أن يطرأ تحسن على الوضعية وجب على م.ت.ت أن يقترح، بطلب من الإدارة المعنية أو من تلقاء نفسه، سحب الترخيص.
وعن سحب الترخيص أشار أنه بقرار من الإدارة، يسحب الترخيص إذا جرى الحصول على الترخيص بطريقة التحايل، أو إذا حلت التعاونية بحكم قضائي أو بقرار من الجمعية العامة غير العادية. وإذا ثبت انقطاع نشاط التعاونية طيلة سنتين متواليتين، وفي حالة عدم مراعاة أحكام الفصل 10 من القانون، وإذا فقدت صفة مؤسسة تعاونية بتغيير نظامها الأساسي، وانخفاض رأس المال دون ¾، وتطبيق مقتضيات الفصلين 79 و 80. واما حل التعاونية فيحصل بقرار الجمعية العامة غير العادية، في حال انخفاض رأس المال عن الحد الأدنى ¾، وفي نقص عدد الأعضاء عن العدد الأدنى القانوني 7، وفي ضعف إرادة المتعاونين، وبلوغ مبلغ الخسائر الواجبة تسويتها ¾، أو صدر حكم قضائي بحلها، وفي حالة سحب الترخيص.
بعد فاصل من الاستراحة حصل التعديل في البرنامج بإزاحة عرض الأستاذ عبد الله السوهير تحت عنوان «عرض الاقتصاد الاجتماعي التضامني كرافعة للتنمية المحلية» من الفقرة الأولى ليلقي في الفقرة الثانية، وأُلقي«عرض الإطار القانوني للتعاونيات»، الذي كان من المفروض أن تُلقيه الأستاذة نسرين الجاوي، لكن زُحزحت عن منصة الإلقاء لعُذر ما قد يتصل بغيابها، وجيء بالأستاذ محمد باحو ليحل محلها. وزُحزحت الأستاذة فاطمة جاري وجلس محلها بالمنصة الأستاذ محمد ودحو لإلقاء «عرض حول التعاونيات الفلاحية بإقليم الرشيدية».
إن «الاقتصاد الاجتماعي التضامني رافعة أساسية للتنمية المحلية» عنوان أول مداخلة استهل بها الأستاذ عبد الله السوهير الفقرة الثانية من ندوة برنامج سمته «دور العمل التعاوني في الإدماج السوسيو اقتصادي للنساء بإقليم الرشيدية». ففي البدء عُرض التعريف. فبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعرف التنمية المحلية على أنها: «ثمرة إنجاز يهدف إلى تحسين ظروف عيش السكان القاطنين في فضاء معين، وذلك بكيفية مستدامة على المستويات المؤسساتية أو الجغرافية أو الثقافية». و «من أجل كسب رهان التنمية المحلية وتحقيق شروطها، لا بد من تعبئة جهود مختلف الفاعلين المحليين الرسميين وغير الرسميين وضمان تضافرها، وذلك لما للتنمية المحلية، بما هي عملية متكاملة لا تحصل بواسطة تدخل فاعل محلي دون آخر، وإنما تحصل بواسطة سياسات متكاملة ومندمجة، من أخذ بعين العناية المحيط و الاعتبارات السوسيو اقتصادية والاختلالات المجالية». وأما دور الجماعات المحلية في مجال النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة فيكمن في أن «يضع المجلس الجماعي المخطط الجماعي للتنمية، ويصوت عليه، ويتخذ كل التدابير الكفيلة بتحفيز وإنعاش الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية وينفذ البرامج الوطنية والجهوية والمحلية في مجال محاربة الأمية، ويقوم بكل أعمال المساعدة والدعم والتضامن وكل عمل ذي طابع إنساني أو إحساني، و يقوم بكل عمل محلي من شأنه تعبئة المواطن قصد تنمية الوعي الجمعي من أجل المصلحة المحلية العامة وتنظيم مشاركته في تحسين ظروف العيش». واستدرك الأستاذ عبد الله السوهير أنه «رغم كل المؤشرات الإيجابية في مجال النهوض بالتنمية البشرية ومحاربة الفقر، تظل غير كافية بالنظر للنمو الديموغرافي والحضري السريع. وترجع هذه المحدودية بالأساس إلى حضور الدولة وحدها فيما يخص التدخل في هذا المجال من خلال مؤسسة التعاون الوطني، ومحدودية تدخلات الجماعات المحلية، وغياب الانسجام والتناغم في السياسات العمومية التي تهم التنمية البشرية ومحاربة الفقر» وكل ذلك قد يعوق دور الجماعات المحلية في مجال النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة. ولم ينكر الأستاذ عبد الله السوهير أملا في استحضار الإيجابيات إلى جانب السلبيات والمعوقات ابتغاء تحقيق الموضوعية «التوجهات الجديدة في مجال إرساء سياسة منسجمة للتنمية البشرية فمن ذلك دستور المملكة الصادر في 29 يوليوز 2011، والتنظيم الترابي للمملكة، وهو تنظيم غير مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة، و يرتكز على مبادئ التدبير الحر، وعلى التعاون والتضامن، ويؤمن مشاركة السكان المعنيين في تدبير شؤونهم والرفع من مساهمتهم في التنمية البشرية المندمجة والمستدامة. وقبل ذلك تساهم الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة وفي إعداد السياسات الترابية، مع مراعاة مبدأ استقلالية الجماعات الترابية فيما بينها، تتبوأ الجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الأخرى في عمليات إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب». وبعد هذا التمهيد حق الانتقال إلى مفهوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني أولا، بما هو «مبادرات تهدف إلى الإنتاج والاستهلاك والاستثمار بطريقة احترام الإنسان والبيئة والمجال، وذلك من خلال المبادئ التالية، تقديم خدمات للأعضاء والجماعة كهدف أسمى، واحترام مبادئ التضامن والتآزر وترسيخ روح المسؤولية، وتسيير ديمقراطي من لدن الأعضاء (شخص = صوت)، وخلق ديناميكية محلية من خلال تثمين المؤهلات المحلية والتعبئة المواطنة». وإنه، ثانيا، لاقتصاد ذو ببعدين، اقتصادي واجتماعي يتجليان في » إنتاج السلع والخدمات من خلال الاستثمار المحلي، وخلق الشغل والثروة، والاستجابة للحاجيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية للساكنة المحلية، وتعبئة الفعاليات المحلية». ويكمنان فوق ذلك في «تحسين الخدمات للسكان وتحسين ظروف عيشهم، والتضامن والتآزر والتماسك الاجتماعي».
وفي المقام الثالث يحوي الاقتصاد التضامني «مجالات متنوعة للتدخل التربية والتعليم، ومحاربة الأمية، ووسائل الإعلام وتكنولوجياته، والسياحة، و الفلاحة، والصناعة التقليدية، والصحة والخدمات الصحية، وخدمات للأشخاص، والسكن». وأشار في المقام الرابع إلى «تطوير أداء منظمات الاقتصاد الاجتماعي (تعاونيات، جمعيات، تعاضديات..)، عبر عمليات التشبيك والتكتل داخل تجمعات تجعل القطاع أكثر فعالية ومردودية تؤطر أزيد من 420 ألف منخرط في القطاع يضم حوالي (11) أحد عشر ألف تعاونية. ورغم حداثته كقطاع مهيكل، عرف الاقتصاد الاجتماعي والتضامني تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة مستفيدا من مجموعة من المؤهلات، وهي، إرادة سياسية قوية لتنمية الاقتصاد الاجتماعي (التوجيهات الملكية، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، البرنامج الحكومي، استراتيجيات وبرامج قطاعية تولي أهمية خاصة للاقتصاد الاجتماعي وصغار المنتجين)». وأضاف إن عدة مشاريع مهيكلة باتت «قيد الإنجاز بمختلف مناطق المملكة من شأنها أن تساهم في ظهور أنشطة جديدة وتوفير فرص جديدة لتنمية القطاع، وتضمن موارد محلية هائلة ومؤهلات وخبرات (الفلاحة، الحرف اليدوية، السياحة، الصيد، الخدمات، المنتجات المحلية، ...). ويمكن أن تبرز حاجيات جديدة نتيجة التغيرات الديموغرافية والاجتماعية والثقافية: خدمات للأشخاص، للأسر، للشركات. وبلغة الأرقام، يتألف قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من نسيج تعاوني في نمو مطرد، يضم حوالي 11.000 تعاونية تؤطر أكثر من 420.000 منخرط، تتميز بتركيز ملحوظ في القطاعات التقليدية (الفلاحة والصناعة التقليدية). وسجل حضورها حضورها الباهت في الأنشطة الخدماتية، وحضور لا بأس به للمرأة (أكثر من 1.500 تعاونية نسائية وحوالي 30.000 منخرطة)، والشباب حاملي الشهادات (حوالي 300 تعاونية و3000 شاب). تتسم
بصغر حجمها (ما يزيد عن 80 بالمائة من التعاونيات تضم أقل من 50 عضوا).
وفي جميع أنحاء التراب الوطني بما في ذلك المناطق النائي. ولاحظ الأستاذ عبد الله السوهير أن «أكثر من 45.000 جمعية نشيطة وفق الدراسة التي أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط سنة 2007، (وعدد إجمالي يفوق 90.000 جمعية وفق بعض التقديرات) تمارس أنشطتها في مختلف المجالات حوالي 50 تعاضدية تهيمن عليها تعاضديات موظفي القطاع العام». لذلك أوصى بإحداث «هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، وإحداث المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإبداء رأيه حول كل السياسات العمومية المتعلقة بهذه الميادين وكذا تقييمها، وإحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة لتتبع وضعية الأسرة والطفولة وإبداء رأيه حول المخططات الوطني المتعلقة بهذه الميادين وتنشيط النقاش العمومي حول السياسة العمومية في مجال الأسرة، وضمان تتبع وإنجاز البرامج الوطنية المقدمة من طرف مختلف القطاعات والهيئات المختصة».
المداخلة الثانية في الفقرة الثانية من برنامج سمته «دور العمل التعاوني في الإدماج السوسيو اقتصادي للنساء بإقليم الرشيدية» كانت تحت عنوان «عرض الإطار القانوني للتعاونيات» للأستاذ محمد باحو الذي حل محل الأستاذة نسرين الجاوي. رأى الأستاذ محمد باحو أن القطاع التعاوني بالمفهوم المتعارف عليه عالميا «يعد المكون الأساسي للاقتصاد الاجتماعي، والإطار الأكثر استجابة لحاجة التشغيل الذاتي، ويضطلع بدور حيوي في محاربة الفقر والإقصاء الاجتماعي، ويساهم بفعالية في التنمية المحلية...
وعرف التعاونية وفق «القانون 83-24 المتعلق بتحديد النظام الأساسي للتعاونيات ومهام مكتب تنمية التعاون، بما هي جماعة تتألف من أشخاص طبيعيين اتفقوا على تأسيس مشروع يكون الغرض منه أن يتيح لهم الحصول على المنتجات والخدمات التي هم في حاجة إليها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المشتركة بواسطة مشروع (التعاونية) ملكيتها جماعية والسلطة تمارس ديمقراطيا». وعن القيم التعاونية أشار إلى أن «التصريح الصادر عن الحلف التعاوني الدولي سنة 1995 حول (الهوية التعاونية الدولية) ركز على أن القيم الأساسية للتعاونيات هي التحمل، والمسؤولية الشخصية، والديمقراطية، والمساواة، والإنصاف، والتضامن، والنزاهة، والشفافية، والمسؤولية الاجتماعية، والإيثار».
وأما مبادئ التعاونية فقد حددها الحلف التعاوني الدولي في (التصريح حول الهوية التعاونية الدولية) لسنة 1995 في سبعة مبادئ «هي، العضوية الاختيارية المفتوحة في التعاونية، والإدارة الديمقراطية للتعاونية، ومساهمة العضو الاقتصادية للعضو، والإدارة الذاتية المستقلة، والتكوين والتدريب والإعلام، والتعاون بين التعاونيات، والالتزام تجاه التعاونية».
وبين الأستاذ محمد باحو أهداف التعاونية وأغراضها في تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها، وتشجيع الروح التعاونية لدى الأعضاء، والقيام لفائدة أعضائها، وبفضل جهودهم المشتركة بتخفيض ثمن التكلفة، وكذا ثمن بيع المنتجات أو الخدمات إن اقتضى الحال ذلك، وتحسين جودة المنتجات التي تقدمها أو ينتجها هؤلاء لبيعها للمستهلكين، وتنمية إنتاج أعضائها ورفع قيمته إلى أقصى حد».
وانتقل إلى تأسيس التعاونية كما سلفت إليه الإشارة في العرض الثاني، والذي يبدأ بوضع التصريح بنية تأسيس التعاونية، وإحالته إلى الإدارة المعنية قصد الدراسة وإبداء الرأي، وإحالته –التصريح- من لدن مكتب تنمية التعاون على عامل العمالة أو الإقليم الذي يتواجد في دائرته الترابية المصرحون، وإخبار المصرحين بعقد الجمع العام التأسيسي، والدعوة للجمع العام التأسيسي، وإيداع طلب الترخيص، ودراسة الطلب في اللجنة الاستشارية الدائمة، وإحالة طلب الترخيص من أجل البث، والإيداع الإجباري». ويتألف رأسمال التعاونية من «حصص اسمية غير قابلة للتجزئة يكتتب بها الأعضاء ولا يمكن تداولها بالطرق التجارية أو حجزها، تنقل وفق شروط (الفصل 25)، ورأسمال متغير، والتنازل عن الحصص، وانتقالها- الحصص- وأدائها، وحق التصويت، ومسؤولية الأعضاء». وأنهى عرضه بتناول أجهزة الحكامة، وهي كما أوردها «الجمعية العامة، ومجلس الإدارة، ولجنة المراقبة، ومراقب الحسابات».
العرض الأخير كان حول التعاونيات الفلاحية بإقليم الرشيدية للأستاذ محمد دوحو الذي حل محل الأستاذة فاطمة جاري المسطر اسمها في البرنامج.
مقدمة العرض إشارة إلى مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي ذلك أنها تساهم « بـشكل فـعـــال في مخـتـلــف الأنشـطـــة الاقتصاديـة ، سـواء في الوسـط الحضري أو الـقروي. وهي بفـضل ما تـتمتع بـه من قـدرات فـي مـجـال حـسـن التـسـيـيــر والتدبيــر وما تـتوفـــر علـيـــه من ممـيــزات كالصبر و قـوة التحمل والجـديـة فإنها غالبا ما تتمكن من تحسين ظروفها وظروف أسرتها الاقتصادية والاجتماعية جل البرامج التنموية تركز على المــرأة وتستهدفـها حيث أصبحت هي أساس التنمية وهي محورها الرئيسي». وعقب ذلك عرّف المشروع المدر الدخلَ بما «هو كل نشاط تقوم به الفئات الهشة (النساء، صغار الفلاحين، الغير مالكي الأرض، المنعشين الصغار في مجال الصناعة التقليدية...) من أجل تحسين ظروف معيشتها وذلك عبر تحقيق مردودية اقتصادية. كما يساهم في خلف فرص للشغل وللتشغيل الذاتي للأشخاص القائمين به، ويلعب دورا أساسيا في الإدماج المهني وذلك عبر التحصيل المعرفي في النشاط المزاول ».
وأضاف: «إن ممارسة المرأة لأي نشاط مدر للدخل بشكل فردي غالبا ما يكون مآلـه الفشـل بسبب الصعوبــات والمشاكــل التي تواجهها و بسبب محدوديـــة إمكانياتـها الماديـة .لذلك فإنه من الضروري العمل بشكل جماعي». وتساءل: «ما هو الإطار القانوني الملائم للعمل بشكل جماعي من أجل تنظيم النشاط و تكتيل الجهود؟«. ولجوابه على السؤال أبرز ترسيمة تبين أنواع التكتلات، الجمعيات والتجمعات والتعاونيات، بما هي إطار قانوني ملائم للعمل بشكل جماعي. ولم يكتف بذلك إذ حاول تحديد خصائصها النوعية: فالتجمعات تنظيمات ليس لها أي قانون ينظمها، والجمعيــات هي التي تحـــدث في إطـــار ظهيـــر 1958 بمختلف تعديلاته والتي يمكن أن تكون لها أغراض مختلفة ومن بينها غرض يدخل ضمن الأنشطــة المدرة للدخل ، غير أن أعضاء الجمعية لا يمكنهم الاستفـــادة من دخل هذه الأنشطـــة لأن قانــون الجمعيات لا يسمح بذلك، والتعاونيات التي تحدث في إطار القانون رقم 83 ـ24 المحدد للنظام الأساسي العام للتعاونيات ومهام مكتب تنمية التعاون، والتي تعتبر بموجبه مؤسســات تمــارس أنشطــة اقتصادية واجتماعية يمكنها الاستفادة من المدخل وتوزيع الربح .
وانتقل إلى القول الفصل المفصل في أسس ومميزات العمل التعاوني مشيرا إلى أن «التعاون من أسس استمرارية الحياة. بيان ذلك أن من الأسس المادية والمعنوية التي لا تقل أهمية، عن نوع من القيم والعادات والتقاليد السائدة والتلقائية داخل المجتمع الوحاتي، وهي سلوك متداول في المجتمع لإرضاء حاجيات ورغبات أعضاءه الغير المحدودة، سلوك فرضته ظاهرة الندرة (ندرة المياه، المساحات والموارد المالية) التي تتميز بها الواحات. وهو نوع من التعامل فرضته الحاجة المادية من أجل التغلب على ظاهرة الندرة وضمان الحياة الاجتماعية داخل الواحات في حدود محترمة من العيش. والتعاون الديني الاجتماعي أثمر ثمرته اليانعة في الحفاظ على مرتكزات وقيم مجتمعنا، وعلى أسس بقاء العمران بمعناه الواسع في واحاتنا، وأمثلة من المعاملات السائدة والتلقائية داخل المجتمع كالفريضة، و(التويزة)، وحد الصائم، وعملية الدراس الجماعية، عوجل القبيلة، تبادل الآلات الفلاحية بين السكان إلى غير دلك من المنافع المتبادلة». والعمل التعاوني في مفهومه الواسع سلوك ومبادئ وقيم قبل أن نصنفه كنشاط، وهو سلوك مجتمعي الهدف منه بلوغ التنمية الاقتصادية و الاجتماعية وتحقيق الإدماج المهني والاجتماعي. ومن مميزات العمل التعاوني مميز اقتصادي يهدف إلى تحقيق الربح (الفائض) وذلك عبر استثمارات مربحة، ومميز اجتماعي يراهن على مبادرة الجماعة من أجل تحقيق أهدافها التنموية، ومميز تضامني يقضي تدبير جماعي للأزمات مع ضمان الإدماج المهني والاجتماعي للعضو داخل الجماعة. وهناك مميز إنتاجي يهدف إلى إنتاج منتجات وخدمات (العضو)، ومميز تطوعي الذي هو عبارة عن أنشطة أو مصالح غير مؤدى عنها ومختارة بطريقة تطوعية، بحيث تمارس في إطار تسيير شؤون التعاونية. ويعد متطوع كل شخص التزم بمحض إرادته من اجل انجاز عملية غير مؤدى عنها لصالح الغير خارج وقت عمله وكدا وقت أسرته».
وعن أهداف العمل التعاوني ومزاياه أشار المتدخل إلى عناصر مبدأ التعاونية كنظام فأورد أنها «مؤسسة اجتماعية واقتصادية، وهي، أيضا، مقاولة غير رأسمالية، لأن أهدافها وقوانينها تختلف عن هذه الأخيرة، لكن قد تدخل في بعض الأحيان في منافسة مع المقاولات الرأسمالية في السوق، وهي عمل مشترك يقرره الأعضاء، وفوق ذلك هي إطار الشركة الديمقراطية، ينظمها قانون 24-83 يتعلق بتحديد النظام الأساسي العام للتعاونيات ومهام مكتب تنمية التعاون».
وأشار إلى مقاولة الاقتصاد الاجتماعي والتي تكمن في «تحسين الوضعية الاقتصادية والاجتماعية لأعضائها، وتشجيع الروح التعاونية لدى الأعضاء، وتنمية إنتاج أعضائها ورفع قيمته إلى أقصى، وخفض ثمن تكلفة إنتاج الأعضاء، ورفع سعر منتجات وخدمات الأعضاء عن طريق التسويق، وولوج صفقات. وهي مؤسسة اجتماعية واقتصادية تنتج المنتجات والخدمات للسوق، وتضمن المساهمة في خلق فرص الشغل واكتساب المهارات، وتعمل على تدبير الأنشطة والتي تجري على أساس استعمال الربح (الفائض) حسب الفوائد الاجتماعية والجماعية».
وانتقل إلى ذكر القيم والمبادئ الأساسية للعمل التعاوني مشيرا إلى أن التعاونيات ترتكز «على قيم أساسية ومبادئ، تشكل سر تطبيقها، ونجاحها ومصدر قوتها، مما يؤهلها لمواجهة العديد من التحديات المطروحة بقوة ، ومن بين هده المبادئ، التضامن، والاستقلالية، و المسؤولية، والمشاركة، والديمقراطية، والالتزام تجاه المجتمع». فالتضامن «أن المنتمين للتعاونيات كمكون من مكونان الاقتصاد الاجتماعي يكونون فئة من الناس يختارون التعاون والتعاضد فيما بينهم لحل المشاكل والصعوبات التي يتعذر عليهم مواجهتها كأفراد». وتقضي الاستقلالية «أن التعاونيات هي مؤسسات مستقلة تسير نفسها بنفسها ويمكن أن تلجئ إلى مساعدة الإدارة شريطة الحفاظ على استقلاليتها». وتعني الديمقراطية «أن التسيير داخل هياكل التعاونيات وأجهزتها يجري بشكل ديمقراطي بالارتكاز على القاعدة المعروفة شخص واحد يساوي صوت واحد مهما تعددت مساهمة العضو في رأس مال التعاونية». والمسؤولية: «كل عضو يجب أن يعتبر نفسه مسؤولا سواء اتجاه الأعضاء الآخرين، أو اتجاه المستفيدين من خدمات هده المؤسسات ، واتجاه المحيط او المجتمع برمته». وأما المشاركة فتقضي أن « الأعضاء ينخرطون في التعاونيات بمحض إرادتهم ويجب أن يشاركوا فعليا في تسييرها ويحرصوا على تحقيق أغراضه». ويفيد الالتزام اتجاه المجتمع أن «تساهم مؤسسات التعاونيات في تلبية حاجيات أعضائها من جهة، ودعم التنمية المستدامة للمجموعات والمجتمع».
وعن نمط المشاركة في الملكية، أشار الأستاذ محمد ودحو أن العضو يساهم في رأس مال التعاونية عن طريق الاكتتاب بعدد من الحصص الاجتماعية وفي الشركة عن طريق شراء الأسهم. وإن الحصص في التعاونية لتعد إسمية، غير قابلة للتجزئة ولا يمكن تداولها بالطرق التجارية ولا حجزها كما هو الشأن للشركات. وخلافا لما هو معمول به في التعاونية والشركة لا يمكن لأعضاء الجمعية أن يشكلون رأس مالا اجتماعيا بل ويساهمون فقط بتسديد واجبات الاشتراك والانخراط السنوي وهي موارد موجهة أساسا لتغطية التسيير. ويرتكز نمط المشاركة في السلطة على مبدأ ان لكل شخص مهما تعددت حصصه أو مساهمته، صوت واحد خلال انتخاب مسيري التعاونيات والجمعيات أو اتخاذ القرارات وترتكز الشركة على القاعدة المعروفة، عدد الأصوات الذي يساوي عدد الأسهم، حيث إن هناك من يتوفر على 50 في المائة من الأسهم، وهو الذي يقرر، في الغالب». وعن نمط المشاركة في توزيع النتائج المحققة مع التعاونية، فقد أورد العمل المبذول، وتوزيع الربح في شركة المساهمة حسب الأسهم، في حين أن الربح الذي تحققه الجمعية في إطار مزاولة أنشطتها لا يمكن أن يوزع على الأعضاء». وخلاصة القول، يكمن نجاح العمل التعاوني في كيفية انطلاقة التعاونية، وفي مستوى التسيير والتدبير، وفي مدى استيعاب الأعضاء للمفهوم التعاوني الصحيح .