المثلية ، السياسة والدين ..


قاسم حسن محاجنة
2014 / 6 / 10

المثلية ، السياسة والدين ..
تناقلت وسائل الإعلام مؤخرا خبرا عن مؤتمر أو مهرجان لمجموعة من ألنساء السوريات المُنضويات تحت تنظيم يُطَلق عليه إسم القبيسيات ، وقام زميل بكتابة مقالة حادة ضد هذا "التنظيم " ، هاجم فيه عضوات التنظيم هجوما قاسيا ، مُهما إياهن "بالمثلية الجنسية ".
وقد تم لقاء للقبيسيات في المسجد الاموي بدمشق ، وهَدَف كما ذكرت الأنباء إلى تأييد الرئيس السوري "المُنتخب " بشار الأسد .
لكن ما دخل القبيسيات بالمثلية الجنسية ؟؟ ومن هن هاته النسوة وما هو هدف هذا التنظيم ؟؟ وللحقيقة أعترف بأنني لم أسمع بهذه الحركة أو التنظيم سابقا ، لذا استعنت بالعظيم غوغل ، دام ظله الشريف ، واكتشفت بأنه تنظيم محسوب بشكل او بأخر على الصوفية الشاذلية –النقشبندية ، والشيخة أو الزعيمة هي بمقام شيخ الصوفية لمريديه . وليس هذا محور مقالتي .
وبما أن هذه الجماعة النسائية محسوبة على الصوفية ، فسيكون من ألد أعدائها ، بل أعتاهم على الإطلاق ، الإسلام الوهابي والسلفي الذي يرى في الصوفية ملامح بل طقوس شركية .
وبما أن الوهابية لا تتورع عن مُهاجمة مُخالفيها بأقذع الشتائم ، واتهامهم بكل الموبقات ، فليس بمُستغرب أن تتهم هذا التنظيم الديني النسائي بأنه تنظيم نسائي مثلي !!
ومع أنني لا أرى بالمثلية مرضا أو نقيصة ، فالديانات تعتبرها شذوذا عن الفطرة ، مع إختلاف في "ألأحكام" ، لكن ليس هذا ما يهم هنا . فالوهابية والسلفية والتي تتعامل مع المرأة كسلعة وجسد ، لا تتقبل فكرة أن "تتنظم " النساء في تيار ديني مستقل ، ولا يتولى أُمورهن رجل ذكر !! فالمرأة لا تتخذ لنفسها قرارا لا يتوافق مع رغبة ولي الأمر ، وفي هذا التنظيم للنساء ، تقويض لسلطة المجتمع الذكوري ، فما بالك أن تلعب إمرأة دور القائد الديني ؟؟!!
فالدين بطبيعته الذكورية ، يرفض أن تستقل الأنثى برأي في العبادات والإجتهاد ، لأن هذا يُخالف "معلوما من الدين بالضرورة " .
ورغم أنني لا أُويد الفصل بين الذكور والإناث ، وأرى في الفصل سببا للكثير من السلوكيات الضد – إجتماعية ، ويشجع النمطية في التفكير والمواقف عند الجنسين ، بين الجنسين وعن الجنسين ، فإنني "أتعاطف " قليلا مع الحركات النسائية ولو قامت على أساس ديني ، لإن مجرد التنظُم خارج سلطة الذكر "القوّام على المرأة " ، يرمز الى "إعلان إستقلال " من قبل النساء .
لكن هل يُمكن أن تتغير الميول الجنسية المولودة ، بمجرد الفصل الشديد بين الذكور والاناث ؟ كالمدارس الداخلية أو الأخويات ..
أجزم بأن ألبيئة المعيشية في مجتمع صرف ، ذكوريا أو أنثويا ، لا يغير الميول الجنسية ، لكن قد يجد البعض تنفيسا عن الكبت الجنسي ، بتجربة علاقة مثلية ، لكن وما أن يتحرر هذا البعض من قيود الفصل ، سيعود الى ميوله الجنسية المولودة ، فإذا كان مثليا سيحيا كمثلي ولو في الخزانة ، وإذا كان صاحب ميول جنسية "مستقيمة " سيعيش "مستقيما " !!
أما لماذا يقوم البعض بإتهام القبيسيات وغيرهم بالمثلية الجنسية ، وأعود وأُكرر بأنني لا أرى بالمثلية إتهاما أو مرضا ، فتعود أسبباب ذلك إلى أنهن مُخالفات ، مُخالفات بشكل ما في "إجتهادهن الديني" ، والأهم بأنهن مخالفات سياسيا .
وأنا شخصيا أختلف معهن في تأييدهن لبشار الأسد والذي يتحمل "حصة الأسد " في ما ألت اليه سوريا وشعبها ، لكن لنتخيل بأنهن يؤيدن المعارضة ، فماذا سيكون الموقف منهن ؟؟
ألن يتعامل العالم "الحر " معهن ، كمنشقات جريئات على الاستبداد ، وعن نظام "العلويين والشيعة " الذي يحكم سوريا كما تقول المعارضة ! ألن يتعامل معهن الإسلام السياسي ، وكأنهن يُعدن أمجاد "الصحابيات الأوائل "؟؟
والأمر المحّير ، منذ متى يتعامل معارضو بشار الأسد مع مؤيديه بناء على ميولهم الجنسية ؟؟
يستطيع من يريد أن يتفق مع بشار أو أن يعارض بشار ، لكن ليس للميول الجنسية دور في ذلك بالتأكيد !!