حقوق المرأة ما بين السؤال والجواب



خالص عزمي
2005 / 7 / 27

بعد الانتهاء من سلسة مقالاتي المعنونة ( حقوق المرأة من قبل المهد الى ما بعد اللحد ) فقد تلقيت رسائل واتصالات عدة من شخصيــات ا جتماعية وسياسية وثقافية من شتى الانحاء يعبرون فيها عن تقديرهم للطرح الموضوعي والقانوني لحقوق المرأة وعلى مختـــــــــــف المستويات ؛ فشكرا لتلك الفئة الكريمة على مشاعرها لاصيلة...لقد لفـــــــت نظري ان بعضا من القراء قد استفسر عن كثيـــرمن الامورالمتشابكة التي قدمنا لها نماذج من الواقع او من سجلات القضاء وطالبوا بامثلةاخرىفي اطار اسئلتهم ؛ واستجابة لطلباتهــــم اعرض هنا بعضا من تلك الاستفسارات واجوبتي عليها ولعلها ستكون آخر ما يطرح ضمن البحث السابق:ـ
ـــ تسأل السيدة(ف.ع) من طرابلس .لبنان عما اذا كانت هناك قضية استبعدت فيها ام عن الوصاية على ابنائها من دون سبب وجيه؟
ج ـ بالطبع هناك المئات من مثل هذه القضايا تحجب الوصاية على اولادها بسبب عجزها او سوء اخلاقها او زواجها من شخص آخر
بعد وفاة زوجها.... الخ اما من دون سبب وجيه !!!؛ فاعرض هذا النموذج لعله يستجيب الى السؤال . توفي زوج عن ارملته وولديـــن
فاصبحت وصية عليهما ولكن جدهما لابيهما اراد انتزاع الوصاية منها بسبب التقاليد ؛ اذ كيف تكون امرأة وصية على احفاده وهو رجل قيد الحياة ؛ لذا فقد اقام الدعوى ؛ وبتأثيرات متعددة انتزع منها تلك الوصاية دونما سبب مقبول او معقول ؛ فهو ليس بحاجة الى كل تلــك الجهود ليكون الاولاد تحت رعايته؛ وامهما( كما ذكر بعد صدور القرار) امرأة من اصلح السيدات ثقافة وخلقا وحنانا.و لكنــه ..... العرف ..
ـــ يقول السيد ( س. د. ح) من كركوك . العراق ؛ كنا نتمنى ان تذكر لنا نماذج اكثر عن التمايز ما بين البنت والولد في عهد الطفولة؟
ج ـ هناك من النماذج التي ذكرتها لاعد لها من التمايز الواضح للعيان ومنها: ـ ترى الطفل ( وحتى بعد ان يكبر ويصبح شابا) يســــير في ازقة المحلات ( الحواري) وبين دور الجيران وهو بملابسه الداخلية فلا يخجل من منظره هذا ابدا ؛ ولنتخيل الصورة الاخرى ... طفلة (او شابة بعدئذ ) تخرج في ذات المناطق بملابسها الداخلية ...ماذا ستكون الحال وماذا سيقال عن عائلتها؟ في حين ان العورة.. هي واحدة على قاعدة التحريم ؛ بل خذ هذا المثل ايضا ؛رأيت بام عيني في بحيرة الحبانيةمن العراق عشرات الاطفال من الذكور وهم في الرابعة والخامسة من العمر وهم يسبحون عراة ...فهل يسمح للبنات بذلك ... ان العورة محرمة بهذا الشكل وهي واحدة ولكن العيب هو الذي يسمح او لايسمح. !!! ثم اليك هذا النموذج البسيط... في ايام الاعياد و حينما كنا اطفالا كان الاقرباء يوزعون علينا( العيديات) فنجمعها ونشتري بها بعض ما نشتهي من حلوى او عصائرتسمىعندنا ( نامليت) وقد لفت نظرنا ان اخواتنا الصغيرات لم يستطعـــــــن ان يشترين ما يردن شراءه تشبها بنا فلما سألنا الوالد عن السبب ؟ جاءنا الجواب سريعا ( انتم اولاد وعيدياتكم اكثر من اخواتكم...تمام) فقلنا( و نحن لانعي ولا ندري لماذا نحن نأخذ اكثر منهن!!! ) نعم بابا لان احنا ولد وهمه بنات ....!!!
ــ في رسالة مطولةمن ( ل.ك) من المحمدية. المغرب يقول في موجزها ان له ولدا وبنتا في غاية الجمال الساحر وكانا ملفتين للنظر حقا فلما بلغت ابنته السادسة عشرة قرر ان يلبسها الحجاب ؛ لااتباعا للشريعة فهوليس من المتدينين المتزمتين وانما كل الذي يهمه ان لا تكون ابنته عرضة لانظار الرجال فتستهويهم بجمالها الاخاذوتسقط بشراكهم ؛ ثم يقول.. الا ابنتي رفضت هذاالموقف وهي ممتنعة تماما عــــن الخروج حتى الى المدرسة. وقد طلب مني ايضاحا فيما اذا كان موقفه صحيحا ام لا؟ وهنا اجيبه ه... اذا لم تكن الشريعة هي سبب المنع وان جمال ابنته وحده هو العلة ؛ فلماذا لايحّجب ابنه الجميل للغايةكما يصفه اسوة باخته ؟ ! ا وهلا جمال الولد لايدعو الى وقوعه في شرك النساء اللواتي سيهمن به ؟!! واذا هو لايعترف بهذا المنطق فما عليه الاان يقرأ قصة يوسف الصديق وكيف ان جماله الفتاك قد اغرى امرأة العزيزوصديقاتها اللواتي قطعن ايديهن انبهارا واعجابا به... والا فما المعيار في ذلك وما العبرة؟ ان الحصانة والتربية تنبع من داخل الانسان ذاته قبل التوجيه ؛ اذ لو وضعت سدودا وموانع حديدية دون الفتاة لما ادت الىاية نتيجة تذكر..... فاذا ا لم يكن الوازع ذاتيا والرادع وجدانيا داخليا فلا التقاليد ولا العادات الشكلية بمستطيعة ان تحجز اي انسان عما يريد فعله بارادته المستقلة؛ ذلك ان الطبيعة البشرية اقوى من اي منع بخاصة في الامور الشخصية الوجدانية التي لاتقاوم احيانا.
ـ ا لسيدة( و.ف) من حلب . سوريا تقول ان والدهازوجها من ابن عمها عنوة وهو شاب في سنها الا انها لا تشعر باى ميل نحوه في حين ان شقيقها قد تزوج من
معلمة بعد ان مرا بقصة حب مثيرة . وكم كانت تتمنى ان اشير الى مثل هذه الامثلة في مقالاتي؟ واجيبها بأن عليها ان تشكر الله على ما هي عليه من نعمة تمايز بسيطة لو قورنت بما آلت اليه حال تلك الفتاة ابنة السابعة عشرة وهي من عشيرة كبيرة زوجت قسرا من رجل يبلغ الثامنة والستين من العمر وهو من عشيرة اخرى وكان زواجها ( كهبة) على طريقة ( الفصل ) العشائري لقاء ذنب من عشيرتها كانت هي تعويضه.
ـــ يسأأل ( د.ح . س) من الدوحة. قطر :ـ هل بقي فرق ما بين الرأة والرجل يعمل الاوربيون على تلافيه بعد ازيلت كل عقبات التمايز ما بين المرأة والرجل؟
ج ـ ... هناك فروق ضئيلة جدا يعمل الجميع على تلافيها ... منها على سبيل المثال الغاء كلمة الانسة فهي لا تقابل اي مفردة يوصف بها الرجل ووجدوا ان السيد يجب ان يقابله السيدة فقط . كما حاولوا استبعاد المعتقد او الدين( بكل طوائفه ومذاهبه) عن استمارات المرور والجوازات ... الخ لانهم ارتأوا ان في ذلك تفريقا لفئة دون اخرى ثم ان ذلك من خصوصيات الانسان ربما يريد البوح بها للغير ام لا .؛...وقد رفعوا في السنوات الاخيرة جنس الانسان ( ذكر او انثى) من الجوازات والشهادات التى لاتتطلب التمييز لاعتقادهم الشعبي والرسمي ان تثبيت ذلك لا يغير من( امر السفر مثلا) ان كان حامل الجواز او الوثيقة رجلا ام امرأة... وهكذا
ـــ ومن ( ح. أ ) من البصرة . العراق : تقول قبل سنوات عدة وبعد مجيئنا الى بغداد قتلت شقيقتي غسلا للعار لانها عشقت شخــــصا عوضها عن الحرمان
الذي لاقته مع زوجها لسنوات طويلة ؟ والسؤال لو كانت هي شابا وقامت بمثل هذا العمل هل سيقتل غسلآ للعار ؟
ج ــ ان الجواب في السؤال نفسه ؛ فلو كانت رجلا لجاز له كل هذه المحرمات رغم نواهي الشرع وسنده المتين في تلك التصرفاتالتقاليد والعادات التي تحلل وتحرم.
ـــ وهذ الرسالة الاخيرة وردتني من ( س.دح) من مدينة دمياط . مصر ؛ تقول فيها انها في سبيل اعداد بحث عن اسباب التمايز ما بين الذكر والانثى في بلادنا وفي بحثها فصل عن كيفية التخلص من ذلك الّّهّم المؤلم ؟1 وقد استهواها موضوع آليات التنفيذ الذي تطرقت اليه في القسم الاخير المعنون ب( الخاتمة) وتسألني ؛ ماهو الاهم في البرناج المخصص للارياف لكي نقدمه على المهم في هذه المرحلة..؟
ج : ان الاهم: هو البدء بطلب المساواة في مرحلة الطفولةلانها لاتخدش الحياء ولاتنتقص كثيرا من صرامة العادات والتقاليد الشكلية بهذا الشأن ؛ والحديث بهذا الشأن يجب ان يكون مرنا وسهلا في التعليل والتبرير ويعتمد عل الامثلة والنماذج والحكايات الشعبيةالتي تؤكد علىالمساواة. ويمكن تقريب الصورة من ذهنية المتلقي بما يراه يوميا من جموع الفلاحين رجالا ونساءا وهم يعملون في الحقول جنبا الى جنب.... الخ ان الامر يكون بسيطا في التوضيح اذا استقينا امثلته من الريف نفسه ؛ مستفيدين مما لدينا من وسائل ايضاح ذات الوان متعددة وشفافة ومن حكايات الفلاحين التي تأخذ طريقها الى عقولهم بكل بساطة ومن دون اي تعقيد نفسي..... وقديما قيل ( لكل مقام مقال ) و ( كلم الناس على قدر عقولهم) .