نساء سوريا الغبيات



حسين عجيب
2005 / 7 / 29

لا أتقصد الإثارة المبتذلة في العنوان, ولا أقصد جميع النساء بل الأكثرية, وملاحظاتي واجتهاداتي في هذا الموضوع تقتصر على حدود خبرتي الشخصية, التي تمتد على 45 سنة في سوريا. وقد خصصت المرأة السورية لسببين, الأول أنني أفضل الكتابة ضمن حدود الخبرة والتجربة, والثاني يتعلق بظروف المرأة السورية التي تتيح لها المشاركة في إنتاج قيم وثقافة الحياة.
ما عايشته وخبرته وسمعت عنه, يبرر لي استخدام تلك الصفة الحادّة, بعد الرغبة المعلنة والمستمرة في تأنيث سوريا. الأنوثة تلك الطاقة الجوهرية في الحياة,المدفونة بفعل الثقافة السائدة ونظم الأخلاق,تحت مغامرات مجّانية
نعرف جميعا بعد فوات الأوان, أنها تركة الآخر الشبيه فينا,بلا أمل أو وعد.

إنه الصباح من جديد
البارحة كنت الأب والأم
في تفتح الزهرة
وفي ضوء النجمة الخالدة

اللذين نحبهم
واللذين علّقنا حياتنا على عودتهم
صاروا الماضي الجميل...
يا أمنا
يا أخت الله
كم كان الغروب يشبهنا


لا أستطيع أن أفهم, لماذا تحب المرأة السورية من يحتقرها, ربما في العبارة مباشرة وقسوة جارحتين, لكنها الحقيقة المكروهة التي تعرفها قارئة هذا الكلام أكثر مني, كما يعرفها كذلك الرجل الناجح وصاحب الحظوة في بلادنا.
تخلّت المرأة السورية عن أدوار كثيرة, أولها الاستهتار بالحب, والانحياز التام إلى جانب القوة الطائشة,حتى انكشفت الجذور الضعيفة المتمددة على الصخر, بلا رحمة أو غطاء.
كيف وصلنا إلى هذا الحال ولماذا؟
أظن في سيادة وشيوع نموذج"الرجل الشرقي" أكثر من إجابة, كما تحتاج لأكثر من جهد فردي, يقوم به رجل في منتصف العمر, يبحث عن متعته الخاصّة والأنانية, قبل المعرفة والرغبة في الوصول إلى الاحترام.

*

ترددت عبارة"الرجل الشرقي" في مختلف الأوساط الفكرية السورية أواخر القرن الماضي, ثم اختزلت إلى شتيمة أو مديح في طرق نسيانها المبكّر.
كانت صفة رجل شرقي, يجسدها الأب بممارساته وقيمه وثقافته, والمقابل لها ما كنا نرغب أن نكونه في مرحلة الرجولة وبعد تجاوز معيقات الماضي, ذلك ما تركها بدون مقابل أو بديل, خصوصا بعد تعقّد الصورة بدخول شخصيات مثل نزار قباني وعبد الله أوجلان إلى عمق المشهد بما يمثّلانه, الأول في الثقافة والإعلام والثاني في الثورة واليسار, لتدخل بعد ذلك القصص والمغامرات النسوية الكثيرة, لكبار المسئولين وأقاربهم في سوريا والعراق, بعدما كانت مقتصرة على أسطورة الرجل الخليجي وما يفعله في لبنان وسوريا ومصر, صار الحديث عن الرجل الشرقي إما بالسر أو بالتجريد.
يتعذر إجراء مقارنة بين نمط الرجل الشرقي وبديله في حياتنا, لأن الثاني بقي في إطار المتخيل ثقافيا وأدبيا, بينما تعمم الأول بصورته المحققة أو نقيضها, المحروم والذي امتزج بالتدريج مع الآخر المستهجن في الثقافة والأخلاق.
لذلك سأكتفي بمحاولة توصيف الرجل الشرقي بالممارسة والقيم, وأترك للقراء تحديد الموقع والموقف من ذلك, ربما يبرر لي قسوة العنوان ويفسّره.

*
الرجل الشرقي مسلّح بالميراث المشترك أولا, تعزز نموذجه في الممارسة والقيم والأفكار مختلف مصانع الرأي في بلادنا من النكتة إلى التلفزيون.
سأحاول تحديد شخصية الرجل الشرقي,بالخطوط العريضة, عبر موقعه وموقفه ودوره, على أمل فتح حوار في هذا الشأن الشائك والمعقد والمليء بالألغام.
أ_موقع الرجل الشرقي: يمثّله الأب والأخ والزوج والابن بعد طول العمر, وهو مطلق وأحادي لا يحتمل المختلف أو الآخر بكافة مستوياته, شخصية الرجل الشرقي تعبير مباشر لصيغ الأب المختلفة: السيد والقائد والأول والرائي والعارف... إلى آخر عناصر نسق الذكورة الموروث والخالد كالماء والهواء, كما تختصر تعبيراته في الثقافة والأخلاق منظومة التكفير والتخوين.
ب_موقف الرجل الشرقي: التناقض سمة وبنية بنفس الوقت لشخصيته, تناقض في الفكر والسلوك يصل إلى درجة الفصام الصريح. موقفه من المرأة إما أو, صنف الحريم وصنف موضوع الرغبة اتجاهان متناقضان في السلوك الفردي والعام دوما. موقفه من الرجل الآخر كذلك إما تابع أو منافس وعدو.
ج_ دور الرجل الشرقي: التثبيت والتكرار يختصران الدور الفعلي لشخصيتنا المشتركة, التي يسميها البعض هوية أو خصوصية أو..,كما كنا نسميها في طور المراهقة: الرجل الشرقي.

*

ازدواج المعايير والقيم تكررها ممارساتنا أكثر من بقية الثقافات, مظاهر الكذب والخداع بصيغها القديمة والمباشرة محور أصيل في أخلاقنا. حتى كلمة الديماغوجيا كمصطلح وممارسة متوفرة وشائعة في جميع مفاصل الثقافة والحياة, بصورة تبدو معها ممارسات الإعلام الغربي طفولية وزاخرة بالسذاجة وحتى البراءة إذا ما قورنت بفنون الحيل والخداع التي نكتسبها في طفولتنا الأولى. وبرهاني على ذلك في السؤال الاتهامي لأي وسيلة إعلام رسمية من المحيط إلى الخليج, عن الصدقية والمصداقية للقراء والكتاب معا.

ما هو دور المرأة في ذلك؟
المشاركة في إنتاج ثقافة الموت, المشاركة في عزل وحصار نموذج الرجل الآخر, مع أنه مازال في طور النشوء من جديد, بعدما قضت على أسلا فه جميع الدول والسلطات التي قامت في شرقنا العتيد.
المفارقة في العنوان, أنني لا أعتقد بوجود أمل, سوى بمشاركة نساء سوريا الذكيات والمبدعات,لتكون هذه البلاد مكانا يصلح للعيش.
من يدّعي أنه لا يريد شيئا هو الكاذب الذي يريد كل الأشياء.