الواقع وتحديات النضال النسائي الراهن بالمغرب



حليمة زين العابدين
2014 / 7 / 16

إن ما حققته الحركة النسائية بفعل نضالاتها التي مكنتها من استقطاب العديد من الفعاليات الديمقراطية والمؤسسات الحاملة طموح المجتمع الحداثي، لتتبنى مشروعها القائم على مبادئ الانصاف والمساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، أصبح مهددا بانتشار الفكر النكوصي المعادي للمرأة، غير المعترف بحقوق النساء ومكاسبهن، خاصة مع صعود أنصار الفكر السلفي المتحجر للسلطة، وترويج رئيس الحكومة لآراء ومواقف تضع النساء في خانة إناث الذكر الرجل على غرار إناث الذباب والبعوض والبعير، وإعلانه بلا تحفظات عن مواقفه الحاطة من قيمة المرأة، من على منصات أجهزة السلطات التشريعية والتنفيذية وأمام أبواق وسائل الاعلام الرسمي.
واقع أصبح يطرح على هذه الحركة النسائية لا تنظيم وقفات احتجاجية في ارتجال، لا يتجاوز صدى أصواتها رصيف مقهى باليما. بل التوقف للتفكير في الكيفية التي تمكنها من تحصين مكتنسباتها أمام ما يعرفه الواقع من تحولات، تستبطن ليس فقط مقاومة التغيير، يل التراجع عن كل الحقوق المدنية وعلى رأسها الحق في الشغل وحصر وظيفة المرأة في الانجاب والكنس والطبخ والغسيل، وقبل ذلك مساءلة الذات عن الجوانب التي تم إغفالها في غمرة النضال لتغيير القوانين أو إصلاحها.
ولعل الجواب أن الحركة النسائية، كانت حركة خاصة ونوعية، الظرف كان يقتضي ذلك، لإقرار مطالب استراتيجية بامتياز. تغيير القوانين المجحفة كان ضرورة ملحة لتوفير الحماية القانونية للعموم النساءـ وكان ضروريا أيضا تكوين قيادات نسائية، تستطيع ولوج مراكز القرار الحزبي والترقي في دواليب السلطة، لتتمكن ومن ومواقعها الضغط لتغيير القوانين.
إصلاح القوانين و تأهيل القيادات النسائية هما محور استراتيجية عمل الحركة النسائية، فكانت بذلك حركة سياسية وحقوقيه نخبوية تشتعل منعزلة عن عامة النساء، هذه سمتها المميزة.
وإن كان البعض منها يضيف إلى مجالات اشتغاله، بعد تغيير الشرط الاجتماعي لعينات من النساء بتقديم بعض الخدمات لهن في مجال التأهيل الاقتصادي بتمكينهن من مهن مدرة للدخل، ومحاربة الأمية وتوفير الإرشاد القانوني، فقد ظلت الحركة النسائية بعيدة عن أن تكون حركة للتغيير المجتمعي، ولم يكن ضمن استراتيجيتها بعد الامتداد وسط الجماهير للتأثير في العقليات وتغيير الثقافة السائدة.
تغيير العقليات هو ذا التحدي المفروض على الحركة النسائية في ظل هذا الواقع المرتد قرونا إلى الخلف، هذا إن شاءت الحفاظ على الاصلاحات القانونية والمكاسب التي تحققت بفعل نضالاتها.
إن التحولات السياسية التي عمقت بعد استغلال الدين السياسي في مجالات تدبير الشأن العام، تفرض على الحركة النسائية إعادة النظر في الموقف من الخصوصية وتبني استراتيجية تغيير الذهنيات والثقافة السائدة كي تتمكن من تحصين مكتسباتها القانونية وفرض حقوق اقتصادية واجتماعية للنساء، من غير عزل قضاياهن عن مشروع الاصلاح المجتمعي، ولنهيئ عموم النساء ومعهن كل القوى الديمقراطية لوقف مقاومات التغيير أو محاولات التراجع عن المكاسب التي تم تحقيقها. وان تعمل هذه الحركة على:
خلخلة الجمعيات النسائية والمنظمات الحقوقية والتنموية لتخرج من كمونها وتستعيد روح المقاومة التي كانت لها، لتنخرط من جديد في نضال حماية القوانين والمكاسب وفرض أخرى عاملة على:
-إيجاد آليات للانغراس في وسط المجتمع،
- توظيف كل الإمكانيات المتاحة لتغيير الذهنيات ونشر قيم المساواة وتعميق الوعي بحقوق النساء
_ استغلال وسائل الاتصال السمعي البصري، ومواقع التواصل الاجتماعي لفتح نقاش الحريات والحداثة والديمقراطية والمساواة.
_ تدوين تاريخ الحركة النسائية والتعريف به في وسط الشباب وعموم النساء

- العمل على ان تصبح المؤسسات التعليمية فضاء حقيقيا لترسيخ قيم التربية على حقوق الانسان وقيم المواطنة والمساواة في أوساط الشباب.
- وضع خطة لتغيير أوضاع النساء بمقاربة شمولية تشاركية تعمل على انخراط كل الفاعلين المعنيين ومؤسسات الدولة،
_ تشكيل تنسيقات نسائية لها نفس قوة، تلك التنسيقيات والشبكات والجبهات التي كانت قبل اصلاح مدونة الأحوال الشخصية وكانت وراء تغيير القوانين.
_ عقد تحالفات مع القوى الديمقراطية والحداثية لتوسيع جبهة التصدي لكل فكر سياسي او اجتماعي يسقط على المرأة ازماته وفشله
- إعادة فتح أوارش تأهيل النساء بالتكوين والتمكين الذاتي ليمتلكن كفايات استغلال مراكز القرار التي اصبحت لهن داخل المجال الحزبي والجمعوي وبدواليب القرار السياسي، بما يمكنهن من امتلاك السلطة المحصنة لما حققته الحركة النسائية عبر تاريخها من مكاسب ومن أجل فرض مكاسب جديدة.
- تغذية الجمعيات بدماء شابة، تأهيلها وتكوينها بما يشبع فكرها ومواقفها بالفكر الديمقراطي الحداثي ويقيم حقوق الانسان والمساواة.
- وضع خطة متابعة تفعيل الفصل 19 من الدستور. تستمد برامج عملها من زخم وعنفوان الحركة الديمقراطية والحداثية، تلك التي فرضت إصلاح مدونة الأحوال الشخصية وغيرها من القوانين.