الرجل الشرقي .. شرقي للنخاع



اميرة محمود اوقاسي
2014 / 7 / 21

خطر لي كتابة هذا المقال عقب حديث لي حول ظاهرة عدم موافقة الرجل الشرقي الزواج بأمرآة تفوقه في المستوي التعليمي ..
احد اقربائي هاجر الي لندن من فترة طويلة تفوق عشر سنين وكأي رجل شرقي منفصم الشخصية تزوج بأجنبية ليسوى وضعيته هناك ويكسب الجنسية ثم طلقها بحجة انها لم ترد ان تصوم !
لآن الرجل الفكر الشرقي الرجل المسلم يري نفسه من ضمن شعب الله المختار ولا يحتاج لتدبر دينه بل يدعوا غيره أليه وهو يجهل حتي إبجديات دينه وفي مفهومه الشرقي كذلك يجد ان المرآة يجب ان تلتزم هي بالدين او بطقوسه بالآحري لان الدين عندنا طقوس وليس تدبر وقراءة لانها هي من تربي الأطفال وليس الرجل ، تربيهم او تروضهم لكي نكون أكثر دقة علي تلك الطقوس المفرغة من محتواها وهذا بأختصار مفهوم التربية عندنا ..
رغم ان قريبي هذا قد يبدو لأول وهلة من المتفتحين ذي ثقافة لا باس بها وقد عاش زمناً بلندن كافياً لتصنيفه في خانة التحضر بعد حالة الهمج التي نعيشها كلنا في بلادنا ألا ان الرجل الشرقي يظل شرقياً وان عاش في الفضاء وسيظل ينظر للمرآة بنفس النظرة الدونية وسأحكي لكم بقية القصة ..
عندما شبع من اللهو والعبث مع النساء ( الكافرات ) بلندن أتي قريبي هنا لكي يبحث عن فتاة يتزوجها حسب المعايير الشرقية : تخاف من الله وليس تحب الله ، تجيد الطبخ وأشغال البيت وطلب مساعدة جدتي في إيجاد عروس له ولطالما تساءلت لماذا يطلب الرجل الشرقي من امه ان تختار له عروساً مع انه هو الذي سيعيش معها ويربي اسرة معها ويجب ان توافق شخصيته وميوله وليس ميول امه الأ انني بعد ملاحظة مجتمعي عرفت انه يفعل ذلك لآن الزوجة مجرد واجهة له أمام المجتمع يظهر بها وليس شرطا ان يحبها هذا وان عرف معني الحب يوما !
أما لذاته وشهواته التي لا تفني فهناك العشيقات ليطفينها ..
بدأت جدتي تبحث له عن زوجات وتعرض عليه بعض الفتيات حسب المواصفات التي طلبها ، طلب ان تكون جميلة وطويلة وحبذا لو سمراء البشرة ، من أحدي البنات التي عرضتهم عليه جدتي جارتنا التي تسكن في الطابق الثالث ، عائلتها ناس طيبين جدا ومعروفين في كل العمارة بثقافتهم ووعيهم حتي لا تري امهم آلا وهي تحمل كتاباً تطالعه وليست كبقية الجيران تقضي وقتها في تقصي اخبار الجارات والجري في الأسواق والمحلات ..
هم عائلة جد محترمة وكنت احبهم كثيراً ، وكانت لديهم ابنته مهندسة ، شقراء وجميلة ولا تزال عازبة فكرت فيها جدتي واقترحت الآمر علي قريبي ، أعجبته في بادئ الآمر ورضي ثم سأل عن مستواها التعليمي بمجرد ان عرف انها تفوقه لأنه هو متحصل علي ثانوية عامة فقط وانها اكملت دراستها الجامعية رفض رفضاً قاطعاً لمجرد انها تفوقه لم تفلح كل تلك السنين التي قضاها في الغرب بأن يغير عقليته ونظرته للمرآة الدونية بل تظل قشرة المخ الخارجية للرجل الشرقي جد صلبة وخاصة فيما يخص الأنثي ، ذلك لانه تربي مند طفولته علي انه السيد والإناث تحت امرته لذلك لن يستطيع ان يتقبل المساواة معها وعليه ان يفوقها في كل شيء ..
طبعا هذه النظرة لا تنحصر في الرجل الشرقي بل في الرجل ككل بشكل عام حتي الغربي الآ ان الغربي مع التقدم العلمي والتكنولوجي بدأ تخف عنده تلك العقدة تدريجياً أما الشرقي فلا يزال غارقاً حتي جذوره في أحتقار المراة ..
يجب ان يفوقها في الطول
والقوة البدنية
والمال
والمركز الاجتماعي
وفي كل التفاصيل يجب ان يحتل الرجل الصدارة !
هذا من جهة ومن جهة اخري ، يخاف الرجل الشرقي من المرأة الذكية المتعلمة ، في بلادنا المرآة المتعلمة للأعجاب فقط وليس للزواج ، لأسباب عديدة ..
أولاً في عقله ان المرآة المتعلمة لا تجيد فنون الطبخ وبما انه تربي علي ان الطبخ مهنة النساء فهو يري في زوجته خادمة تجيد الطبخ واشغال البيت ولما لا الخياطة والحياكة وكل ما تم ادراجه في اختصاص النساء قسراً من المجتمع الذكوري ..
نقطة ثانية الرجل يخاف من المرآة الذكية وان كان هو متعلماً تعليماً عالياً لآن المرآة الذكية المثقفة تعريه تجعله يقف عاريا بين يديها وتري كل خلجاته ونقاط ضعفه ، تحلل شخصيته وتتنبأ بكل تصرفاته ، ولآن الرجل الشرقي غالباً ما تعلم ان يقيم علاقته بالآنثي بالمداهنة والكذب وقلما يكون صادقاً معها لآننا لسنا صادقون حتي مع انفسنا فكيف نكون صادقين مع غيرنا ، ولآن الآنثي هي العدو فهو يبني علاقته معها بالخداع والزيف فهو لن يتحمل فكرة ان تراه المرآة عارياً لآنه يظن انها ستتحكم فيه ، وكيف بربكم يتقبل الرجل الشرقي العظيم الجبار ان تتحكم فيه امرآة مخلوق من درجة ثانية ، تعلم هذا الرجل من ابيه كيف يحتقر النساء ويزدريهن وذلك علامة رجولة وقوة !
انه العالم الذكوري
لكل تلك الأسباب يخاف الرجل الشرقي الزواج بأمرآة مثقفة وذكية تعرف حقوقها ولا تسمح له بأهانتها ولن تكون مجرد ارنب يلد له الأطفال وتعتني بالبيت وترفض الركوع لجنس الذكور ، بكل بساطة سترفض ان تعيش بمنطق البقرة في الساقية لا انكر ان هاته العقلية توجد كذلك بالغرب لكنها بدرجة أقل حدة من الشرق ، ألا ان قريبي الذي عاشر الكافرات وعاش شبابه وتزوج بإحداهن لكي يحصل علي الأوراق وطلقها بعد ذلك ولم يحبها يوما لكنها هي احبته ، لكنه لا يعرف للحب شكلا ، لا يستطيع الرجل الشرقي ان يحب ، هو يلهو طوال عمره ثم ياتي لكي تزوجه امه !

اميرة محمود اوقاسي
الجزائر