محنة النساء في سوريا



حسين عجيب
2005 / 8 / 5

مع أنوثة تغمرها مركبات النقص
ورجولة أكثر ضررا
يتوافد السوريون الجدد
يجادلون في كل شيء
وأغلبهم لا يحسن القراءة
هم إخوتنا وأبناء جلدتنا
أمر عادي بعد اليوم
أن نتشارك على دفن الجثة
بعدما طبقت رائحتها الآفاق.

المناخ السوري العام بمحاوره الأساسية, السياسي والاقتصادي والثقافي والأخلاقي, ذكوري بتطرف, نموذج الأب (السيد والسادي) يحكم العالم الخارجي للفرد ويشوّه عالمه الداخلي, على النقيض منه نموذج الأم السلبي التام, أو نقيضه الأسوأ( الأم الخصّائة). وذلك هو المرجع المشترك للسلوك والأفكار والقيم, ويحمل ما يكفي لتبرير وتفسير الانحرافات المختلفة وتعبيرها الأقصى في شيوع العنف وثقافة الموت.

يحتاج الفرد الإنساني في رحلة الرشد و النضج الوجداني والعقلي والاجتماعي إلى شروط عدة, أبرزها النموذج الملائم(شخصية الأم والأب وبدائلها) على الصعيد الفردي, والمناخ العام الأخلاقي والثقافي والسياسي(دولة قانون ومجتمع متسامح) على الصعيد الخارجي والمشترك, وهو شبه مفقود كما ندركه في لحظات التأمل الذاتي وفي المنعطفات الحادّة.
تصوري العام للوضع السوري لا يتطابق مع الواقع الفعلي, توجد اختلافات مهمة وكثيرة بلا شك, لكن يبقى التصور الشخصي مرجع أساسي للموقف الفردي بمجمله, وتصوري الشخصي هو السبب في محاولة ابتعادي المستمرة عن إطلاق الأحكام , سوى ما يخص ممارسة العنف في الفكر والسلوك, أرغب بتجنبها في حياتي الشخصية وأعمل على تفكيكها وتجاوزها ككمارسات اجتماعية وثقافية.
في عبارة" نساء سوريا الغبيات" عنف مضمر و صريح كذلك, ولا تغيره الرغبة في تغيير و تجاوز الواقع القاسي والمؤلم الذي تعيشه نساء سوريا, أعرف وأعترف, هو نقص في مقدرة التعبير بصيغ أكثر ملائمة وتفهما.
*

يغطّي المسكوت عنه وغير المفكر فيه, معظم جوانب الحياة في سوريا, وفي المركز منه وضع المرأة وحياتها العاطفية والجنسية بشكل خاص, وينعكس ذلك الجهل أو التجاهل على كافة مظاهر الحياة. ليس بوسعي أكثر من فتح الباب, وهذا ما أحاول عمله بعد فتح مغاليق حياتي سوى ما بقي بعيدا تحت الشعور أو خارجه, وموقفي من المرأة هو نتيجة لحياتي الشخصية بالدرجة الأولى والثقافية بالدرجة الثانية, وأعترف أن خرابي الأعمق سببه المرأة, ووجودي الواقعي حتى اليوم بكل ما فيه سببه المرأة أولا, وطرق استجابتي ومبادراتي في هذه البلد التي أحبها وأكرهها بنفس الدرجة. ما علينا...
يتم الاعتداء على المرأة بطريقتين تفضيان إلى نفس النتيجة: حرمانها من الحقوق الأساسية.
في الأولى بمنظور التبجيل والتقديس والمدائح, وبصيغة أخرى أسطرة المرأة, فيتم حرمانها من الحق في الخطأ, والنتيجة المباشرة حرمانها من العيش والتجربة, وفي الطريقة الثانية عبر الشفقة وما تحمله من تعالي وتمييز عنصري صريح واحتقار مضمر, فيتم حرمانها من الثقة بالنفس والتقدير الذاتي الملائم, والنتيجة المباشرة الشعور بالدونية وما يلازمه من احتقار الذات والآخر.
في كشف المسكوت عنه والمكبوت والمهمل والمنبوذ بالتزامن مع فتح مفاهيم: الشخصية والوطن والدين لتتسع للمختلف والكافر والخائن, كما هو متحقق في البلاد المتحضرة, نصف الطريق إلى تأنيث سوريا وهو طريق الإبداع والحب.
غياب المرأة السورية سبب الغباء العاطفي العام والسائد, والحضور الفعلي للمرأة السبيل الوحيد لتجاوز ذلك, كيف ومتى وبأية صيغ؟, ذلك ما أجهله وأنتظر تحقيقه.
العقل ضيق..الروح ضيقة.. الجسد ضيق.. البلاد ضيقة..البيت ضيق ...العالم ضيق..
ما الذي يمكن فعله, وما الذي يمكن قوله..في هذا الظلام البهيم.