عودة نخبة النخبة ولكن



عبد الاخوة التميمي
2005 / 8 / 5

( القسم الثاني)
السلبيات متماثلة مثلما الأيجابيات متماثلة وهي متشابهة في العالم .. فالفساد المالي هو نفسه في كندا وامريكا والعراق والصومال والأرهاب هو نفسه في لندن والعراق وامريكا ومصر واسبانيا واليمن.. ولكن الأخلاق والنظر اليها اليس هو نفسه فمفهوم الشرف في الشرق ليس كما هو نفسه في الغرب .. اذا ما اخذنا بنظر الأعتبار مفهوم الشرف على اساس اصطلاحي في الأخلاق والشرف في الغرب .. الألتزام بالعمل الأخلاص للوظيفة بغض النظر عن قناعة الموظف او العامل بمن يعمل معه متوافقا او متعارضا له دوله كانت او شركه ... اما المفهوم الأصطلاحي للشرف الشرقي عموما مع بعض الأستثناءات يتجسد اكثر في رؤية المجتمع للمرأة ومقاييس اخرى تختلف في الرجل .. فالحجاب واطالة الأثواب وابراز المفاتن والجلوس بالأماكن العامة وعند بعض الدول الشرقية تسنم المناصب والقائمة الطويلة من الممنوعات والتي ترتقي الى مطاف المحرمات على المرأة والأهتمام بل المراقبة الشديدة عليها .. بلا حصانه فكريه بلا مقاومة لفايروس عدم الثقة بالنفس بلا ارتقاء بثقافه عامة تجعل من نظر الرجل للمرأة من خلال مواقع الجنس فيها او انجابها للأولاد اكثر من البنات وليس لكونها انسانه اولا و مكمله للوجود الأجتماعي ثم منتجه وخدمية ثانيا اضافة الى امتلاكها مواصفات بيولوجية تمتاز بها لن يتميز بها الرجل وهذه اضافة خاصة بها لم يعرفها الكثير من الرجال التعسفيين .
والخلاصة لا رجل بلا امرأة ولا امرأة بلا رجل .فلماذا الأضطهاد و عدم المساواة معها؟ وفي النتيجة لا انسانية بدونهما ولااديان او اخلاق بدون الأنسانية .... من ذلك بودي ان اجد بعض المقارنات التي من شأنها ان تضع الشرقي ليس بموضع الأنبهار من الغربي وعليه ان يدخل في حساباته الضياع والغربة والتحلل والفقر والهوة الكبيرة بين الغني والشركات متعددة الجنسيات والتسكع في الشوارع وخير ما ذكره في هذا المجال محمد عابد الجابري عن دراسة وجدت فيها ما يتطابق مع بعض ما ذكرته اعلاه بعد استنتاجات قيمه لعالم امريكي حدد فيها طبيعة المجتمع الأمريكي اذ توصل الى انه يتكون من خمسة اوهام.
وهم الفردية .. الأنسان مفصول عن الأخر وليس له ان يهتم الا بنفسه بغض النظر عمن يكون الأخر . وان كل ما عداه اجنبي عنه ولا يعنيه .
وهم الحياء ويلتقي بالأول ويميت التعاون في داخله ولا يهتم بالصراع الطبقي فالطبقات كائنات غير معني بها .
وهم الخيار الشخصي .. وهذا يعني على الحاضر ان لايكترث للجماعة مهما كانوا بحزن او تأثر او فرح
وهم الأعتناء بالطبيعة البشرية لاتتغير .. وهذا يرمي الى بقاء الأغنياء اغنياء والفقراء فقراء والزنوج والبيض وهذا يعني تسويغ الغنى والصراع الطبقي والعنصري على حاله
غباب الصراع الأجتماعي .. وهذا يعني .. الأستسلام للأمر الواقع بكل مساوئه الطبيعية والأخلاقية والأعلامية الرديئة .
وللحقيقة نقول ان الغرب ادخل الديمقراطية في مناهجه ليس للأستهلاك السياسي بل مارسها كسلوك واحترام الرأي والرأي الأخر وحسم المعارك السياسية باوراق الأقتراع والمنافسات البرنامجية ومطالبة الأخرين باحترامها ومن ثم محاسبة حكامه عنها.
ومما هو جدير بالدراسة ان الشرق يعتقد انه صحيح في كونه يظهر في ثقافته ضد الأفكار والطروحات الغربية فيما له صلة بالتعاون والمحبة والوفاء للأخر لكنه في واقع الحال يلتقي سلوكيا معهم مع فارق لصالح الثقافة الغربية كونها بنت البيئة الحضرية من خلال بناء واقع موضوعي مادي رصين مقرونا بالخدمات التي جعلت من الغرب موضع اعجاب ومحط انظار من تخّلف عن ذلك ومن بينها خدمات النقل السريع والألكتروني والمصارف واخيرا الأنترنيت ولم يكن هذا مركز جذب للشرق وانسانه بل تحولت هذه الأنجازات الى مفتاح كبير لفتح ابواب الأختراق التقاني للغرب بكل ابعادها والدخول الى اعماق الشرق والأستحواذ على العناصر الهامه في تعاملهم مع بعضهم تعاملا مبني على المعرفة العلمية والبرمجية الحضرية مما جعل الشرق يخسر حتى الصفائر التي من الممكن ان تكبر لو انها لقت رعاية جيدة واقعية في تحسين اوضاعهم الأجتماعية والأقتصادية ولولا العوامل السلبية المحيطة التي اكدت الحياة عمقها.
ومن امثلة ذلك..
التدخل الغير مبرر واللامسؤول لرجال الدين في الشرق بحياة الناس بصغائر الأمور وكبارها مما ساهم في تخلف الفرد والمجتمع وابعاده عن تفعيله لقضاياه الأساسية التي لا تعالج عن طريق الأدعية والزيارات .
بما ان الدين يمثل عالم الأنسان الذاتي ولن يشاركه احد في نتائج مسعاه الشخصي للدخول في الجنة فلا ريب ان تكون اعلى حالات التعاون مع الأخرين لا تتجاوز حدود الدعوى لهم والدعاء للتخفيف من عذابات المسيئين منهم للفوز بنعيم الأخرة وهذا يصب في رغبات الغرب التي تتجسد في الأستحواذ على ثروات الدنيا التي تجنبها الشرقيون كي لا تغريهم عن نعيم الأخرة وعدم استثمارها وتوضيفها بما يغير من بيئتهم وتخليصهم من الفقر الذي لم يرجعوا حتى الى الأصول الأسلامية في محاربتها له كونه آفة الأفات(لو كان الفقر رجلا لقتلته).
تعزيز ثقافة التخلف كونها عنصر الأذلال والخنوع للسلطان عبر جميع المراحل الأقتصادية والأجتماعية التي من قوامها التشريعات التي تجسد الأرتباط الوثيق بين السلطة الدينية والسياسية باعتبارهما جسم واحد ينطق بلغة واحدة .وان حصل انجاز علمي خارق على المستوى العالمي سرعان ما تبادر السلطات الدينية الى تفسيره بعيدا عن اسبابه ونشأته وهنا يصنعون المواطن صناعة مضللة لاتمت الى ترسيخ مكانته ومواجهة التحديات المحدقة به والتي لن يكون قادرا على درئ مخاطرها مالم يتسلح بادوات تكوينها ممايعزز ثقافة الأزدواجية في طريقة تفكيره التي تنطلق من وهم الخرافة..
ان توظيف الأديان في حقوق الأنسان يضر بالدين وبالحقوق معا. فالدين لايقبل لمعتنقه ان يغير قناعاته الدينية او المذهبية وحقوق الأنسان العصرية تسمح في اعتناق الفرد وفق مايراه مناسبا لطريقة تفكيره وقناعاته ولاتسمح القوانين العصريه لكائن من كان ان يتجاوز عليها وتلزم السلطات الدستورية الحضريه ذلك وهذا يتنافى والحكم الديني الذي يعتبر مثل هذا الأعتناق مرتد ويحق للمجتهد تبرير قتله هذه الحالات التي تخلص منها الغرب بالعكس من ذلك فلقد تطرف الشرق وتجاوز فيه التكفير حدود اللامعقول في ابداع صيغ التقتيل حيث تجاوز حدود التكفير والتقتيل داخل الدين الواحد ليشمل التقتيل داخل الطائفة الدينية الواحدة . ناهيك عن التدهور الحاد في البنية التحتية والأجتماعية والأقتصادية والسياسية . جراء التدخل المقصود للدين في السياسية مما اساء للدين كطقوس روحية وعبادية مما حفز البعض من المتضررين اكثر من الوقوف سلبا اتجاه الرسالات السماوية المقدسة باختلاف اديانها.
يعاني أقتصاد الشرق من سلبيات كثيرة .. المتعلقة منها بالهوامش التي حددتها المفاهيم والمقولات والتعاريف الأقتصادية .فهو خليط من الأقتصاد الرعوي والبدائي والزراعي المتخلف وما الى ذلك وهذا النمط يخلق من رحمه مجموعة عوامل التخلف والتمزيق الفكري والقصور الثقافي بعدم مواكبته لأسس التطور مما يجعله بالنتيجه حاضنة طبيعية للأرهاب بكل مساوئه ونتائجه المدمرة وانعكاساتها سلبا على عادات وسلوك وتصرف المجتمعات الشرقية بغض النظر عن موقعها الجغرافي.
في العودة للنخب ونخبة النخب نرى العديد من التجارب التي مرت بالشرق او مايسمى بعالم الجنوب فان الكثير من هذه النخب قد عرضت شعوبها بعد ان جاءت للحكم باسم مآسيها الى ابشع انواع التعسف والأضطهاد ومن ثم الأستحواذ على ثرواتها .... هذا فيما يتعلق بمن تسنم المناصب .اما من تصدى لمواجهتهم في فسادهم وارهابهم وتسلطهم . فمن المؤلم اكثر ان نقول ان المتصدين من المناضلين ورغم كل قسوة النضال الذي هيأ جماهيرهم في ان تصطف طوعيا خلفهم ونتيجة لأحتضان الغرب بمكزه القوي لبعضهم بكل امكانياته العسكرية والمالية والحضرية وتأثيره المباشر عليهم كنخب قد خلق حالتان متناقضتان لكنهما متلازمتان.
الأولى تبني البعض منهم سياسة حكم باسم الدين او القومية والتي تحولت الى اكثر تعسف من حكم الأمبراطوريات والأحتلال الأجنبي الذي حلت محله ووضعت نفسها موضع اتهام حقيقي كونها غبية وجشعة ولاتمتلك الحد الأدنى من المعقولية المدنية التي تحضى بها الشعوب المتنورة وليست لها اقل قدرة على ان تحسن حتى منافعها لقلة خبرتها واستسلامها للضغوط من دول المركز التي استسهلت فيها ضعفها في الركض خلف مصالحها الشخصية على حساب الشعوب التي جاءت من اجلها .. وهنا خلقت مقومات ابعادها عن الجماهير ومن ثم اختراقها ثقافيا واقتصاديا تحت تأثير عوامل موضوعية عديدة.
وهذا يستدعي منا اعادة النظر بكل السلوك والأعراف والثقافة التي سوغت مثل هذا السلوك والنظر الى الأخر من خلال معطيات العولمة والشركات متعددة الجنسيات بالأرتباط مع قضايا العصر الأساسية ذات الصلة بمهمات املتها ضروف الألفية الثالثة ونشأت احدث المقومات العلمية التي غيرت مجرى التاريخ حقا بعد ان حولت كوننا الى غرفة صغيرة ((SMALL ROOM وما سينجم عنها من محاور وردود افعال جديدة او قد يتشكل عامل نشوء اقطاب منافسه ليس على غرار التصنيف الأشتراكي المعادي للقطب الراسمالي بل بنظام وسياسة قطبية اقتصادية معلوماتية كونية جديدة تتناسب والأقتصاد الرمزي.
اما على صعيد التغيرات التي حلت ببعض دول الشرق مؤخرا وتأثيراتها السياسية تمهيدا لأتساع الديمقراطية وما يسمى بسيادة مؤسسات المجتمع المدني وماهية انعكاس ذلك على تغير الأنظمة التعسفية وسيادة ثقافة حقوق الأنسان بالأرتباط بسياسة اقتصاد السوق التي قولبت الأتجاه الأقتصادي العالمي بقالبها كي تسوغ مبادئ حقوق الأنسان بحريات المجتمع بدساتير علمانية تضمن حقوق الفرد والمجتمع من خلال الية تداول السلطة بالأقتصاد المفتوح الذي تقوده العولمة بجميع مسمياتها الأقتصادية والثقافية والأعلامية سيجعل سفينة ركوب الموضة الجديدة مهيأة لجميع البشر بقناعاتهم غير المبصرة للتداخل الحاد بين الواقع واسباب مكوناته .
ومن امثلة ذلك التغير الذي حصل في العراق الذي جاء من خارج مؤسسات الشعب العسكرية والجماهيرية المنظمة وللضروف غير الطبيعية التي خلقتها دول المركز بغية التحكم باليات التغيير ... فالأحتلال لهذه الدولة قد اقنع الجماهير قبل ان يتم على الأرض بان خلاصهم من التعسف ستكون له اثاره الأيجابية المباشرة على واقع حياتهم اليومية ولكن ورغم الأستبشار بفرحة التغيير وحمل باقات الزهور من قبل بعض المدن تعبيرا عن الشعور بالفرح باستقبال المحتلين وخصيصا في المدن التي تطرفت اخيرا في محاربته بل آوت الأرهاب انتقاما منه والزمت بعض المواطنين قسرا او طوعا لمعاداته مما حدى ببعض المدن ان تتحول الى حاضن حقيقي للأرهاب العالمي وهذا الأمر له اسبابه و مسبباته ولكنها في النتيجة تصب في ضعف الأحتلال بغض النظر عن ان تكون هذه السياسة مدروسه او عفويه. مما حول العراق الى ساحة قتال عالمية راح ضحيتها الأبرياء من جميع الأعمار مصحوب بدمار شامل لايقل اهمية عن التدمير الذي احدثته الحروب النظامية الدوليه التي افتعلها النظام البائد واقحام الشعب العراقي بادمانه قسرا على منظر القتل والدماء يوميا وبابشع الصور اللأانسانية.
اما الشفافية التي اقتبس مفرداتها الشرق من ادبيات الغرب فانها هي الأخرى قد تحولت الى مجرد وسيلة لأخفاء السلوك المنحرف واللاشفاف بعد ان اتقنت النخب الجديدة الية استثمارها واستخدامها كأداة لتخدير الجماهير وعبائه لستر عورة الفساد الأداري والمالي لتخمة بعض من كان يحلم ان يكون موظف حسابات بسيط لدائرة صار بين ليلة وضحاها وزيرا لها .والحالة الثانية والجديرة بالدراسة والتي تقتضي التنبيه والتمحيص
ان التغيير قد حصل من الخارج وحصرا من القطب الأقوى عالميا فانه بدا يبحث عمن يدير شؤونه في الداخل بعد ان فشلت وحدة القوى الوطنية في تشكيل حكومة وطنية ابان فترة النضال السياسي قبل التغيير مما وضع النخب امام امتحان عسير اما ان تتخلى عن مناصبها وهذا يعني خسارة كبيرة لقياديها ولم يكن صعبا على المحتل ان ياتي باكثر الناس هامشيه ليجعل منه وليا لأمر العراق وقائدا لشعبه وهذه الكارثة الكبرى او ان تقبل نخبه بالرئاسة شهرا واحدا من مجموعة بضعة اشهر تتوزع بين قيادين لم تكن للشعب اية درايه بتاريخ وسلوك البعض منهم قطعا . وهذا ما حصل فعلا من 13/7/2003 لغاية 28/6/2004 بعدها دخل الجميع اعضاء في الجمعية الوطنية بتشريع الزامي ليس من حق الشعب الأعتراض عليه.
وهنا حلت وتعمقت ظاهرة الفساد الأداري والمالي بعد ان جيئ بوزراء وجهاز اداري مهيا لذلك وبرغبه جامحة ظاهرها خدمة المواطن الكريم وباطنها نهب مالي وجعل العراق يحتل الرقم 129 من بين الدول الفاسدة المصنفة بمرض الفساد المالي و الأداري حسب دراسة اعدت من قبل معهد الشفافية العالمي.
وهنا اتساءل .. اهذا هو قدر الشعوب ؟ ام ان الشعوب خلقت لتكون لخدمة الحكام الذين اتخمت عباراتهم الوهمية المنسابة لدغدغة المشاعر في اسعاد الشعب الذي لم يرى فيهم سوى التعالي عليه وهو الحارس على بواباتهم وتكييف اجواء بيوتهم والدوائر وهو الملتهب في شوارع الأستعراض الساخنة ابتهاجا بمناصبهم او صرخات البطون وهي تتضور جوعا وهو الذي ينحر الخراف والغزلان التي اتخمت حتى حاشيتهم .
وفي النهاية لم يكن هاجسي وخوفي من تلك الصواعق التي وجهت للسيد القمني او من كشف عن نفسه ارهابيا بل من ذلك الذي تطاول على الديمقراطية باسمها ولم نكن مستعدين لمواجهته وليس لنا موعد مع تصرفه ومنه الطامة الكبرى..
الباحث الأقتصادي
عبد الأخوة التميمي