العنوسة في السعودية لعلل دينية أم مجتمعية ؟!



عبدالله مطلق القحطاني
2014 / 8 / 22

بلغ عدد السيدات العانسات في مجتمعي وفق إحصاء رسمي رقما مخيفا إذ تجاوز مليون ونصف المليون عانس ورغم عدم ثقتي في إحصاءات المؤسسات الرسمية إلا أن إذاعة هولندا العربية قبل فترة قامت بعمل تقرير وإحصاء عن العنوسة في العالم العربي وذكرت أن نسبة العنوسة في السعودية بلغت 45% !! رقم مفزع مخيف بكل المقاييس فما الأسباب والعلل وراء ازدياد عدد العوانس بمجتمعي وبأرقام تصاعدية ؟! هل العلل والأسباب دينية ؟! هل الموروثات المتوارثة لها دور ؟! هل لظاهرة التشدد والتزمت والتدين المصطنع وعلو نفوذ هيئة الأمر بالمروف والنهي عن المنكر أي الشرطة الدينية بعد حادثة الحرم المكي قبل ثلاثة عقود دور في ذلك ؟! هل لكثرة قضايا الاختلاط التي تقوم بها الهيئة والتضييق على عمل وخروج المرأة ومطاردتها بقوة وسلطة النظام ومحاصرتها بل والاعتداء عليها لفظيا أو جسديا ومن ثم طلب مقاضاتها بدعوى التبرج والاختلاط دور ؟!! هل للعادات والتقاليد بسبب عودة التشدد والتدين المصطنع بعد الحادثة إياها دور في ذلك ؟! إذن لنعد قليلا للوراء ! هل تذكر صديقي القارئ الكريم ما قلته لك سابقا عن عمل المرأة وممارستها للبيع في الأسواق الشعبية قبل عقود أربعة ؟ وأن المرأة كانت في البادية والقرى تقود السيارة وصهريج الماء بنفسها وتجلبه لسقي غنمها وكانت تمارس البيع والشراء بتجارتها بحرية وتسافر دون شروط أو قيود ؟! نعم كانت المرأة عنصر إنتاج لمجتمعها كالرجل تماما وكانت العفة والحياء وطهارة القلب قبل الجسد أخلاقيات مجتمعية سائدة وكانت العلاقات بين الجيران أفضل وأكثر ثقة من علاقة الأقارب مع بعضهم البعض ! كانت المعيشة مع قلة الدخل أفضل حالا من الآن بكثير ولم تكن المعوقات توضع أمام عمل المرأة فأنشل نصف المجتمع تقريبا وكان من يريد خطبة فتاة من حقه أن يراها وتراه بل كان الرجل يفتخر ويقول أنا أخو فلانة وابن فلانة كانت المرأة له علامة رجولة وفخر واعتزاز لكن بعودة التخلف والتشدد رجعنا لعصور الظلام وعصر الحريم إياه فأثر هذا الفكر على عقول وسلوك الكثير من أفراد المجتمع وعادت النظرة الدونية للمرأة كعورة!! بل ووضعت أمامها كل المعوقات فأصبحت فرص العمل أمامها قليلة مقارنة بالرجل ! ومما زاد الطين بلة تفشي الفقر والبطالة وارتفاع المهور من البعض فعزف الشباب جلهم عن الزواج ومن يسعفه حظه ويتزوج ما يلبث بعد فترة يطلق زوجته والعلل كثيرة !! العنوسة ظاهرة خطيرة وآثارها مدمرة ولابد من معالجتها سريعا بمعرفة كل الأسباب واتخاذ كل الحلول الناجعة والعاجلة للحد منها ثم القضاء عليها لكن لن يتسنى هذا بظل نفوذ الشرطة الدينية ومطارتها للنساء والتضييق عليهن وتلفيق قضايا الاختلاط إياها وكم من المآسي وخراب بيوت وزيجات تم باسم الاختلاط !!!
علينا أن نعين ونشجع عمل الفتاة أسوة بالشاب وتعطى مثله بدل بطالة ونسهل عملها وتكون لها الأولوية بالعمل والسكن وتكون حرة بخروجها وأن نكف شر وأذى المطاوعة عنها وأن نجعل كرامتها فوق كرامتهم ونحاسب بقوة وفق النظام أي عنصر من الهيئة يهين إمرأة وأن نغرس بعقله أنها تاج رأسه بل وسيدته ! نعم لابد من عودة كرامة المرأة وعملها وحريتها لنزيح عنها شبح العنوسة وألا تكون الرقم التالي في لائحة العنوسة ومن العار أن تنتعش زيجات وزواجات الأغنياء منا ممن يسافرون للسياحة في الغرب وذلك لنزع النساء النقاب ورؤية من يود الزواج لمن يرغب بالزواج منها بحرية !!
ارحموا فتياتنا من كابوس وشبح العنوسة تربت أيديكم وكفوا شر الهيئة وأرباب الفكر المتشدد والمتحجر والمتخلف عنهن وأعلموا أن المرأة تاج مجتمعها .