تعيين وزيرة في حكومة فالس الثانية من أصول غير فرنسية... انتصارا للهجرة الإيجابية ؟



عزيز باكوش
2014 / 9 / 4

1. إلى أي يحد يعتبر تعيين وزيرة من اصول غير فرنسية انتصارا للهجرة الإيجابية ؟
2. ما مدى صحة الرأي القائل ان التعيين مجرد لفتة لتحسين صورة فرنسا بعد انتكاسة اليسار بها ؟
3. هل للحملة العنصرية الشرسة لليمين الفرنسي وتوابعه على تعيين الوزيرة بلقاسم علاقة بأصولها المغربية فقط ؟
4. وكيف نصدق ان التعيين هو تثبيت لتبعية مستعمرات فرنسا للزعيم الأوروبي ؟
5. هل لمواقف بلقاسم الجريئة من فلسفة مقاربة النوع في البيداغوجية والديداكتيك التربوي الفرنسي دور في إذكاء نار العنصرية ضدها ؟
6. لماذا ينشغل الناس بإذكاء آلة النقد قبل معرفة أسلوب وتدبير المسؤول السياسي ؟
7. هل كان المغرب سيقبل بتعيين أجنبية على رأس إحدى وزاراته؟
8. إلى أي مدى ينسجم قرار الحكومة الفرنسية مع رئيس الحكومة المغربي الذي عبر ذات مرة أن مكان المرأة الطبيعي هو المنزل وأولادها كما جاء على لسان السيد بنكيران رئيس الحكومة
9. وهل حقا بلقاسم هي الحل المناسب لتحسين القطاع التعليمي المهيكل اصلا والرقي به من حسن إلى أحسن ؟
10. وما الإكراهات المتوقع أن تعيق طريق لوزيرة الشابة في تدبير سياسة فرنسا التعليمية
وتحقيق تطلعات حوالي 12 مليون طالب و 840 ألف أستاذ في الهيكلة والإصلاح ، ومعها تطلعات الشعبين الفرنسي و المغربي؟
11. وأخيرا هل التعيين مجرد خلق توازن شكلي ، أم لترسيخ ثقافة الاحترام التام لمبدإ التكامل ، انسجاما مع القولة الحقوقية الشهيرة " دون المرأة لا تستسيغ معادلة البشر"؟

أسئلة كثيرة وغيرها تفجرت عقب تعيين نجاة بلقاسم، فرنسية مولودة بالمغرب، في منصب وزيرة التعليم في فرنسا يوم الثلاثاء، لتكون بذلك أول سيدة تشغل هذا المنصب، وأصغر من شغله على الإطلاق، حيث إن عمرها لم يتجاوز الـ37 عامًا بعد. وشغلت نجاة قبل ذلك منصب وزيرة حقوق المرأة والناطقة الرسمية باسم الحكومة الفرنسية، وتحمل الوزيرة التي أثار جمالها وأناقتها المجتمع الفرنسي، أصولا عربية حيث إنها من مواليد المملكة المغربية. وتسبب تعيينها في هذا المنصب في حالة من الجدل في الأوساط الفرنسية، خاصة لصغر سنها، ولقربها من الرئيس الحالى فرانسو هولاند، وفضلا عن كفاءتها وحنكتها السياسية وامتلاكها لمواصفات الحكامة والتدبير الجيد ، فقد ذهب البعض إلى أن اناقة الوزيرة الفرنسية وجمالها ربما يكونان السبب الحقيقى في توليها حقيبة التعليم في الحكومة الجديدة
إلى ذلك ، لم تتوقف التعاليق الشديدة الموغلة في العنصرية ، وتواصلت حملة الانتقادات ، وتركزت مجمل التعاليق حول النيل من مصداقية الوزيرة بلقاسم فقط لأنها مغربية ، حملة الانتقادات تأتي حسب المتتبعين للشأنين السياسي والتربوي ببلد الانوار بسبب مواقفها الجريئة حول المناهج المدرسية والمساواة بين الرجل والمرأة ومسألة "النوع" او"الجندر" ، حيث شن المحافظون هجوما عنيفا منذ تعيينها وزيرة للتعليم، معتبرين أن الوزيرة " صاحبة أيديولوجيا هدامة أي "نظرية الجندر"، التي تدافع عنها نجاة بلقاسم والتي ترتكز في جوهرها العمل على هدم الهوة بين الاطفال الذكور والإناث في المدرسة الفرنسية" الملف التربوي لجريدة الاتحاد الاشتراكي استقصى آراء عدد من الفاعلين والناشطين في المجال ، واستمع إلى آرائهم بهذا الخصوص في الورقة التالية :

الدكتور حبيب نصري :
إن تعيين وزيرة على رأس الهرم الوزاري التربوي بفرنسا، وهي من أصول مغربية، برأي د.حبيب نصري مدير مهرجان خريبكة الوثائقي هو انتصار للهجرة الايجابية والناجحة، لاسيما في زمن معاداة الهجرة، وترويج صورة الإفريقي والعربي المهاجر السري و"غير المحترم" للقوانين الخ.
ويعتقد الأستاذ الجامعي والخبير التواصلي أن التعيين في هذه المرحلة الدقيقة بالذات يشكل خطابا سياسيا فرنسيا في زمن تدني صورة اليسار السياسي الفرنسي ... صورة/خطاب "تسويقي" أيضا . فالسياسة في نهاية المطاف وكما يمكن أن نتفق أونختلف " لعبة" تقتضي فهم تشفيرها وما تنهض عليه.

إن تفكيك هذه الرسالة السياسية بلغة ما، يؤكد أستاذ العلوم الإنسانية يفضي إلى خلاصة حاسمة هي ان السيدة الوزيرة "المغربية" تبقى خطابا نافعا لنفسها ولبلدها فرنسا التي ترعرعت سياسيا فيه، وأيضا لوطنها الأم باعتباره من الصعب محوه من ذاكرتها وهويتها وعمق وجدانها ، لقد تأكد اليوم والكلام للدكتور حبيب نصري وعلى نحو عال من الجدية انه من الممكن في بلد مثل فرنسا ان يمسك المهاجر بفرص سياسية متعددة نافعة في الدرجة الاولى لهذا البلد...

لكن ، هل من الممكن أيضا أن نقرأ في الأمر رسالة من تحت الماء " لجر" الدول التي كانت تستعمرها فرنسا إلى تعميق التبعية السياسية التربوية بأدوات من بني جلدة هذه الدول؟ في جميع الحالات، يستعين السياسي بكل الادوات الممكنة، لتحسين صورته وتقديم الافضل، لاسيما حينما يشعر بهزة او ضربات كبرى تكاد تسقطه."

و فيما اعتبرت النائبة في البرلمان الأوروبي عن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية المعارض" نادين مورانو " تعيين نجاة فالو بلقاسم على رأس وزارة التربية هو بمثابة " استفزاز" واضح وصريح للمعارضة، انتقد النائب عن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، إريك سيوتي تعيين فالو بلقاسم في وزارة التربية انطلاقا من كونها تتبنى حسب رأيه "إيديولوجية سياسية خطيرة" قد تخلق انقسامات ومشاكل بين فئات المجتمع الفرنسي " يشار إلى أن بلقاسم من المدافعات عن " الجندر " أي "نظرية النوع" التي أثارت ضجة كبيرة في فرنسا ، كما أنها من اللواتي قاومن بشدة القانون الذي يمنع ارتداء البرقع في الأماكن العامة" .

لكن الكثير من المتتبعين لا يخفون الجذر العنصري لهذه التعليقات ،ويعتبرونها حملة عنصرية شرسة ضد نجاة بلقاسم، ويؤكدون ان الوزيرة الفرنسية تمتلك مواصفات الحكامة والتدبير الجيد للقطاع ، أكيد أن وزارة التعليم بفرنسا حساسة، لكن المنتقدين يركزون على أصولها ، ومن الحكامة أن وزيرة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي لم تعر أي اهتمام لطبيعة هذه الانتقادات حيث ردت بالقول على أحدى القنوات التلفزية بأن "الجدل غير المفيد والنقاشات العقيمة، لن يكون لها مكان في وزارة التربية الوطنية".
الدكتورة وفاء شاكر : مرة أخرى يخلق ولوج المرأة إلى مناصب القرار جدلا كبيرا وانتقادات غالبا ما تكون بعيدة عن الواقع، هذا هو الحال في أغلب دول العالم. وما استنكارات المتتبعين للشأن السياسي بخصوص ولوج السيدة نجاة بلقاسم إلى منصب وازن بالحكومة الفرنسية إلا تكريسا لهذا الواقع.
حمدا لله، أن هناك أشخاصا وازنين وحكماء يخلقوا بعض التوازن وهم أناس لا يعبئون بقضية النوع الاجتماعي بقدر اعتمادهم على الكفاءات الشخصية والتفاني في العمل ونكران الذات من أجل خدمة المصلحة العامة في اختياراتهم وفي حكمهم.
حسب رأيي المتواضع، يجب الانتقال من مسائلة الحكومة " لماذا المرأة؟ " إلى مسائلة النفس " لم لا المرأة؟ ". عندما يصل المعارضون للمرأة إلى القناعة أن القضية ليست قضية رجل وامرأة ولكنها قضية من له القدرة والإمكانات لإيجاد الحلول وبلورتها سيكون العالم أفضل ومتكامل بدون أن نطلب من المرأة أن تكون رجلا أو العكس.
في المغرب، يجب الإشارة أن وجود سبع نساء في حكومة السيد عباس الفاسي هي تجربة رائدة، وما تقلد السيدة ياسمينة بادو منصب وزارة الصحة إلا خير دليل على استعداد المغرب للاعتراف بالكفاءة النسائية. فالمرأة المغربية أصبحت تتقلد مناصب كانت إلى أجل غير بعيد حكرا على الرجل، ونذكر على سبيل المثال المرأة : والية، عاملة، ربانه طائرة.....إلخ. بالرغم من ثقل الاعتقادات الدينية الخاطئة والثقافة الذكورية المترسخة في عقول المغاربة.
إن اختيار السيدة نجاة فالو بلقاسم هو اختيار يشرف المرأة ككل ويشرف خاصة المرأة المغربية، وأظنها رسالة قوية لكل الحكومات تساءلهم حول اختياراتهم في اتخاذ القرارات.
وفاء شاكر " يجب أن نكف عن طرح سؤال " لماذا لا تكون المرأة في مرحلة ما أفضل شخص لهذا المنصب أو ذلك ؟ اليوم أصبح المتمدن العالم يرتدي نظارات ثلاثية الأبعاد تسلط الضوء على المهارات والعمل و التزام والجدية خارج قضبان النوع ، وبذلك يتأكد أن العالم سيكون أفضل مستقبلا ليس لمجرد خلق توازن شكلي ، بل لترسيخ ثقافة الاحترام التام لمبدإ التكامل ، إذ دون المرأة لا تستسيغ معادلة البشر ، أو العكس بالعكس.
وتعتبر رئيسة مصلحة محاربة الأمية والارتقاء بالتربية غير النظامية بأكاديمية فاس بولمان ، وصول امرأة مرة أخرى إلى منصب المسؤولية ببلاد موليير مثيرا للجدل خارج الحدود ، بحيث باتت آلة النقد تشتغل بلا هوادة ، حتى قبل أن يعرف العالم والفرنسيون أسلوب عمل السيدة الوزيرة بلقاسم
الدكتور مصطفى شميعة :

لكن الدكتور مصطفى شميعة رئيس فرع فاس للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية سيتحدث عن تعيين ابنة ابن شيكر المغربية الريفية نجاة بلقاسم على رأس قطاع التربية والتكوين بفرنسا ، في سياق لا يمكن عزله عن توجه سياسي تنويري ما فتئت الدولة الفرنسية تقره في كافة هياكل الدولة ومفاصلها المؤسساتية ومرافقها الإدارية، وهو توجه يضيف رئيس الجمعية المغربية للغة العربية "مبني على أسس العلمانية والعقلانية والمساواة بين الأجناس والأعراق وإقرار عملي بالإيمان بأحقية الاختلاف بين الأنواع البشرية، وتأكيد على مبدإ الكفاءة التدبيرية للمؤسسات، المبنية على قيم العدالة و الشفافية والديمقراطية بغض النظر عن أصول الإنسان ومنبعه.
وهو من جهة أخرى لا يكتفي بالقول أن في ذلك مفخرة لكل المغاربة أينما وجدوا في العالم، بل يشدد أن تعيين هذه المرأة على رأس وزارة ذات أهمية سياسية واجتماعية خاصة بدولة متقدمة كفرنسا التي لها وزنها في الاتحاد الأوروبي والعالم، رسالة غير مباشرة للكل، تقول إن أبناء هذا الشعب قادرون على الوصول إلى مراكز القيادة الحكامية الحقيقية الدولية، ليس تراضيا أوبناء على فلسفة توافقية بل استنادا إلى كفاءاتهم في تدبير الملفات ذات الحساسية السياسية والأيديولوجية المفرطة
ويخلص صاحب 5 إصدارات في مجال الحكامة والتدبير الإداري ، إن وجود نجاة بلقاسم على رأس الإدارة التربوية الفرنسية هو اعتراف مزدوج من لدن قادة فرنسا بالحضور الفاعل والمؤثر للكفاءة المغربية التي لا تجد للأسف من يحتضنها ببلادها ، وهي أيضا دليل ملموس غلى توجه الدولة للانفتاح على كل الأقليات والأعراق.

لكن ثمة سؤال يشدد الدكتور شميعة على طرحه " والذي يجد مبرره من عملية تعيين بلقاسم نفسها ، هل كان المغرب سيقبل بتعيين أجنبية على رأس إحدى وزاراته؟ هل كان المجتمع المغربي بأطيافه الدينية والسياسية سيستسيغ قبول مسيحية على رأس وزارة التربية والتكوين،؟ أكيد ستقوم الدنيا ولن تقعد، لأن الأمر سيمس - في نظر الطبقة المحافظة - سيادة الدولة الدينية ، وهو ما يعكس اختلالا في الفهم العلمي لمفهوم الكفاءة التدبيرية التي لا تعترف بالقناعات الدينية للأشخاص، بقدر اعتمادها على العقلنة والحنكة والحكامة، وهذا دليل على أننا في حاجة ماسة إلى حلحلة بعض مسلماتنا الفكرية ، وإعادة النظر في بعض الثوابت التي نؤسس عليها القناعات التدبيرية بالمغرب وخاصة في المجال التربوي."

فاطمة لكعوب : أستاذة ناشطة في النسيج المدني
وترى ذ اللغة الفرنسية فاطمة لكعوب أن للمرأة كما للرجل حق العمل و الولوج الى ميدان العمل السياسي و الاجتماعي و التنموي للاستفادة من كل خبراتها و طاقاتها في سبيل تنمية المجتمع و تطويره. لان المرأة ليست كثريا لتزيين المنزل كما جاء على لسان السيد بنكيران رئيس الحكومة. وجودها كأنثى لا يقتصر على تربية الأطفال و تلبية حاجيات الزوج و البيت. لا فرق بينها و بين الرجل. فهي كذلك تملك عناصر القوة و النجاح في كل الميادين. رغم انها تتعرض لكثير من الضغوطات التي تحاول إسقاطها . فعلى ضوء هذا، أقول ان السيدة نجاة بلقاسم ذات 37 حولا ومن أصول مغربية عندما اختيرت وزيرة التربية في فرنسا ، فهذا يعني ان هذا المنصب يتناسب مع إيمانها بالقيم التربوية. لان مسالة القيم تتصل بمصداقية الانسان في كونه عنصرا صالحا للمجتمع. فهنيئا للمرأة بصفة عامة و المرأة المغربية بصفة خاصة بالسيدة الوزيرة نجاة بلقاسم.

نهى الكاو : المرأة المغربية ورهانات التعليم بفرنسا
في سابقة هي الأولى من نوعها ، تنصب امرأة مغربية على رأس الوزارة الوصية على القطاع . بعد حكومته المنتهية ولايتها ، عين رئيس الوزراء السابق مانويل فالس المغربية نجاة فالو بلقاسم كوزيرة للتربية الوطنية والتعليم العالي وللمرة الأولى في تاريخه يمنح بلد متقدم كفرنسا منصبا حساسا كقطاع التعليم ليد امرأة مغربية ، خصوصا وأن القطاع ليس بالسهل أو الهين، ويضم أكثر من 12 مليون طالب و 840 ألف استاذ ، الأمر الذي يتطلب مجهودات مضاعفة للنهوض به ـ القطاع ، إلا أن التعيين الجديد للوزيرة المغربية الشابة أعاد شيئا من الاطمئنان للنفوس خصوصا بعدما أبانت عنه من كفاءة عندما كانت تشغل قبل هذا منصب وزيرة لحقوق المرأة و الناطقة الرسمية باسم حكومة جان مارك ايرولت. فهل حقا بلقاسم هي الحل المناسب لتحسين القطاع والرقي به من حسن إلى أحسن ؟ أم أن لوزيرة الشابة ستعوقها اكراهات أكبر من تطلعاتها وتطلعات الشعبين الفرنسي و المغربي؟
سليمة بسام : ناشطة جمعوية
تعتبر السيدة سليمة بسام حدث إسناد وزارة التربية الوطنية الفرنسية لشخصية من أصل مغربي في حكومة فرنسا، من دواعي الفخر والاعتزاز، وأضافت أن ما توج هذا الحدث هي توليه من امرأة من أصل ريفي مغربي والتي حظيت بهذه الثقة، وهذا التكليف المشرف لي كمغربية على الخصوص، وكامرأة على العموم.. وترى الفاعلة الجمعوية إن هذا المنصب له أكثر من دلالة، أهمها يدل عل أن التربية مصادرها المرأة العارفة بأمور الطفل منذ ولادته والمتتبعة لمراحل حياته، وهي المدرسة الأولى التي تعد الأجيال و أهميته الكبيرة في بناء مستقبل الشعوب عموما.. ومن جهة أخرى، فإن هذا يعني أن المرأة المغربية معروفة عالميا بريادتها في الكثير من المجالات، والسيدة نجاة ابو القاسم واحدة من هؤلاء اللواتي برهن على قدرتهن في تبوء مراكز القيادة في العديد من الدول الأوروبية بالخصوص، وهو بالطبع نتيجة حتمية لسنوات من الجد والعمل الدي ميز حياتها منذ الالتحاق بالعمل السياسي . . فأنا فخورة من أني أجد امرأة مغربية في منصب وزارة التربية الوطنية بفرنسا ، على اعتبار أن هده الأخيرة نموذجا نستنبط الكثير من الأفكار التي تعتمد في تطوير منظومتنا التعليمية بالمغرب. وهذا يعني من جهة أخرى، أن ما يعوزنا في بلدنا هو القدرة على وضع الوزير المناسب في المكان المناسب لكل وزارة، بعيدا عن الحسابات والتقسيمات والتراضي بين الأحزاب، وبعيدا عن التميز بين الجنسين، فليس من العيب ان نسند المنصب الحساس في كل المجتمعات لامرأة ذات دراية، وهذا ما آمنت به الحكومة الفرنسية، وهدا ما نتمناه ان يحصل في بلدنا سواء على مستوى التربية والتكوين،وكذلك على مستوى المجلس الأعلى الذي لم تكن مشاركة المرأة فيه بالمستوى المطلوب.. هنيئا لنجاة ابو القاسم وهنيئا للنساء المغربيات على مناصبهن اللواتي يصلن لهم عن جدارة واستحقاق. .
مقاربة النوع في المنظومة التربوية ببلادنا أسئلة وعقبات
من ناحية ثانية ، شكل موضوع مقاربة النوع كأحد مرتكزات الإنصاف في الفضاء المدرسي محورا للاشتغال الورشي في إطار دورات تكوينية لتقوية قدرات أعضاء الفرق الجهوية المكلفة بتدبير النوع بفاس تحت إشراف وزارة التربية الوطنية وبدعم من الاتحاد الأوروبي برسم الموسم الدراسي 2013-2014 حيث اجتهدت كل أكاديمية من الأكاديميات الأربع المستفيدة من الدورة في ترصيد عوامل التعثر الدراسي و أسبابه " انطلاقا من معطيات تهم واقع تمدرس الفتاة" محددة انعكاساته السلبية على الحياة الاجتماعية للأسرة و المجتمع .


و نبه المتدخلون إلى أهمية توحيد الخطاب والمرجعيات خاصة أن للمغرب مجموعة من الالتزامات الدولية التي يتعين على البلد ملائمة قوانينه وتشريعاته معها ،سيما وأن مقاربة النوع الاجتماعي مقاربة حقوقية تنموية تدرس طبيعة الأدوار والعلاقات وتسعى إلى إعادة إنتاج أدوار - رجل امرأة - فتاة ولد - في سياق محاور ثلاثية الأبعاد تتراوح بين الانجابي والانتاجي والجماعي في أفق الوصول الى مجتمع أكثر عدالة بين رجاله ونسائه

وذكرت المؤطرة بتبني الوزارة لاستراتيجية مقاربة النوع ،مستعرضة كرونولوجيا اندماج المغرب في إطار مقاربة شمولية مبرزة أن مقاربة النوع تهدف إلى طرح موضوع العلاقة بين الجنسين على مستوى العلاقات و الأدوار الاجتماعية بموضوعية علمية تهدف إلى تجاوز عنصر التمييز موضحة أن إقصاء المرأة عن الإسهام بدور اجتماعي مماثل للرجل في تنمية المجتمع و تقدمه له تأثير سلبي على المرأة كنصف المجتمع الإنساني

وأبرزت خديجة الرباحي أن الوصول إلى الحق ليس هدفا في حد ذاته بل الوصول إلى الحق بطرق عادلة هو المطلوب اليوم ، وفي السياق ذاته استعرضت المؤطرة سيرورة الاصلاحات التي عرفها المغرب منذ 92 حتى 2011 مؤكدة أن البلاد تسير في الاتجاه السليم مستشهدة بالتطور الذي يشهده المغرب في مجال السياسة العمومية وهي تدابير نوعية من شأن تفعيلها على نحو مندمج وتحصينها ومأسستها إعادة النظر في طبيعة العلاقات والأدوار
و في محور الحاجيات العملية المرتبطة بالتدبير اليومي قارب المتدخلون موضوع أهمية تقريب كل من مؤسستي الإدارة الحضانة من المواطن مع تكثيف تنظيم حملات تحسيسية وتوعوية في مجال الصحة والمطالبة بتأهيل البنيات التحتية وتزويدها بالمرافق الصحية وكذا مختلف الوسائل المساعدة على تكريس مبدأ المساواة

ليتضح للجميع أن الإنصاف بين الجنسين لا يمكن أن يتحقق دون استحضار إشكالية النوع الاجتماعي ليس في الخطاب والواقع التربويين أي في النصوص الرسمية التي توجه المنظومة التربوية ، وإنما في المقررات و الكتب المدرسية وفي توفير الإمكانيات اللوجستية اللازمة من أطر وفضاءات ومرافق...وأخيرا تدبير وأجرأة الخطاب على مستوى الممارسة الصفية و التفاعلات بين المتعلمين و المتعلمات في الفصول الدراسية و الفضاء المدرسي بشكل عام من قبل النخبة التي يشكل قطاع التعليم أحد أبرز رهانتها في التطوير وإعادة إنتاج العلاقات والأدوار .