ضرورة التحرر الاقتصادي للمرأة



ماجدولين الرفاعي
2005 / 8 / 15

إن إصرار الأنظمة الاستبدادية, وخاصة تلك التي تتستر بالدين الإسلامي، على هضم حقوق المرأة على جميع المستويات, واعتبار ذلك الحرمان قرارا إلهيا, وبه وحده تبقى المرأة إما مندمجة في المجتمع, أو محرومة من ذلك الاندماج اذا هي حملت قسطا من الوعي يجعلها تسعى إلى المطالبة بحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية. وتحض التعاليم الدينية المتطرفة المرأة على تلبية احتياجات زوجها دون مواربة أو اعتراض.
ومن هذا المنطلق يبدأ الزوج بالتحكم بحياة الزوجة، وتكريسها لتلبية طلباته وطلبات بيته، باعتبارها ملك للزوج! ولا يحق لها تخصيص نفسها بأي أمر. والظاهرة الملفتة للنظر هي قضية عمل المرأة بعد الزواج إذ يفرض الزوج على زوجته ترك عملها والتفرغ المطلق له ولبيته! وهذه هي الخطوة الأولى في طريق وضع تلك الزوجة داخل سجن الزوجية من خلال التبعية الاقتصادية التامة له. فهي لا تستطيع التصرف بأي أمر إلا من خلاله! فهو المالك وهو المتحكم! لهذا عليها انتظار ما يجود به عليها! وفي حال غضبه فإنه يمنع عنها كرمه في الإنفاق عليها.
تقول ليلى: أنا مهندسة تعرفت إلى احمد في الجامعة، وبهرتني ثقافته ورأيه في تحرر المرأة واحترامه لحقوقها. وبعد الزواج مباشرة طلب إلي أخذ "استيداع" (أي التوقف المؤقت عن العمل) لأجل التمتع بحياتنا الزوجية. فوافقت على اعتبار أن الهدف هو قضاء الوقت معاً. ولكن، بعد انتهاء مدة الاستيداع، رفض احمد عودتي إلى العمل تماماً! مما اضطرني للاستقالة والجلوس في المنزل. ما يزعجني الآن أني لا أجد احمد في المنزل! فهو مشغول دوماً ولا أراه إلا في وقت متأخر من الليل. وأمضي نهاري بين البيت وجاراتي! وعندما اطلب منه أي مبلغ من المال يثور ويطلق موشحه عن تعبه طوال النهار لأجل الحصول على القرش وأنني أبدد تعبه!
مشكلة أم نادر مشكلة أخرى. فزوجها، كما قالت، يغيب طوال النهار وقسماً كبيراً من الليل. ويرفض أن تعمل بشهادتها الثانوية باعتباره رجل مقتدر! وتمضي نهارها في أعمال المنزل. لكن المشكلة تتفاقم حين يأتي في وقت متأخر مطالبا إياها بتلبية رغبته الجنسية بعد أن تكون قد استسلمت للنوم تماماً! وعندما ترفض، في وقت ما، طلبه يثور ويغضب ويشتمها بأقذر العبارات ويبدأ ممارساته الاستبدادية في حرمانها من المصروف! وعندما تطالبه بالتزاماتها نحوها وواجبه بالإنفاق عليها يردد: اصرفي من راتبك! طريقة لتذكيرها أنها لا تعمل!
وتختم حديثها بتنبيه جميع النساء إلى ضرورة الاستقلال المادي عن الأزواج، الاستقلال الذي يحفظ لهن كرامتهن. .
يعتبر الأزواج أن المرأة التي لا تعمل خارج البيت لا تستحق أي شي! فهي مرتاحة في البيت طوال النهار! وفي حقيقة الأمر أن المرأة التي تعمل داخل البيت كربة منزل يضيع أجرها وتعبها. فالرجل يعمل خارج المنزل وتعمل المرأة داخل البيت، وتقوم بجميع الأعمال من تربية الأطفال والطبخ والتنظيف والتسوق وغسل الملابس. وبعد إنتهاء ساعات عمل الرجل يعود إلى البيت, أي خلال تلك الفترة التي عمل فيها الرجل خارج البيت عملت المرأة داخل البيت.
إذا فالمرأة لم تكن تجلس مدللة أثناء عمل زوجها. وعملها هذا، بالتالي، يُسرق أجره منها. إذ يعتبره المجتمع واجباً على المرأة أداءه!
ولا يتوقف عمل المرأة بعد عودة زوجها. فهو يعود متعباً وعليها متابعته والاهتمام بشؤونه وتوفير الراحة له لأجل نومه واستراحته.. وتتابعه حتى يغط في نوم عميق بعد تحقيق كامل رغباته! وبعدها تفكر هي في النوم والراحة! لتستيقظ قبله وتعد له ملابسه وطعامه وتبدأ رحلتها اليومية في عملها الغير مدفوع الأجر! ومن ثم عليها قبول كل أشكال الخنوع والطاعة لأن الرجل هو الذي يجلب المال!!
من هنا تأتي الأهمية القصوى لعمل المرأة واستقلالها اقتصاديا. مما يعطي لها بعض الاستقلال المعنوي والحرية في التصرف وشعورها بالمساواة نوعا ما.. وهذا لا يتحقق إلا من خلال زوج متفهم واع لدور المرأة التي تعمل إلى جانبه، إن كان عملها خارج البيت أو داخله.. فهي شريكة في الحياة في كافة أدوارها..