نظرة المجتمع للانثى ك-وباء-



رحاب العربي
2014 / 9 / 24

في بلادي ليبيا لازالت نظرة المجتمع للأنثى كوباء خطير يجب تجنبه وحجبه وعزله عن المجتمع في الفضاءات العامة ، سائدة بين كل الاوساط بما فيها الشريحة المثقفة، فالأنثي هي مصدر كل بلاء "إن كيدهن عظيم" وهي مثيرة للغرائز ، وباعثة للفتن ، ووووو الخ من قائمة النعوت السوداء التي تلصقها الثقافة الذكورية السائدة بالانثى، وتنزه الرجال وتقدمهم دائما كضحايا، فيما هم في أغلب الحالات معتدين وخارجين عن قيم المجتمع التي يزايدون بها في كل لقاءاتهم، وينتهكونها بكل فجاجة عندما يستفردون بالانثى في اي مكان وإن في فضاء عام.

ما دعاني لهذه المقدمة العامة عن وضع الانثى في بلادي ، وجودي بالمصادفة أثناء حوار دار بين سيدة نازحة بسبب الاقتتال في بنغازي واستعلامات إحدى الفنادق بمدينة بشرق البلاد طلبت حجرة لتقيم فيها بمفردها لأنه لم يكن معها مرافق، فرد الموظف بالاعتذار قائلا "الفندق لا يسمح بإقامة السيدات بدون مرافق شرعي"، وهو رد صادم لتلك السيدة التي دون شك أنها قد شعرت بالمهانة لأنها أنثى . المثير في الرد أن هذا الموظف ومن ورائه بكل تأكيد إدارة الفندق أنهم يتخذون من الشريعة غطاء لتصرفاتهم الفجة ، فيما هم ينتهكون هذه الشريعة في واحدة من أرفع قيمها وهي صون حرمات المسلمات وإغاثة المنكوبين وإيواء المشردين!!

هذا الموظف الذي هو نتاج لثقافة ذكورية تعادي الانثى وتصنفها كخطر وتتخذ من فهم خاطئ للدين ستارا لممارسة انتهاكاتها لإنسانية الانسان، لم يخطر بباله ان يبادر الى إيواء هذه السيدة لصونها من عبث العابثين وحفظ كرامتها التي فرت بها من مدينتها التي استباحها أنصار الشر وصادروا انسانية البشر فيها، كما تجاهل هذا الموظف أن دوره هو توفير الأمان والحماية لهذه السيدة انطلاقا من تلك القيم التي يتاجرون بها عن الدفاع عن الحرمات وصون الكرامة التي يتركها في تلك اللحظة وبكل وقاحة ملقية في الشارع لأنها انثى..
انا متأكدة أن هذا الموقف من هذه السيدة، الذي هو نتاج لثقافة ظلامية، إنما اتخذ لأن هذا الموظف وجنسه من الذكور يعانون من عقدة مرضية اسمها "الانثى" ومن ضعف مريع أمام شهواتهم وأمراضهم الجنسية، وأن الشبق والتهور هو الذي يقودهم في التعامل مع الانثى، وأنهم أمام مشهد الأنثى تنهار كل قيمهم وتختفي كل الشعارات التي يتاجرون بها في حلقاتهم وأحاديثهم الترفية حول الدفاع عن الحرمات ..
بهكذا قرار متخلف من المؤكد أن هذا الموظف ومن ورائه إدارة الفندق سيدينهم الضمير الانساني بالمساهمة في تشريد انسان على خلفية جنسه ، وجعله فريسة للمنحرفين؛ إذ أين ستذهب هذه السيدة التي شردها الظلاميون من بيتها في بنغازي، ويعيد اليوم موظف بمؤسسة خدمية عامة تشريدها وإبقائها في العراء؟ الم يضعها هذا وثقافته المتخلفة عرضة للمنحرفين ومرضى الجنس الذين يعتبرون كل انثى تسير في الشارع لوحدها يمكن أن تكون هدفا لتفريغ عقدهم الجنسية؟.