للجميع للشاعرة الألمانية لويزه أ ُُتو- بيترز



بهجت عباس
2005 / 8 / 22

ترجمة بهجت عباس

للجميـع! نسمع الكلمة تَـرنّ،
فيُصـبِحُ القلـبُ فَجـأةً كبيـراً رَحبـاً،
يُـذيعـون لنـا كزعـيق البـوق
أُغنيـةَ النَّصـر للبشـريّة الأصيـلة،
وغيرها ليس عمـلاً مُقَـدّساً ليُتَـوَّجَ،
وما عداها، لا نهـايةَ لنضالٍ أو خصـام،
فعنـدما يكـون خـير فـي الدّنيـا
يسطـعُ كالشمس لجميـع النّـاس.

" للجميـع! " غنَّـته مـرّةً طائـفـةُ الملائكـة
في ذلك الليـل القُـدسيِّ الإلـهـيّ،
" للجميـع! سيُـظهِـرُ الربّ نفسَـه
في عَظَـمَـتِه الأزليّـةِ الخالصـةِ المحبَّبـة،
للجميـع تجشَّمَ الأهـوالَ والمـوتَ
و في عمل جبّـار جلب التحـريـر كامـلاً،
ومثـلَ أعضاءِ جسمٍ واحـدٍ
وحَّـدَ المـؤمنـين بربـاطٍ قَـويٍّ."

" للجميـع-" صرختْ جيـوش الإصلاحييّن*-
" الكأس المقدَّسة بدم المسيح هي نعمـة أيضاً،
فقد أعلنتْ تعـاليمَـه للجميـع،
وطمأنت النـاس أنَّهم جميـعاً سواسيـةٌ،
والأرضُ، والسَّمـاءُ لا فخـرَ رفيعـاً لهـا،
حيث الفرق فقط في العمل الصّـالح."
في الإستشهاد، في ساحة الموت القاسيـة
لا تزال الصَّرخة : " كأسُ القداسة للجميـع!"

لذا عرفـوا هذا الشِّعـارَ وتمسّكـوا به،
أنعَمـوا به على الرجل وعلى المرأة سواء.
لمْ يريدوا أنْ يتركـوا التراثَ النبيل،
المواطنـة في مَلَكـوتٍ الحبّ الجميـل،
لا حَسَدَ وُجـِدَ بعـد هذا أو كراهيـة
لا عبـوديّـةَ، لا سَطـوةَ قـويّـةً مُتخـاذلة،
لتبقـى النّفـوس حـرَّةً ومصـونة،
من المحظـور المظلـم، من أصفـاد العبودية الثقيـلة.

ولكـنْ كـرّةً أخـرى، سُمِـعـت الصيحـة:
" الحـريّة للجميـع!" تكاد تكـون سُخـريّـةً،
لأنّهـا جـاءتْ للرجـل فقط
في عـاصفـة الثـورة.
ثمَّ كمـا ظهـر أيضـاً أنَّ الركائـزَ اقتُـلعتْ بعيداً،
فتهـاوى عرشٌ علـى عـرش في رُكـام،
وكان الصّـراع لحقـوق الرجـل فقط،
وبَقِـيَـتْ حقـوقُ المـرأة في الأشـراك القـديـمة.

حَيّـا الرجالُ الأحرارُ أنفسَـهـم بقـوَّةٍ كإخـوة،
وُجِـد مُـواطنون فقط، لا سيِّـدَ ولا عبـدَ بعد هذا،
تَرنَّـمـوا بأغـاني الإئتـلاف الحبيـبة،
وشعـروا أنَّـهم وُلِـدوا من جديـد كجنس آخَـرَ،
وبتعـالٍ نظـروا إلى أخَـواتهـم باحتقـار،
وبَـقِـيَ نصفُ البشر دون حقـوق،
بَـقِـيَ مُستَـثـنىً من الصيحة: " للجميـع!"
وعليه الإنتظـار حتّى يأتي يومُ الحقـوق.

جمهرةُ النساء التي تمـرَّغت في التـراب،
لا تُرفَـع عِـلِّـيّـاً إلاّ بِـيَـدِ الله،
توجَّـه أحسنُـهنّ نحـوَ السمـاء للصَّلاة،
وجُـعِـلَتْ الأخـرَياتُ يقتـنعـنَ
إنَّمـا خُـلِـقنَ رفيقـاتِ مُـتـعةٍ وتسليـة،
وإنَّ الغـايةَ العُـلـيا هي الحبّ العـذبُ،
والظَّـفرُ بمُتَطـلّبات الحياة كامـلةً.

ولكنْ مـرَّةً أخـرى تُجلجِلُ الصّيحةُ:
مثـلما نحن سَـواسـيةٌ أمام الله، كذلك نحن فوق الأرض،
البشريّةُ جمعـاءُ تنـاضلُ نحـو الأفضـل،
لتُنشِئَ مَـلَـكوتاً للحبِّ جـديـداً،
لتجلبَ الحقوقَ للمرأةِ وكذا للرجلِ ،
وتُحافـظَ عليهـا بأغصان شجـرة السَّلام،
وفي تِـيـهِ رنيـن النصـر للحقيقة الجَّـليّـة،
يَـرِنّ ُ النِّـداء كّـرَّةً أخـرى: " التحريرُ جاء للجميع!"


* في النص ( Hussitenheere )، نسبة إلى القس الإصلاحي (يوهان هُـسْ)
Johann Huss, Huß or Hus، الذي ولد عام 1370 في بوهيميا ( على الحدود الجيكية الألمانية ) ودرّس الفلسفة في الجامعات الألمانية والجيكية وانتقد الكنيسة الكاثوليكية ودعا إلى تطوير التعاليم الدينية مما استوجب اتهامه بالكفر والزندقة ظلماً
وزيفاً، فأعدم حرقاً عام 1415. أعيد الإعتبار إليه بعدئذ، ومنح مرتبة ( قدّيس )، حيث صار أسمه الآن ( يان هُـس قدّيس بوهيميا )!
*********************************************************************
لويـزه أ ُتـو- بيـترز ( 1819-1895 ) Louise Otto-Peters

ولدت في مدينة مايسن Meissen من أبوين متنوِّرين، فقد كان أبوها قاضياً ورئيسَ محكمة شجّع بناته على تتبع المعرفة وعلى قراءة الصحف التي كان مشتركاً فيها. دخلت لويزه المدرسة الإبتدائية وواصلت دراستها بعدئذ، فقد كان غير مسموح عادة للبنات حينذاك مواصلة الدراسة بعد المرحلة الإبتدائية، فقد كـنّ ينتظرن عملهن كربّـات بيوت وفي تربية الأطفال. وبعد فقدها أباها وهي في الرابعة عشرة، أصبحت في حمى عمّـتها. طالبت باستقلال المرأة اقتصاديا وحريتها في العمل في دوائر الدولة ومدارس البنات الإبتدائية والثانوية وفي التجارة.
وفي عام 1849 أسست جريدة ( Frauen Zeitung ) – جريدة النساء- الأسبوعية التي أُغلقت بعدئذ في عام 1852. لعبت دوراً كبيراً في ثورة 1848، فقد كانت تكتب قبلها باسم مستعار ( أتو شتيرن ).
ترأست في أوكتوبر 1865، لأول مرة في التأريخ الألماني، مؤتمر النساء في لايبزغ، حيث تكلل المؤتمر بتأسيسها ( الإتحاد النسائي الألماني العام ) الذي طالب باستقلال المرأة ورفع القيود عن حقها في التجارة والأعمال والوظائف. كتبت قصصاً وروايات وقصائد كثيرة في دواوين عدّة، أكثرها في الدفاع عن حقوق المرأة، وهذه القصيدة ( للجميع FUER ALLE ) هي واحدة منهن.