زواج الأطفال.. الآثار السلبية والمعالجات القانونية الوطنية والدولية



سحر مهدي الياسري
2014 / 10 / 13

تعد ظاهرة زواج الاطفال في العراق من المشاكل المؤرقة في الوقت الحاضر لما تمثله من تهديد لحياة و مستقبل الفتيات العراقيات و مشاركتهن في الحياة العامة. رغم انها ليست وليدة اليوم, سنوات الحصار 1991-2003 وضعت 70% من العوائل العراقية تحت خط الفقر مما دفع الكثير من العوائل لتزويج الفتيات مبكرا للتخلص من عبء إعالة فرد من الاسرة. مع التغيير في عام 2003 لم تتقلص نسبة الفقر الا لفئات معينة , وجاءت هذه الفترة مصحوبة بظاهرة التأجيج الطائفي الذي شرّد مئات الآلاف من العوائل العراقية داخل البلاد وخارجها، مما زاد في حالات الزواج المبكِّر حتى وصل الى سن العاشرة، للمحافظة على الفتيات من التعرض للعنف الجنسي والاغتصاب، بعيداً عن رقابة القانون وأجهزة الدولة، على الرغم من أن هذا الزواج يمثَّل انتهاكاً لحقوق الإنسان، وخرقاً لمواثيق ومعاهدات دولية وقَّع عليها العراق. فضلاً عن قلة الوعي الثقافي وهيمنة العادات والتقاليد ‏المجتمعية السائدة التي تشجع زواج الفتيات والشبان في عمر مبكر.‏

أكدت معظم الجهات الدولية المعنية بحقوق الأطفال أنه لا يمكن تبرير زواج الأطفال بأي مبررات دينية, أو اقتصادية, أو دينية, أو تقاليد اجتماعية, أو ثقافية. وعدّت أن زواج الأطفال تمييزا ضد المرأة يمنعها من التمتع بحقوقها بشكل كامل وغالباً ما يؤثر على صحة الفتيات ويزيد من نسبة وفاتهن فضلاً عن أن وجود طفل في حياة الأم سيؤثر بشكل سلبي على تعليمها والذي في الغالب سيتوقف بمجرد زواجها, ويؤثرعلى فرص الحصول على عمل, فضلاً عن تأثيره الضار على صحتها الإنجابية والجنسية. كذلك الفوارق في السن بين الزوج والزوجة غالباً ما تقوض حقوق النساء عند زواجهن برجل يكبرهن بالسن ويتعرضن للاضطهاد و الإذلال، والعنف البدني, والجنسي, والنفسي, وغالباً ما تضع القيود على حركتهن. فبعض حالات الزواج يمكن تشبيهها بالاستعباد أو الرق عندما تُقدم الفتيات مقابل مبلغ من المال لزوج يكبرها بالسن و متزوج من أخريات قبلها لتنضم إلى صفوف الأيدي العاملة للعائلة من دون أي مردود مادي، وتحت ظروف عمل منهكة تشكل أسوء أنواع عمل الأطفال وهو السخرة.

ومع أن قانون الأحوال الشخصيَّة في العراق رقم 188 لسنة 1959 يُعدُّ متوافقاً إلى حد ما مع القوانين الدولية التي تدعو إلى أن يكون الحدّ الأدنى للزواج عند اكمال الـ18 عاماً،(( المادة الأولي، من اتفاقية حقوق الطفل، عرفت زواج الأطفال أو الزواج المبكر بأنه زواج الأشخاص تحت سن الثامنة عشر. أما اتفاقية القضاء على اشكال التمييز كافة ضد المرأة، فقد أكدت على ثلاث نقاط مهمة في المواد 2، و3, و 16 بالموافقة على الزواج، والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج. ))

يمنع القانون العراقي زواج الفتاة دون الـ15 عاماً، ويعطي التقدير للقاضي وبرضا الوالدين في تزويج الفتاة بين الـ15 والـ18 عاماً)، إلا أن الشرعيَّة التي تسبغ على العقود المكتوبة خارج إطار المحاكم ولاسيما تلك التي تعقدها مكاتب رجال الدين من سادة ومشايخ، تعتبر ملاذاً لمن يريد تزويج ابنته دون السن القانوني، ولمن يريد أن يتزوج فتاة دون هذا السن. وعقد «السيّد»، أصبح في المجتمع العراقي الحالي ضرورة لا يستقيم العقد الشرعي المعقود في محاكم الاحوال الشخصية بدونها.

التشريعات العراقية (قانون العقوبات ‏‏(111 لسنة 1969)، وقانون الأحوال الشخصية رقم (188 لسنة 1958)، وقانون العمل والرعاية ‏الاجتماعية رقم (126 لسنة 1980). التي تتعامل مع قضايا الاطفال و النساء بحاجة الى مراجعة كاملة لتتوافق مع التزامات العراق الدستورية و الدولية و بما يضمن حماية قانونية متكاملة للاطفال تضمن حقوقهم الانسانية الاساسية و تحميها.

إعتماد استراتيجية وطنية شاملة وما يقابلها من خطط عمل لصالح الأطفال يجري تنفيذها وتقييمها بشكل دوري؛ مثل تقليص الفوارق والحواجز بين مناطق الحضر والريف، وإنشاء البنية التحتية ‏وتأمين الخدمات الاجتماعية والصحية, والوظائف سيقلص الى حد كبير الفقر و يؤمن بيئة امنة للاطفال. .

إصدار القوانين و التعليمات التي تجبر إولياء الامور على ارسال الفتيات الى المدارس و تفعيل و تعديل قانون التعليم الالزامي ليشمل المرحلتين الابتدائية و المتوسطة بما يضمن إلتحاق أعداد أكبر من الفتيات في المدراس و دراسة سبل منع التسرب منها و تطوير برامج التعليم لتشمل الصحة الجنسية و حقوق الاطفال.