ذكريات من زمن فات



قاسم حسن محاجنة
2014 / 11 / 16

ذكريات من زمن فات
قناة الرحمة الفضائية السلفية الحوينية الحسانية ، وعلى نمط برنامج أفلام الزمن الجميل التي تُقدمها روتانا زمان ، تُقدم الرحمة برنامجا بعنوان "ذكريات من زمن فات " ، وهي تُوحي للمشاهد بهذا بأنها تُقدم له أجمل ما أبدعه الزمن اللذي فات .. ومن " واسطة عقد " ذلك الزمان وجوهرته المكنونة ، خطبة لأبي إسحاق الحويني ، الذي عاش في القرن التاسع الميلادي بعقله ولكنه ما زال حيا بيننا يشتُم ويتناول الطعام في القرن الحادي والعشرين . وربما خطبة أخرى للإمام الحافظ محمد بن حسان ، الذي عاش في القرن الثامن ولم يُعمّر إلى القرن التاسع بعقله طبعا ، لكنه ما زال يتملق الحكام ويأكل من خبز السلطان في هذا الزمان .
وقد أتحفتنا الفضائية الحوينية وشاركتنا بذكرياتها مع فارس الأحلام ، أبي إسحاق عليه السلام ، وعرضت على مسامعنا ومشاهدنا مُحاضرة ، لم يُسعفني حظي العاثر إلا بالجزء الأخير منها ...فقد فاتتني الفائدة ، وخسرت البدايات المباركة، والتي هي النهايات ذاتها ، التي شرُفتُ بمتابعتها .
وقد قُعّد الحويني في محاضرته لقاعدة هي " كالخازوق" لتقعد عليه النساء، وتنص هذه القاعدة على أن ما أجمع عليه الجمهور ( وليس عبر الصناديق الإنتخابية طبعا، فالجمهور في عُرف أصحاب القواعد "الضخمة " هم رجال عاشوا في القرن الثامن الميلادي وعرفوا القراءة والكتابة ) لا يجوز نقضه ، فقد أصبح حكما نافذا ساري المفعول إلى أخر الزمان .
وسبب تقعيده لهذه القاعدة "الخازوق " للنساء ، هو أن أحدهم ممن يعيش في القرن الحادي والعشرين بعقله وجسده قد قرر ، وأرجو إنتباهكم وتمالك أنفسكم ، قرر بأن : ديّة المرأة كدية الرجل ، في هذا العصر طبعا وفي أيامنا هذه . ويسخر أبو إسحاق من هذا الواحد وتسويغه للمساواة في الدية بين الرجل والمرأة ، وذلك لأن هذا الواحد يقول بأن المرأة أصبحت تخرج للعمل وتُعيل عائلتها ولربما تكون مُعيلة وحيدة ، لذا يجب إعتبار ديتها كدية الرجل .. بينما الجمهور قرر قاعدة لا يمكن نقضها أبد الأبدين ، وحتى يرث الله الأرض وما عليها .
وهذا الكلام مُناقض لما أجمع عليه "الجمهور " (ليس أنتم جمهور القراء ) ، بل جمهور الذين اجادوا القراءة والكتابة في القرن الثامن الميلادي ، ما علينا ، فقد أجمع الجمهور على أن دية المرأة نصف دية الرجل ... ولا تبديل لإجماع الجمهووووووووور ..!! وهل علينا أن نترك شيئا من ديننا بدواعي الأهداف السياسية وتحت ضغوط ظرفية ؟؟ يتسائل ، لعقله الرحمة ولكم من بعده طول البقاء ، أبو إسحاق .. فحتى ولو أصبحت الحركات النسائية المُطالبة بالمُساواة قوية جدا من ناحية تأثيرها السياسي ، فلن نتنازل عن معلوم من الدين بالضرورة ..وهذا المعلوم هو إجماع الجمهور ، الذي هو ، ليس أنتم .. بطبيعة الحال !!
وإذا تنازلنا في موضوع الدية ، فسيجُرنا هذا التنازل الى تنازل أخر في موضوع الميراث ..!! هكذا يقول ابو إسحاق ، لعقله الرحمة ... وحيث إنني لم أُؤبن عقلي بعد ، فقد قررتُ التوجه للنص المؤسس والسؤال عن حكم الميراث ،وهل هو حكم الحد الأدنى أم هو حُكم مُلزم مثلا ؟؟
لم أجد في النص المؤسس ما يُشير إلى أنني ( وغيري طبعا ) سأدخل جهنم خالدا فيها أبدا ، إذا ما ساويت في الميراث بين الذكر والأُنثى ، بل وجدت ُ أنه بإمكاني أن أُوصي بميراثي لمن أشاء إذا أردتُ ذلك ، دون أن أعرض جلدي للحرق في جهنم وبئس المصير ... طبعا هذا حديث نظري لأن أبنائي لن يختلفوا على الميراث ، لأنهم لن يجدوا شيئا كهذا أصلا ..!!
وسمعتُ من أبي إسحاق "تجديدات " لا بأس بها ، كقوله بأن الدين " جاء على خلاف أهواء الناس " هكذا ... جاء الدين لنكدهم .. وأين مكارم الأخلاق التي جاء الرسول ليتممها !! الله أعلم .
أما الإبداع المُنير فقوله ( أي أبو إسحاق ) بأن الشدة عين اليُسر ، فالتشدد في جوهره هو تيسير ..!! كيف يكون ذلك ؟؟ لستُ أدري ...
وبما أن النصب والإحتيال ليست قصرا على أحد دون غيره ، فقد قرر أحد النصابين شرعنة مهنته ، فقرأ أية من القرأن، بتغيير الفتحة فوق حرف الصاد في الأية إلى ضمة فقط ، لتُصبح الاية " فإذا فرغتَ فأنصُب ... وإلى ربك فأرغب "...!!
وهكذا ينصب أبو إسحاق "خازوقا " أبديا للنساء .. بعد أن يُدخل تعديلا طفيفا ... هنا وهناك !! والذكريات من زمن فات ، تُطارد أبناء هذا الزمن ....الذي لم يفُت بعدُ ...!!