هل يحتاج الأمر فصاحة وذكاء حتى نعرف أبسط الحقوق؟



سماح هدايا
2014 / 12 / 6

أليس بمطلب مهم أن تحظى المرأة بحق إعطاء أولادها جنسيتها الرسمية ؟
عندما نسمي الأمّة، نستمد من الأم، فكيف نسمي الأمة ونؤنّث الدولة ولا نعطي ولد الأم هويّة أمه؟
منح الأم لابنها أو ابنتها جنسيتها وهويتها، بموجب ولادتهم الرسميّة، أمر لا جدل في مشروعيته وأحقيّته؛ فكيف يمكن للطفل أن يكتسب صفاته الجينيّة من أمه وأهل أمه، ولا يحق له أن يكتسب الجنسية والهويّة؟. لماذا يكون هذا الأمر حكرا على الرجل؟. هل الرجل وحده مواطن؟.وماذا عن المرأة المواطنة؟ عن حق المرأة ودورها؟ أهي مجرد خادم لهذا المواطن الذكر؟
(امرأة شابة لها إسهامات مشرقة في الثورة السوريّة وأدبياتها وأنشطتها حدثتني وقالت: "أمي سورية؛ لكنني لست أحمل الجنسية السوريّة بحكم زواج أمي من أبي الذي يحمل جنسيّة عربيّة أخرى. وانا بنظر كثير المعارضين والناشطين السوريين الذين أعمل معهم، لست بسوريّة، بحكم كوني لا احمل الجنسية السورية؛ مع أنني عشت في سوريا ونشأت فيها وقدمت، وأقدّم، وسأظل اقدم شيئا مهما ووفيا للثورة السوريّة. أنا أحمل في وجداني وعقلي قلب أمي ونبض وطنها ووجعه ووراثة تاريخه، وأحاول الإغاثة ودعم السوريين قدر ما أستطيع. . فلماذا الظلم وبخس حقوقي باعتباري غير سوريّة؟. ومن قال أني أنتمي لجنسية أبي أكثر من انتمائي لجنسية أمي؟".).
كيف نرفع شعار شعب سوري واحد ولا يمكن التعامل مع المرأة بعدالة ووطنيّة كجزء من هذا الشعب؟.عندما تحرم المرأة من حق منح هويتها الوطنية لابنها الذي تنجبه من دمها ولحمه؛ فإنما يقال لها بوضوح مذل: وظيفتك هي إنجاب ابن زوجك. أما ابنك أنت فهو ليس من هذا الشعب؟. كأنّها ببساطة ناقصة الجدارة ،إنسانيا ووطنيّا وقانونيّا. فهل سيمر استهتار المجتمع بالمرأة بعدم مساواتها بالرجل في الحقوق الوطنيّة عابراً، أم قد يجعلها بالمقابل ترد بالرفض والخروج على الإذعان للسلطة وكسر عصا الطاعة الذليلة؟
إن كان لدى المرأة الشجاعة والقوة لكي تقاتل وتستشهد أو تعتقل أو تصبح جريحة ومعوقة ولاجئة من أجل الوطن؛ فهل يعقل أن تتخلى في المستقبل عن حقوقها طواعية أو قسرا بضغط العرف والعادة والسلطة والتشريع؟. الثورة أخرجت الكبت من النفس وحررت إرادة التحرر الإنسانيّة ...لذلك فإنه من الطبيعي ألا تدع المرأة أية سلطة تغتصب حقوقها تحت أي شرعيّة. قد يطول الزمن، وقد يقصر في تحقيق الأهداف والمطالب المشروعة ؛ لكن لا مجال لأن تعود المرأة إلى زمن الصمت والولاء والتنازل عن كرامتها. كان شاقا عليها أن تحتمل في ظل جرائم نظام الأسد وحربه وضعا مأساويا. وأن تتحمل أعباء معركة يقودها الرجال بالسلاح وتحميها النساء بإراداتهن وأجسادهن ومصائرهن، وأن تتحمّل أخ طاء الرجال وصراعاتهم؛ وسيكون إمعانا في ظلمها وشقائها ألا يكون لها حقوقها الوطنية الممائلة لحقوق الرجل. فكلاهما مواطن. وكلاهما ضحّى، وكلاهما إنسان جدير بالنظر إليه كإنسان كامل الإنسانية وليس منقوصها.
عندما يجري التعامل مع المرأة كمواطنة لها حقوقها غير منقوصة ستدرك في أعماقها وضميرها أنها مواطن عليه أن يقدم ويحترم مواطنيته. وإلا فلن تكون فخورة بالتعبير عن هويتها ونفسها كمواطنة إن عوملت ككائن ناقص لا ينظر له باحترام، ولا يحق له أن يطالب بجنسيته لأولاده؟ الابتعاد عن الطريق الصحيح وفقدان البوصله سببه الاساسي ليس ضعق أخلاق الفرد، بل ضعف المنظومة الفكرية والأخلاقية والقانونيّة التي يقدمها له مجتمعه.
حين تكون مقولاتنا القانونية والوطنية والسياسيّة مشوّهة، علينا أن نقبل بكل النتائج المترتبة على ذلك. وعلينا عدم معاقبة المرأة على اي خطأ ترتكبه أو جناية أو جريمة؛ لأنها مواطن ضعيف قاصر ناقص، وعدم تحميلها تبعيّة أيّة مسؤولية وطنية واخلاقية بناء على ذلك....بل يجب أن يقدم لها المجتمع كل شيء من أجل صالحها لأنها لا تعرف صالحها فهي ساذجة..... هكذا تتكرس العبودية والرذائل والخطايا والخيانات والطغيان بشرعنة اجتماعية وقانونية غير مباشرة.