ملك اليمين



هفال عارف برواري
2014 / 12 / 22

كثُر الحديث عن ملك اليمين هل هي موجودة الآن أو هل يمكن تواجدها أو هل هي جعل قرآني لابد من إيجادها ؟
ملك اليمين هي حالة انقرضت ولم يستحدثها القرآن مطلقاً فالقرآن جاء بشريعة العتق والتحرر لا شريعة الرق والاستعباد ؟
وقد تعامل معها القرآن كواقع موجود ومتجذر ومنضومة عالمية كانت تعتبر العمود الفقري للاقتصاد حينها فالانتاج العالمي كان يعتمد على الزراعة قبل اكتشاف موارد الطاقة،،
والقوة التي كانت لها رغبة في النفوذ كان عليها السيطرة على الاراضي الخصبة والمياه ،، والسلطة القوية كانت بحاجة ماسة الى العبيد كأيدي عاملة في الزراعة والصناعة وبناء الصروح بل كان يتم استخدامهم في الحروب كجنود تفادياً لارواح الاحرار ؟؟وبما أنهم كانوا أكبر سلعة تجارية فقد كانت منابع الاستحواذ عليهم عن طريق:
1- الحروب على المدن لاسترقاق من يعيشون فيها
2- النهب والسطو على القرى والقبائل
3- رواج المقامرة بالناس واستعبادهم
4- الاسترقاق مقابل دفع الدين ؟
5- بيع النفس والعائلة بسبب الفقر
وهناك مايقارب العشرين طريقة لمنابع الترويج للعبيد جاء الاسلام وحرم كل هذه المنابع ولم يبقى إلا منبع واحد فقط وكحالة خاصة جداً تعتبر كفترة انتقالية لكي يرتقي العبيد ويتدرب على العيش بحرية مع ايجاد بيئة يستطيع العيش فيها بحرية بحيث لا يدعوا الى ارجاعه للاسترقاق لأن الواقع لم يكن ملائماً بحيث يستطيعون العيش في هذه البيئة ،،كما حدث لعبيد امريكا عندما اعلن رئيسهم براهام لينكولن مرسوماً جمهورياً يتضمن تحرير العبيد عام 1858م ؟؟
لذلك أبقا المسلمون منبع اسرى الحروب فقط لكن بفلسفة مغايرة وذلك :
1- كحالة خاصة وكمعاملة بالمثل
2- وكواقع كان يمثل فيها العبيد العمود الفقري الاقتصادي للعالم اجمع ، وأي إقرار فجائي في المنع المطلق وغير المدروس والمخطط حسب قوانين التدرج في العلاج لهذه البنية الاقتصادية سيؤدي الى افشال هذه المنظومة الجديدة والغريبة على كل المجتمعات من قبل المجتمع نفسه !!
كون البدائل الاقتصادية لم تكن متواجدة.
3- المستوى المعرفي للناس بتقبل العبيد أن يكونوا أحراراً ومتساوون في الحقوق ، فقد كان المجتمع بحاجة الى فترة تربوية لتربيتهم على تقبل الفكرة ويتمارسون عليها.
4- المجتمعات كانت بدائية ولم يكن بمستوى الرقي الحضاري الذي نعيشه وندركه الآن من وجود بدائل كمؤسسات المجتمع المدني التي تعتني بالمشاكل التي يتعرض عليه افراد المجتمع خاصة في حالات الحروب والحالات الطارئة
----------------------------
فأبقوا أن يقوم القائد وأمير الجيش بأن يمنع الاسير من القتل كحالة لم تعتاد عليه الشعوب ؟وأن يقوم بتوزيع الاسرى الى الجنود بعد إقراره على تطبيق الآية القرآنية التي لم تبين ولم تذكر مطلقاً صفة الاسيرية والعبودية دلالة عدم الرضا بهذه الصفة بتاتاً من قبل الله ونقصد هو الاسترقاق والآية تقول ( إما مناً أو فداءً) أي اما ان تحرر الاسير دون قيد وشرط منّة من المسلمين أو فداءً اي مقابل فدية
أما الاسترقاق فقد نهى الله عنها بتاتاً لكن بقي في كيفية التعامل مع البقية الباقية من الأسرى الذين لم يفدوا ولم يحرروا منّة هنا أصبح هؤلاء
( ملك يمين ) وكما قلنا كحالة وفترة استثنائية حتى يتم تجفيف هذا المنبع ايضاً ،،
وتم بذلك توزيعهم على الجنود حسب قرار الإمام
والقائد ولهم بالطبع حقوق يتولى القاضي متابعة حقوقهم ،،وملك اليمن يشمل الرجال ويسمون بالعبد المملوك والنساء ويسمون بالأٓ-;-مَة ،،
وما بينه القرآن في آيات متفرقة تعني النساء أي الأَمَة ،،
والنبي قام بمنع تسميتهم بالعبد فقد بدله بمصطلح (الفتى) ومصطلح ( الأخ)!
مع منع التفرقة بينهم في الملبس والمأكل والمشرب أو الجهد الزائد عن طاقتهم وإن كان فإعانتهم واجبة ؟
أما النساء التي هي ملك اليمين فلتفادي تركهن لمن هبّ ودبّ ،، ولكي لايتعرضن أعراضهن لكل من يرغب فيهن؟ وللحفاظ عليهن من التلاعب بهن؟ وكذلك للحفاظ على المجتمع من الفساد الاخلاقي بتركهم عرضة دون رقابة تؤدي بذلك الى إفسادهم وإفساد المجتمع ؟
فقد تم سترهن بتقاسمهم من قبل الامام والقائد في بيوت المشاركين في الحرب وكما قلنا فالبيئة في ذلك الوقت لم ترتقي الى الرقي الحضاري الذي نشهده الآن وكحالة مؤقتة ليتم بعد ذلك تجفيف هذا المنبع أيضاً فقد كان من حق السيد :

1- الإستمتاع بها دون غيره وبدون عقد نكاح وهذا الاستمتاع يكون برضاها ولكن بعد الانتهاء من فترة العدة او انتظار فترة الحيض والتطهر منها . وكوسيلة لرفع مكانتها النفسية عندما ترى أنه لايفرق بينها وبين زوجاته الحرائر في المتعة.
2- لكي تعطي الأمَة حقها في المتعة الجنسية فلا تلتفت الى ماهو خارج الإطار الواقع الطاريء المفروض عليهم.
3- إعطاءها حق المساوات في المتعة والملبس والمأكل والمشرب والمسكن كوسيلة للرغبة في دخول الاسلام كونها تدرك أن المنظومة العالمية حينها كانت تستخدمها للاستهتار والاستمتاع الوحشي والجمع معها في التمتع دون أي حقوق تذكر لها.
4- والاستمتاع كانت طريقة لإعطاءها حريتها عندما تلد؟ فبمجرد ولادتها من رجل حر تصبح حرة ؟ وهذه كانت إحدى الطرق لتحريرها .
5- لايجوز مطلقاً أن تجعل الحرة من نفسها ملك يمين لأحد فعِلّة هذه الحالة كان علاجاً لتحريرهن أما الواقع الحالي فالكل أصبحوا أحراراً ولم تعد منظومة ملك اليمين موجوداً إلا أذا وصلت البشرية الى دركاتها السفلى كما كان من قبل ؟؟وهذا غير منطقي حالياً.
6- جواز تزويج الإماء ( ملك اليمين) أي عقد النكاح معهن في حالة عدم تمكن الرجل الحر الزواج من الحرائر كون مهورهن كانت غالية كما بينها القرآن قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا [3]} [النساء:3].وعند التأمل في الآية القرآنية ندرك نقطتين مهمتين :
- هي طريقة لتحرير ملك اليمن أي تحرر عند نكاحها وجعلها أُماً لأولاده
- هو تعبير قرآني في قوله ( أو مالكت أيمانكم) أي دلالة على الانتقاص من حالة ملك اليمين والتزوج منها مهما بلغن من حسن الجمال فالاحرار أولى بمثنى وثلاثة ورباع وفي حالة المخافة من العيلة والفقر بسبب غلاء مهورهن يتزوج ملكاً لليمين ؟لذلك كان الأمر النبوي بعد ذلك بالتخفيف من المهور ،،،لكن شرط النكاح من ملك اليمين أن تكون مؤمنةً ومسلمة .
وهو حث قرآني على الرغبة في ترقية الانفس نحو التحرر والاصطفاء في مصافي الاحرار .
7- جواز تزويج ملك اليمين عندما يطلبها عبد مملوك .
8- جواز طلب ملك اليمين التحرر بمبلغ مالي سمي ب( المكاتبة) وفق شروط يحددها القاضي
ويعينه السيد في ذلك بإعطاءه المال والوقت لكي يعمل في قوله تعالى ( والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علماتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذي آتاكم)
هذا عدا أن من مصاريف الزكاة هي مخصصة لهم في قوله ( وفي الرقاب)
9- جعل الله لهؤلاء التحرر تحت بنود الكفارات المفروضة على المسلمين كي يقوم بترقية المسلمين حتى
يفهموا التوجيهات الإلهية ويتم تجفيف هذا المنبع أيضاً ويتم مضمون آية الله في الأسرى بأن تكون ( إما منّاً أو فداءً )
ومن هذه الكفارات هي :
1- كفارة اللغو 2- كفارة قتل المؤمن الخطء 3- كفارة الظِهار 4- كفارة الذنوب
وكل هذه الكفارات كانت عتق رقبة !!
ولو أستمر المسلمون حسب التوجيه الإلهي لتمت تجفيف هذا المنبع في عقود ولكن تمت إعطاءها مدد في الحياة ! لحاجة في نفوسهم وأهواء البعض ؟ الى أن تمت الإنقضاض نهائياً على هذه الحالة ..
ومانعيشه الآن يعد فترة لم تعد لحالة ملك اليمين من وجود فالناس كلهم أحرار ولايجوز مطلقاً أن يقوم أحد ما أو فئة أو جماعة بإعطاء لنفسه الحق أو لجماعته حق التمتع بأعراض الحرائر بحجة ملك اليمين ؟؟
ولا يجوز مطلقاً أن يسمح أي تشريع إلهي أو وضعي لأي إمرأة أن توهب نفسها ملكاً ليمين أحد بحجة الاستمتاع المشروع !!
فالله قد نهى للأحرار أن يسترقوا أنفسهم فهو لا يمتلك حق حرية التصرف في تعبيد أنفسهم
وقد خلقهم الله أحراراً وملك اليمين كانت حالة عارضة عالجها القرآن بواقعية فائقة حتى تطمأن اليها الانفس وتستجيبها ملكاتهم عندما يرتقوا بالقرآن الى مصافي الأحرار ؟