ذوات الاحتياجات الخاصة في اليمن



مروان هائل عبدالمولى
2014 / 12 / 24

عرفت منظمة الصحة العالمية الإعاقة على أنها حالة من القصور أو الخلل في القدرات الجسدية أو الذهنية ترجع إلى عوامل وراثية أو بيئية أو طبية تعيق الفرد عن تعلم بعض الأنشطة التي يقوم بها الفرد السليم المشابه في السن , و يعرف البعض صاحب الإعاقة بأنه الشخص الذي استقر به عائق أو أكثر يوهن مِن قدرته ويجعله في أمس الحاجة إلى عون خارجي , أو هو من فقد قدرته على مزاولة عمله ، أو القيام بعمل أخر نتيجة لقصور بدني أو جسمي أو عقلي ، سواء كان هذا القصور بسبب إصابته في حادث أو مرض أو لإعاقة إما طبية أو عقلية أو نفسية , وهناك الإعاقات الغير مرئية التي تغفل عنها التعريفات مثل : بطئ التعلم والمتأخرين دراسيـــاً ، وعجز التعلم أو من يعانـون مشكلات واضطرابات سمعية أو بصرية , التي يمكن ملاحظتها من خلال الأداء وبروز بعض الصعوبات في القدرة على التكيف والنجاح عند ممارسة الأنشطة الأساسية التربوية والشخصية والاجتماعية .
النساء في الدول العربية هن أكثر الفئات المجتمعية التي يمارس ضدهن التمييز العنصري بسبب الجنس وغياب العدالة الاجتماعية، والمساواة , فالمرأة السليمة التي لا تعاني من أي عجز هي أصلا ضحية من ضحايا إعاقة العادات و التقاليد , القائمة على أساس أن المرأة ناقصة عقل ودين , وهي الأسس التي تعرضها لتمييز واضح يجبرها على العيش دائماً مدفونة تحت جبال من الكبت والإحباط والهموم والاكتئاب , محرومة من أبسط الوسائل التي من شأنها مساعدتها على الاندماج في المجتمع , فكيف بصاحبة الإعاقة المرضية المحاطة بالعزلة التي تعاني من إهمال كبير يبدأ من عدم توفر الخدمات التأهيلية , ونقص حاد في السبل العلاجية والرعاية سواء كانت في ميدان الصحة أو التعليم أو التشغيل, وحتى الفقر المدقع وعجز وغياب ثقافة التعامل الإنساني معها.

في اليمن المرأة من ذوات الاحتياجات الخاصة تعيش ظروف صعبة جدا بسبب نظرة المجتمع القاسية التي تقلل من شأنها , كما تعاني من تمييز أكثر من الرجل على أساس الجنس والإعاقة , و تواجه صعوبة في التواصل مع من حولها بسبب النظرة ألدنيويه لها و العقلية المجتمعية التي تقوم على التمييز والتهميش والتقليل من قدراتها وهي تمثل شريحة وأسعه من أبناء هذا الوطن التي لا يستطيع أحد فصلها عن النسيج العام وعلينا الاهتمام بها، وإيجاد حلول لمشكلاتها،لأنها تواجه تحديات كبيرة في مختلف مناحي الحياة , وتفتقد للحماية القانونية والرعاية الصحية والتعليمية التي تمكنها من العيش والعمل بشكل طبيعي داخل المجتمع , نتيجة للظروف الاقتصادية السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب النزاعات المسلحة التي لا تتوقف واتساع رقعة الفساد والفقر , وهي أسباب جعلتها تتحمل الكثير من سلبيات المجتمع اليمني بصمت مدمر للنفس , وخاصة تلك النظرة المحقرة لها, نظرة الشفقة والتعاطف الممزوج بالأسى التي تعمق المشكلات الصحية والنفسية والاجتماعية و تزيد من معاناتها , ومن خلق فجوات وثغرات عديدة توسع من دائرة فقدانها لأبسط حقوق المواطنة كالتعليم والصحة والعمل, الأمر الذي يعني زيادة في المشكلات المالية والاجتماعية لها و لعائلاتها .
الأمم المتحدة خصصت يوماً عالمياً لذوي الاحتياجات الخاصة الذي يصادف 3 ديسمبر من كل عام , ويهدف هذا اليوم إلى زيادة الفهم لقضايا الإعاقة ودعم و ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يدعو هذا اليوم إلى زيادة الوعي في إدخال أشخاص لديهم إعاقات في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية , حيث تشير تقديرات الأمم المتحدة حوالي 10% من سكان العالم أي حوالي 650 مليونا من ذوي الاحتياجات الخاصة, 80% منهم في البلدان الفقيرة حيث تنعكس الحالة الاقتصادية الضعيفة على أوضاعهم و تبلغ نسبة الإعاقة في اليمن 8 % إلى 13 % وهي من أعلى النسب في العالم , وتحتل النساء المراتب الأولى في ذوي الاحتياجات الخاصة في اليمن , و الرعاية والاهتمام بهن والإسهام في حل المشكلات والحد من التحديات التي تواجهن , لا يجب أن يعبر عن الالتزام بالأعراف والمواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية الخاصة بهذه الشريحة فحسب , بل ينبغي أن تكون ظاهرة طبيعية تعبر عن أخلاق وقيم الشعب وحضارته , وتطبيقاً لمبادئ الدين الإسلامي الحنيف الذي رفع من مكانة الإنسان وكرمه , إذ يرتفع سقف تقدم الدول وحضارتها وسمو شعوبها وإنسانيتها من خلال الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة , وذلك عبر إدماجهم في خطط وبرامج ألدوله التنموية ، وإزالة الحواجز ألاجتماعيه والنفسية التي أمامهم لخلق مجتمع فرص ألمشاركه في بنائه متاحة للجميع .

د/ مروان هائل عبدالمولى
[email protected]