سوالف حريم-التربية العشائرية



حلوة زحايكة
2014 / 12 / 30


التربية العشائرية واحدة من الكوارث التي تعيشها مجتمعاتنا العربية، فهي ليست عائقا أمام بناء الدولة المدنية فحسب، بل تتعدّاها الى مختلف جوانب حياتنا، سواء كنا أفرادا أو جماعات، فقدرات الفرد الشخصية مغيبة أمام عقلية العشيرة، والقانون مغيب أيضا أمام عقلية القبيلة، حتى الأحزاب والتنظيمات السياسية والدينية تتحكم بها عقلية القبيلة، والمتعلمون منّا وإن تظاهروا بالتطوّر والحضارة إلا أنّهم محكومون بعقلية القبيلة التي تعشّش في وعيهم الداخلي وباطن عقولهم.
فعلى المستوى الأسريّ نجد أن نسبة كبيرة من حالات الزواج تتم بطريقة تقليدية، بناء على رأي الوالدين أو العائلة، ولا اعتبار فيها للمؤهلات الشخصية، خصوصا ما يتعلق بالعروس. وعندما يتقدمّون بطلب يد فتاة لابنهم فان اللازمة التي يردّدونها هي: "ستكون مثل ابنتنا، وستنتقل من بيت أهلها الأوّل الى بيتهم الثّاني،" وبعد الزّواج ينعكس الموقف، ويتعاملون معها كخادمة لأبناء الأسرة كافة، وتظهر العشائرية في معاملتهم لها، فالزوج وأسرته وعائلته، وحامولته يرون أنفسهم كطبقة أعلى وأسمى من الآخرين! بمن فيهم الزوجة وأسرتها، مع أنّ حقيقتهم عكس ذلك تماما، لكنهم لا يرون أنفسهم كما هم عليه. وبناء على عقليّة"سموّ النّسب" فان زواج الأقارب منتشر، دون أخذ بعين الاعتبار لمضارّ هكذا زواج خصوصا على الصّحّة الانجابية، وتكرار زواج الأقارب لأكثر من جيل ينجب أبناء مشوّهين عقليا وجسميا. وامعانا بالفخر "بالنسب الرفيع المزعوم" فان كثيرا من الأزواج وعائلاتهم لا يعطون الزوجة التي تنحدر من عائلة أو عشيرة أخرى نفس ما يعطونه لبناتهم، فهم يريدون حقوق بناتهم كاملة، أمّا بنات الآخرين فانهم يعاملوهن كجواري العصور الغابرة! وهذا نتاج محتوم للعقلية الذكورية والتربية العشائرية المقيتة، فإلى متى سنبقى فيما نحن عليه؟ ومتى سيحبّ رجالنا لزوجاتهم ما يحبّونه لبناتهم وأخواتهم؟
وفي المقابل هناك نساء ممّن يعتبرون أنفسهم عائلات عريقة، فان الواحدة منهن تتعامل مع زوجها بفوقية، وكأنها ملاك قادم من كوكب آخر، ولا تعلم أنها تنطلق من منطلقات العائلية والعشائرية التي تدمّر الشعوب والدول.