تعيين القط حارسا على اللبن ..



قاسم حسن محاجنة
2015 / 2 / 28

فضّلتُ إستعمال المقولة أو المثل العبري (في العنوان أعلاه ) ، الذي يصف الإختيار الخاطيء والضار للشخص ، الذي لا يلائم المهمة ، أو تحديدا ، هذا الشخص لا يُمكن إئتمانه على تنفيذ المهمة . فالقط لن يصبر على مشاهدة اللبن الرائب ، دون أن يتناول منه شيئا أو يتناوله كله !!
لدينا في العربية بعض الأقوال الشبيهة ، كالقول "حاميها حراميها " ، لكن الأمر لا يتوقف على السرقة فقط . فالحارس في حالتنا غير قادر على تمالك نفسه أمام الإغراء ..!! وبعد هذه المقدمة والتي كان لا بد منها ، ندخل صُلب موضوعنا .
فقد تناولت وسائل الإعلام خبرا عن "توصل" عباقرة ال "مجتمع المدني " في موريتانيا إلى حل عبقري لمشكلة الإغتصاب والتحرش ألجنسي بالنساء . ويقتضي هذا الحل بتخويل رجال الدين ، يعني المشايخ بمكافحة الإغتصاب والتحرش الجنسي عن طريق تخصيص خُطب الجمعة لنشر الوعي في أوساط الذكور الموريتانيين ...!!
لكن قبل أن نُشكّك في جدوى هذا المشروع ، لننظر كيف بتعامل القضاء الموريتاني مع الشكاوى التي تتقدم بها النساء المُغتصبات .
بعد تلقي الشكوى من السيدة المُغتصبة ، يطلب القاضي منها الإتيان بالقرائن والإثباتات على أن المُدّعى عليه ، قد قام بإغتصاب المشتكية فعلا . والدلائل والبراهين ، يجب أن تكون عينية وواضحة ، كالحمض النووي أو أربعة شهود ، صور لحادث الإغتصاب أو ما شابه من براهين وإثباتات ، كما تقتضي الشريعة الإسلامية ، والتي تُشكّل مرجعية للقضاء الموريتاني .. وفي العادة لا تستطيع المُشتكية توفير هكذا أدلة ..
وحينما لا تتمكن المُغتصبة من إثبات جريمة الإغتصاب بالقرائن والأدلة ، فإنها تنتقل مباشرة من كونها ، ضحية إغتصاب جنسي ، إلى مُرتكبة لكبيرة الزنى وبإعترافها ، الإعتراف سيد الأدلة ، (من فمك أُدينك ) ، ليتم تنفيذ الحد الشرعي بحقها ..!!
فهؤلاء ، عباقرة المجتمع المدني ، يُعَيِّنون "القط " لحراسة "اللبن الرائب " ، والويل "لللبن" ، في هذه الحالة من هذه "القطط" ...!!