سؤال و أجابه حول مفهوم العهر



سامح سليمان
2015 / 3 / 3

- ألا توجد برأيك الشخصي حدود فاصلة ما بين العهر كماهية أو صفة والتحرر كمفهوم وممارسة, مقابل مفهومي التخلف أو العفة وما بينهما من حدود رفيعة نستطيع التمييز فيما بينهما؟, وهل نعت الرجل للمرأة بالعاهرة هو ما معناه التعري والانحلال الجنسي, أم هو الاعتراف الضمني بتفوق المرأة عليه؟, أم ان العهر يعني بمفهومه الذي يشمل الرجل والمرأة على حد سواء ومعناه انعدام الأخلاق أو الشعور بالقيمة؟
ج : العهر هو أن يحيا المرء بلا مبادئ و أن يقبل بتسليع نفسه ، و ليس المقصود جسدياً و لكن المقصود فكرياً و أخلاقياً فى المقام الأول ، و لكن مجتمعاتنا تحصر القيمه و الشرف فى مهبل المرأه و حفاظها على غشائها و تحصر قيمة الرجل فى حجم قضيبه و مدى صلابته ، لهذا نرى العديد من جرائم الشرف التى ينحصر ضحاياها فى الغالب فى النساء فقط كأن لا يوجد رجال مخطئين ، و أيضاً صرف المليارات على المنشطات الجنسيه للرجال ، فى مجتمعات تعانى من الجهل و المرض و الفقر الشديد .
إن منع الحريه الجنسيه ليس الهدف منه أخلاقياً بتاتاً ، فهى كانت متاحه حتى فى عصور الدوله الدينيه و يمكن مراجعة كتاب الشبق المحرم للدكتور إبراهيم محمود ،و لكن منع و تضييق الخناق على الحريه الجنسيه يتم بهدف حدوث ألهاء موجه الهدف منه التعتيم على قضايا و أحتياجات الأفراد فى مختلف المجتمعات ، إن مجتمعاتنا مهووسه بتتدين و تجنيس كل شئ ( أى بأعطاء بعد دينى و بعد جنسى ) إن أكبر نسبة أغتصاب و تحرش جنسى حتى للأطفال ، و مشاهده لأفلام البورنو و الخيانه الزوجيه و هوس بترديد النكات و الأحاديث الجنسيه هى فى المجتمعات العربيه و هذا بحسب العديد من الدراسات المعتمده ، إن السماح بوجود حرية جنسيه بمختلف أشكالها تتزايد مساحتها بتزايد مساحة الرخاء الأقتصادى الحقيقى و حدوث نهضه ثقافيه سلوكيه و فكريه شامله، سيكون لها أعظم الفوائد فى مختلف الأبعاد حتى بالنسبه للبعد الأخلاقى ، وأيضاً بخلاف ما سبق لا يوجد أرتباط حقيقى بين الجسد و الأخلاق ألا فى القليل جدااً ، و للأسف بعض مدعى التنوير يفسروا تحرر المرأه و يقولبوا هذا المصطلح بأنه التحرر من الملابس كما أعتقد الكثيرين فى الغرب و يتجلى هذا بشكل ما فى ما يسمى بخطوط الموضه العالميه التى هدفها ليس الجمال فى الغالب و لكن التعرى فقط أرضاء لأذواق الرجال و شهواتهم ، و أيضاً تسليع للمرأه ضمن دائرة التسليع الرأسماليه الذكوريه العالميه الفاسده و المفسده لكل لكل شئ بلا أدنى أستثناء . التحرر هو أن يكون المرء كما يريد أن يكون بلا خوف أو قمع أو قولبه مجتمعيه .
- هل تتحمل الأديان القسط الأكبر في انعزال المرأة وتخلف المجتمعات؟
- ج : انا اعتقد بدرجةً ما أن هذا الجرم يتحمله ليس النص نفسه ، بل يتحمله مروجى الفكر الدينى الرجعى المقولب الغير إنسانى و أتباعهم و من يؤمن بأفكارهم و أقوالهم ويدعمهم مادياً و معنوياً و أعلامياً و قانونياً أو حتى يتعاطف معهم و يبرر لهم أفعالهم و أقوالهم _ للأسف بعضهم من النساء المثقفات المنتمين لمختلف الشرائح الأجتماعيه و الخلفيات الثقافيه _ مسئولية ما يقع على المرأه من تشويه وقهر نفسى وعنف لفظى وجسدى، و ليس النص نفسه لأن النص يمكن تفسيره بطريقه إنسانيه تخدم المجتمع و يمكن تفسيره بشكل غير أنسانى يدمر المجتمع ، و المسئوليه الأكبر فى مجتمعاتنا يتحملها كافة التيارات العلمانيه و الليبراليه و اليساريه و كل من هو تنويرى لأنهم لم ينجحوا فيما نجح فيه التنويريين فى الغرب من تحجيم لدور رجال الدين و تفسيراتهم فى أدارة المجتمع ، نعم يوجد أضطهاد سلطوى ممنهج للمرأه أما بتقديمها كسلعه جنسيه أو بتقييدها و قمعها و تدعيم و أطلاق يد مختلف التيارات التجهيليه المضلله لتشويهها فى مختلف وسائل أعلامها و خداعها بتفسيرات فاسده منتهية الصلاحيه منذ أنتاجها خوفاً من قدرة أتحاد المرأه و الرجل على تحقيق المستحيل ، و أذكر هنا حتمية تنقية الخطاب الدينى لما له من قبول و تأييد أعمى فى الغالب لا يستحقه و مراجعة كتب الفكر و التراث الدينى بأنواعه و حذف ما قد فقد صلاحيته ، و منها كتاب
( بستان الرهبان ) وهو كتاب من التراث الدينى المسيحى المصرى الأرثوذكسى وهو يمتلئ عن أخره بعبارات تحتوى على كراهيه و تحقير شديد للمرأه ، و كذلك التعريف الأجتماعى _ المؤيد من قبل رجال الدين أرضاءً لرغبة من يديرون المجتمع و ليس خوفاً على الأخلاق كما يدعون ، فلا علاقه للجنس بالأخلاق ألا فى حالات نادره _ المغالط للزنا بأنه العلاقه بين غير المتزوجين و ليس بأنه الأغتصاب و العلاقه بين طرف متزوج و طرف أخر غير شريكه الأساسى عن طريق خداع الشريك الأصلى ، و هذا هو التعريف الصحيح و على حد أعتقادى لا يتعارض مع أى دين ، فمثلاً فى الوصايا العشر قيل لا تزن لا تشته أمرأة قريبك ولا بيته ، قد تم النهى هنا عن أشتهاء ما للأخرين بهدف التنظيم و كذلك فى العهد الجديد قيل من نظر إلى أمرأه ليشتهيها فقد زنى بها فى قلبه و لم يقل فتاه أو أنثى و هى نفس الكلمه المستخدمه فى الترجمه الإنجليزيه و النص الأصلى ، هذا بخلاف ضرورة فحص و تنقية و تجديد الخطاب الدينى المكتوب و أيضاً الخطاب الثقافى و الأعلامى و التعليمى ، بل و حتى التراث الفلسفى ، لوجود الكثير من الفلاسفه والأدباء اللذين قد ساهموا فى تشويه صورة المرأه وتحقيرها، معاصرين وغير معاصرين بل وحتى إلى تلك اللحظه،مثل سقراط و أفلاطون و أرسطو و أغسطينوس وترتليانوس و الأكوينى و أرثر شوبنهور والعقاد و توفيق الحكيم و عبد الحميد جوده السحار، يمكن مراجعة مجموعة الفيلسوف والمرأه للدكتور أمام عبد الفتاح أمام و كتاب عن المرأه للدكتوره نوال السعداوى و كتاب ثقافة الوهم للدكتور عبد الله محمد الغذامى .
يجب أن نعرف بوجود الدين الشعبى و هو ما هو سائد من سلوكيات و ممارسات طقوسيه ذات بعد دينى و معتقدات و مفاهيم و تفسيرات شعبيه للنص الدينى ، و أيضاً بوجود الدين الرسمى و هو ما تقدمه المؤسسات الدينيه المعتمده رسمياً من الدوله من فكر و تفاسير للنص الدينى تخدم أحياناً كثيره المستفيدين من بقاء الأوضاع كما هى و تحفظ مصالح و بقاء سلطة من يديرون المجتمع،كما يوجد الدين الثورى و منه ما هو أصلاحى تقدمى تنويرى سلمى و منه ما هو تكفيرى مسلح و يوجد أيضاً الدين الأصلى و هو النص الدينى الموجود فى الكتاب المقدس لدى من يؤمنون به ، و دائماً النصوص تحتمل مختلف التفسيرات ونحن لنا أن نختار من التفسيرات ما يؤدى الى تقدم و صلاح مجتمعنا لأننا من سيحصد النتيجه أو نختار ما يؤدى إلى تخلف و دمار مجتمعنا و نحن من سيدفع الثمن ، المسيح قال السبت هو لأجل الإنسان و ليس الإنسان لأجل السبت ، و هذا معناه إن النص موجود لأجل الأنسان و ليس العكس ، و على حد علمى قال الأمام على أن النص حمال أوجه ، و قال أبن رشد أذا تعارض النص مع المصلحه وجب الأخذ بالمصلحه، و المقصود هنا بالمصلحه هو مصلحة المجتمع بل و البشريه بأكملها.