المرأة العربية أين تكمن، أين تنحدر المشكلة؟؟؟



فاطمه قاسم
2015 / 3 / 7

المرأة العربية
أين تكمن، أين تنحدر المشكلة؟؟؟
د.فاطمة قاسم

عندما انطلقت أحداث الثورة العربية في تونس في الأيام الأخيرة من عام 2010، و كانت النساء في قلبها، و في صميمها، و في صوتها، المدوي و آمالها الواعدة، تفاءلت الأجيال العربية، و قلنا لبعضنا نحن المثقفين: الأمر يحتاج إلى انتباه، فإن ثورة يشارك فيها النساء من كل الأعمار، و الشرائح الإجتماعية، و المستويات الثقافية، شابات، و ربات بيوت، و مهندسات و طببيات، و نجمات سينما و مسرح، و صحفيات و أديبات و أساتذة جامعات، من علية القوم و من العشوائيات، من ساكنات القصور و من لا مأوى لهن، قلنا: لقد بدأ زمن من جديد، زمن تمسك فيه المرأة بناصية مصيرها و حياتها، تأخذ فيه المرأة حقوقها إنطلاقاً مما قررته المنظمات الدولية ومما قرره رسولنا العظيم محمد حين قال "النساء شقائق الرجال" زمن نعيد فيه صياغة حياتنا بما يجعلنا فعلا "خير أمة أخرجت للناس".
و لكن سرعان ما تراجع المشهد إلى صورته القديمة و تناقضاته المأساوية، النساء يشاركن في الثورة في ميلادها الأول و لكن سرعان ما تم إقصاءهن، النساء يشكلن الأغلبية في الانتخابات البرلمانية في العالم العربي من الجزائر إلى اليمن و لكن حصادهن بعد ذلك لا يكاد يذكر، النساء نجحن كبرلمانيات، و وزيرات في الحكومة، و قاضيات ، و في كل مكان، و لكن الموضوع مازل شكلياً، و مازال من قبيل التظاهر أمام الغرب بأننا نلبي طلباته و شروطه ليس إلا، بل إن الثورة المضادة و من بينها داعش رسمت أمامنا مشهداً صادماً حينما رأيناها أي داعش تسحب طوابير النساء للبيع في أسواق النخاسة الجديدة.
أين يكمن السر

هل هناك فجوات مسكوت عنها في حضاراتنا، تجعلنا نتفاجأ بأننا حين نطلق الثورة الشاملة، فإن هذه الفجوات الحضارية تجعلنا نسقط في زمن التخلف و الردة ؟
لابد من جهد أكبر ألف مرة من قبل الباحثين و الباحثات، المختصين بالتفاعل الإجتماعي، و الإستيعاب الحضاري، لكي نعرف كيف نسقط في لحظة صعودنا، و كيف نتراجع في اللحظات التي ينظر إلينا العالم مبهوراً؟
ما بين مئات الألوف من النساء اللواتي كن يملآن الميادين و الساحات في مصر بشكل مذهل ، و تحول خارق، كانت هناك حالات التحرش و الإعتداء على النساء أمام الآف من عيون الرجال ، لم يكن هناك زمن طويل، بل الغريب أننا سمعنا من يجد لأولئك المتحرشين البؤساء، بأن المسئولية تقع على النساء، فلماذا يذهبن إلى الميادين و لماذا يشاركن في الثورة؟
و المفارقة الأخرى:
انه عندما تراجعت الثورة لصالح مشاهد الدمار و العجز و الفقر، فإن النساء هن من تحملن العبء الأكبر، في رعاية عائلاتهن، انظروا إلى أفواج اللاجئين السوريين في معسكرات اللجوء والبؤس، من ذا الذي يواصل البقاء غير النساء؟و انظروا إلى العراق و ليبيا و اليمن و غيرها، أليست النساء هن رموز الصمود، راعيات العائلات و الأطفال، يصنعن رغيف الخبز من المستحيل؟
شيء كامن من زمن بعيد، مسكوت عنه منذ قرون، دمار هائل كان الوعي العربي الجمعي يتجاهله ، و كل ذلك انفجر في حياتنا بطريقة لم نتوقعها، بمعدلات أسرع من كل خيال ، و كانت النساء العربيات في هذا المشهد المدوي هن أكثر الضحايا، و هن أكبر علامات الصمود، و في يوم المرأة العالمي، علينا أن لا نكتفي بالإحتفالات التقليدية، تحيات كلامية للنساء، كوتا نسائية، و ردود للنساء، ثم ينقضي اليوم، و ينتهي الحفل، و لا يبقى من الاحتفال سوى الملايين من النساء المهمشات و المنتهكة حقوقهن، اللواتي يتعرضت لتمييز في العمل و الأجور، و لا تطبق بالنسبة لهن معايير الكفاءة، ترهبهن عمليات القتل على خلفية الشرف بينما الحقيقة هي حرمانهم من الميراث....الخ
و يظل الحال على نفس المنوال، ماذا لو أن النساء فجرت ثورة ناعمة خاصة بهن، و امتنعن عن المشاركة في الانتخابات، و أضربن عن العمل في دوائر و دواوين الرجل العربي؟ربما حينئذ تحدث الثورة الحقيقية ثورة النساء.
أيتها المرأة العربية كل عام و أنتن بالف خير.