نُبذة تاريخية عن نضال المرأة العراقية



سفانة الفارس
2015 / 3 / 11

إهداء لمناسبة الذكرى الثالثة والستين لتأسيس رابطة المرأة العراقية

إن الظروف السيئة التي كان يعيشها المجتمع العراقي من سيطرة الدولة العثمانية لإربعة قرون وما تركته هذه السيطرة من تخلف على كافة الصُعد وبالأخص فيما يخص المرأة من إنتهاك لإنسانيتها وكرامتها وبخس حقها في التعليم وإعتبارها تابع للرجل ، وكذلك في بدايات القرن الماضي جاء الإحتلال البريطاني وأداتهُ الحكم الملكي الذي لم يكن أرحم من سابقه حيث سوء المعيشة وتفشي الامراض والأوبئة والصراع السياسي وكبت لحرية التعبير والرأي وحتى الملبس ، كل ذلك وغيرها من الأسباب إدى الى تحرك مجموعة من النساء وبالأخص نساء الطبقة المتوسطة للإنتفاض لواقعهن المرير ، فقمن بتأسيس أول نادي نسوي في عام 1923 سُميَ بـ (نادي النهضة النسائية) وكانت هيأته الإدارية تتألف من (اسماء الزهاوي شقيقة الشاعر جميل صدقي الزهاوي ، ونعيمة السعيد ، وماري عبد المسيح وفخرية العسكري زوجة جعفر العسكري) .وهنا بدأت الأوساط السياسية بين رافض لهذه التحركات ومؤيد لها بإعتباره إنتصاراً للمرأة وهذه مسألة طبيعية في ظل تلك الظروف . في عام 1930 ظهرت أصوات نسائية بأسمائها الصريحة تنادي بحقوق المرأة وتُلمح للسفور ورفع الحجاب والتنقب فإرتفع صوت (رفيعة الخطيب) والأنسة (آمنة الرحال) واللواتي كُن َ من الطبقة المتمكنة مادياً على إعتبار إن التعليم لم يكن يُسمح به للجميع ، يدعو الى ضرورة إستقلال المرأة وأيضاً بالتزامن والتواصل مع العمل في النشاط الوطني المعادي للإستعمار البريطاني ففي نفس الفترة كان من المقرر أن يُعقد المؤتمر النسائي الثاني في دمشق في تموز عام 1930 ، فتحرك بعض رجال السياسة المعتدلين لبذل الجهود من أجل مشاركة العراق في هذا التجمع المهم ،فتم ترشييح الأنسة أمينة الرحال وهي مازالت طالبة في معهد المعلمات ومعها الأنسة جميلة الجبوري ،فكان لمشاركة العراق والكلمة التي أُلقيت في المؤتمر صدىً واسع .بعدها توجهن نحو الأعمال التطوعية الخيرية فتأسست جمعية الهلال الأحمر وجمعية حماية الأطفال وغيرها.............. وفي السليمانية أسست السيدة (حفصة خان الحفيد) لجنة نسائية لمساعدة الفقراء وتحولت فيما بعد الى الجمعية الكردية النسائية. بعدها بدأت هذه الجمعيات والمنتديات تأخذ شكلاً آخر وهو ربط الحركات النسائية بقضية النضال السياسي من أجل الأهداف الوطنية وطرد الإستعمار البريطاني
تأسست أول منظمة نسائية سنة 1946 بإسم (اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية).
إلتحاق عدد من النساء بالأحزاب السياسية ،حيث وصلت آمنة الرحال لعضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي عام 1941 .
مشاركة المرأة في المظاهرات والإحتجاجات على إرتفاع الأسعار والغلاء عام 1943 إثر الحرب العالمية الثانية.
إنشاء أول جمعية بإسم النساء ورئيستها عفيفة رؤوف.
تأسيس الإتحاد النسائي العراقي برئاسة أسيا وهبي بقرار من الإتحاد النسائي العربي عام 1945.
كما تأسس في ذات الوقت عدد من الجمعيات والنوادي النسائية والتي تحمل نفس الأهداف ومنها على سبيل المثال لا الحصر (نادي البنت البغدادي ،الجمعية النسائية لمكافحة الأمية ،جمعية الدومنيكان...............) والأسماء تطول، ولكن ربما تكون رابطة المرأة العراقية والتي تأسست في 10/3/1952 من أهم الحركات النسائية لوضوح أهدافها وسعة إنتشارها وعدد منتسباتها، في البداية كان تحت اسم رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية وكانت من المؤسِسات الأوائل كل من( الدكتورة نزيهة الدليمي ،روز خدوري، سافِرة جميل حافظ ،خانم زُهدي، سالِمة الفخري، زكية شاكر ، زكية خيري مُبجل بابان) أما اهدافها فكانت:
النضال من أجل السلم والتحرر الوطني والديمقراطية
النضال من أجل حقوق المرأة ومساواتها
النضال من أجل حماية الطفولة وسعادتها

بعد ذلك تشكلت لها فروع في كردستان والمحافظات الأُخرى وأصدرت لها نشرات دورية .وفي عام 1953 قُبلت الرابطة كعضو في الإتحاد النسائي الديمقراطي العالمي وأصبحت تُعرف بإسم رابطة المرأة العراقية ،وفي العام 1959 عقدت الرابطة مؤتمرها الأول وبشكل علني تلاه المؤتمرين الثاني والثالث في عامي 60 و61، وبعد إنقلاب 1963 الأسود الغيت الرابطة وتم إعتقال ومحاكمة المئات منهن. وفي عام 1966 لغاية عام 1967 عادت الرابطة وهي تعمل بشكل دؤوب من أجل المرأة والطفولة وتشارك في كافة النشاطات الوطنية والمؤتمرات والتظاهرات والإحتجاجات وتقدم الدعم المعنوي لكل الشرائح الوطنية . في عام 1969 قدمت الرابطة طلب لوزارة الداخلية لغرض إجازتها ولكنها رُفِضت ،حيث شُرِعَ قانون المنظمات الشعبية الذي يُحرم العمل والنشاط لغير البعثيين. وهذا لم يُثنِ من عزيمة وهمة الرابطيات بل زادتهن إصرار ونشاط وتواصل مع الجماهير النسوية وذلك من خلال عقد المؤتمرات والكونفرنسات والمشاركة والتهيئة للمؤتمرات الدولية في برلين وكوبنهاكن وغيرها .وبعد سقوط النظام في 9/4/2003 برز دور الرابطة بشكل فعال وسط النساء وإيصال صوت المرأة الى ابعد منطقة من جنوب العراق وشماله، وما زالت الحركة الرابطية في تطور وتقدم ودعم ومساندة لكل النساء على إختلاف مذاهبهن ،وما عمل الرابطة في المرحلة الحالية الحرجة من تاريخ المرأة ومساندتها للنساء المغتصبات والسبايا من الإيزيديات والمسيحيات لهو دليل واضح على عمق الفكر والمنهج الذي تؤمن به الرابطيات من أجل المساواة للمرأة ولأجل إسعاد الطفولة .

المجد والخلود لشهيدات الحركة النسائية العراقية البطلة على مَر الزمن
عاش العاشر من آذار والذكرى الثالثة والستين لتأسيس الرابطة

-;---;---;---;---;---;--