مدى قناعة الوزيرة الحقاوي بأهداف بيجين +20 ؟



سعيد الكحل
2015 / 3 / 11


يمثل المغرب في أشغال الدورة 59 للجنة وضع المرأة بالأمم المتحدة ، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية . وتتمحور أشغال الدورة حول “تقييم تنفيذ منهاج عمل بيجين + 20″-;- ،. وستعرف الدورة استعراض ما تحقق من منجزات على مستوى المساواة بين الجنسية ورفع كل أشكال التمييز ضد المرأة ، فضلا عن الوقوف على مختلف التحديات والعراقيل التي تحول دون تحقيق الأهداف المرسومة . وقد أثارت الوزيرة بسيمة الحقاوي بإشادتها القوية بالإنجازات التي تحققت لفائدة المرأة وأجيال التشريعات التي صدرت أو هي في طور الإعداد ، بعض التساؤلات تخص مدى
إيمانها بتلك الإنجازات واستعدادها للدفاع عنها في المحافل الدولية أو تسريع وتيرة التشريع وأجرأة القوانين وتفعيلها . ومرد هذه الأسئلة ، ليس لعجز السيدة الوزيرة الإداري أو المادي ، فرئاسة الحكومة هي لحزبها والدعم المالي الغربي متوفر ، بل الأمر يتعلق بمدى اقتناعها بالأهداف والمبادئ المعلنة . فصياغة التقارير ووضع الخطط والإستراتيجيات لا يحتاجان إلا لمهارة تقنية ودربة في الصياغة والتبويب . أما التنفيذ فيحتاج إلى قناعة فكرية وحماس سياسي وجرأة أدبية ، وهي شروط أبانت المواقف السابقة للسيدة الحقاوي ، زمن المعارضة والمعارك المناهضة
لمشروع خطة إدماج المرأة في التنمية ، عن انعدامها في السيدة الوزيرة . ذلك أن تغيير القوانين المجحفة بأخرى عادلة ومنصفة يتطلب قناعة سياسية وفكرية وإستراتيجية واضحة لبناء مجتمع ديمقراطي يؤمن بالقيم السامية التي تصون كرامة المواطنين وتضمن لهم حقوقهم دون تمييز أو تفاضل . وما يتخذه حزب العدالة والتنمية ، داخل البرلمان ، من مواقف معارضة لمطالب النساء والفرق البرلمانية بالمنع التام لزواج القاصرات وتجريم الأطراف المتورطة فيه ؛ علما أن عدد الزيجات في تصاعد رغم المآسي التي تنتج عنه . فكيف سترد السيدة الوزيرة عن الاستفسارات المحتملة ،
وكيف ستدافع عن موقف حزبها هذا ؟ بل وكيف ستدافع عن رفع المغرب تحفظاته عن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة ، وخاصة مقتضيات المادتين 9 و16 من الاتفاقية ، وهي على علم بموقف حركة التوحيد والإصلاح ومضمون البيان الذي أصدرته بتاريخ 14 شتنبر 2011 تندد فيه بموقف الحكومة ، وتعتبر مقتضيات المادتين ( تتعارض مع أحكام الإسلام وتتناقض مع أحكام الدستور وتخالف صراحة بنود مدونة الأسرة وتجهز على مكتسبات ثابتة للمرأة)؟ لا شك أن السيدة الوزيرة ستجد نفسها ، في كل المحافل الدولية ، مطوقة بمواقف حركتها الدعوية المكرسة
للظلم الذي تعاني منه المرأة ، وكذا مواقف الحزب الذي تمثله في البرلمان والحكومة معا . ولا بأس من تذكير السيدة الوزيرة بأن مذكرة حزب العدالة والتنمية إلى اللجنة الملكية التي تكلفت بمراجعة المدونة ركزت على رفض ولاية المرأة على نفسها ، بدعوى أن ولاية الرجل على المرأة شرط صحة العقد كالتالي ( وجود نصوص حديثية صحيحة في الموضوع تؤكد على الولاية وتؤكد عدم صحة الزواج بدون ولي ) . من هنا شدد الحزب على اشتراطها وتعميمها على كل الحالات بحجة ( عدم استثناء الرشيدة في اشتراط الولي ، لأن النصوص الشرعية الواردة في الموضوع لا تفرق بين ذوات الأب
واللواتي لا أب لهن نظرا لعمومها وإطلاقها ) . فهل ستخالف السيدة الوزيرة موقف حزبها وحركتها في هذه القضايا المثارة ، أم ستظل وفية لهما وثابتة على الموقف الذي عبرت عنه من داخل البرلمان ، زمن المعارضة ، حين بررت السيدة ــ بسيمة الحقاوي ــ رفض ولاية المرأة على نفسها كالتالي ( لسنا في حاجة إلى هذه المادة 25 : " للرشيدة أن تعقد زواجها بنفسها " . لهذا نحن نقترح لتعديلها " للرشيدة بمحض إرادتها أن تفوض عقد زواجها لأبيها أو لأحد أقاربها " . ولعلمكم لا أحد يشتكي من الولاية ، فهي ولاية تكافل وسند )؟
إن القصد من التذكير بهذه المواقف المناهضة لحقوق المرأة وكرامتها هو حث الهيئتين : حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح ، على مراجعة مواقفها السابقة والأسس العقدية التي استندا إليها . ذلك أن أي إصلاح تشريعي أو أي تغيير في أوضاع المرأة يقتضي أغلبية برلمانية مقتنعة بضرورة الإصلاح ومداخله ، وفي نفس الوقت مؤمنة بحقوق المرأة ومساندة لمطالبها في الكرامة والمساواة . وفي ظل الولاية البرلمانية الحالية ، يشكل حزب العدالة والتنمية العمود الفقري للأغلبية البرلمانية التي تسمح لها الآليات الديمقراطية بتمرير أي مشروع إصلاح أو إسقاطه
. لهذا سيكون على السيدة الوزيرة أن تكشف أمام أعضاء اللجنة الأممية عن طبيعة العراقيل التي تحول دون تحقيق أهداف بيجين +20 ، وتحدد آليات التصدي للجهات المعرقلة للإصلاح وتطبيق المساواة . فالموقف الذي توجد فيه السيدة الحقاوي موقف شديد الإحراج بالنسبة إليها ؛ فلا هي تستطيع الدفاع عن رفض الأغلبية البرلمانية لعدد من مشاريع القوانين التي تحمي النساء وتضمن مساواتهن ، ولا الكشف عن الجهات التي تعرقل الإصلاح وتصر على تكريس الظلم الاجتماعي واللامساواة في حق المرأة