عودى إلى الفستان



نادين البدير
2015 / 3 / 23


كان لى مع المبدعة التونسية آمال قرامى نقاش تليفزيونى حول النسوية والمجتمع الذكورى، وضمن ما ذكرته دعوتها للنساء العربيات إلى أن: عودى إلى الفستان.

حين دخلت المرأة مجال العمل، الذى بقى دهراً حكراً على الرجال، احتارت أى زى ترتدى. لذا عمد مصممو الأزياء لخياطة ملابس مطابقة لملابس الرجل، فنزعوا عنها الفستان، وارتادت المرأة مهنتها ببدلة (رجالية) فصلت على قياسات أنثوية. بدت النساء كأنهن غير مقتنعات بحقهن بالعمل بالفستان، فتعمدن المنافسة بزى الرجل وبقالبه الذكورى.

ثم تم تخفيف ذلك، فقدم المصممون أشكالاً أكثر أنوثة لترتديها، ودخل الفستان على خط الصرامة.. لكن بقى المظهر الرجولى هو المفضل لكثيرات كدلالة على أنهن يأخذن العمل بجدية لا بدلال وإغراء..

تعتقد أغلب النساء أنها بذلك تزيح الانتقادات التى ستفتك بها وتتهمها بالأنوثة وعدم صلاحيتها للتنمية.

لكنك فعلا أنثى. فلماذا تريد الأنثى ألا تبدو أنثى؟

لماذا كلما ارتقت مهنياً تعالت على النعومة وصارت خشنة وصارمة ومسيطرة.. ليس تعميما، لكنها صورة نمطية عن النساء بمواقع صنع القرار. محاولات بائسة لتقمص شخصية وشكل الرجل. كأنها مؤمنة بأن العمل ليس من حقها بل ملك حصرى للرجال. حتى إنها تستخدم ذات أدوات الرجل بالتحليل السياسى والاجتماعى وبالكتابة أيضا.

تشد شعرها للوراء، تزيل علامات الزينة، تلبس ملابس رجولية وتشد الرحال للعمل قائلة: الأنوثة بالذكاء لا بالمظهر والجسد.

لكنها بذلك تشطب أهم مكونات معجزة خلق الأنثى الجامعة بين الجسد. المظهر. الذكاء..

لِمَ تكرهين أن تكونى امرأة وتتنازلى ببساطة عن قيم الأنوثة فيما يتمسك الرجل بكل صفاته دون أدنى تضحية تقلل من رجولته؟..

كل شىء مرتبط بالأنثى مدعاة للخجل، كل التحولات الفسيولوجية والجسدية بحياتى كانت تدفعنى لأتقوقع على نفسى لأنها تذكرنى بعار أبدى. لذا فأكثر ما أسعدنى لحظة بدء الكتابة الانتقام من ذلك الخجل وتحطيمه عبر الصفحات.

بالأمس كنت بالعمل، واتصلت على المنزل فاختطفت إنجى السماعة.

قالت لى: ماما.. وبعد كلمات متفرقة خاصة بلغة طفولية هى اخترعتها وأفهمها عن طريق التواصل الروحى الذى بيننا قلت لها: باى ماما. فردت: باى.

كانت هذه أول مكالمة تجرى بينى وبين إنجى، لأن المكالمات السابقة اعتادت أن تصمت وتنصت للمتحدث.

إن أمتع ما فى الكون أن تجيئك هباته دون تحضير..

عيد الأم هو بقايا ما تبقى من التاريخ الأموى القديم (من الأمومة)، الذى كان يمجد الإلهة الأنثى، ويقدسها زمن كانت رمز الخصب والحياة. فهنيئا لك بهذا الخصب. اقرئى عن تاريخ النساء واستمتعى وأشهرى جسدك الذى يمتلك معجزة الحياة بدلا من التخفى والاختباء وراء شعارات ذكورية.