الحكامة بصيغة المؤنث : ولوج وممارسة السلطة



عائشة التاج
2015 / 3 / 28

الحكامة بصيغة المؤنث : ولوج وممارسة السلطة

ذاك هو العنوان الذي أطر أشغال يوم دراسي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة يوم الخميس 26 مارس داخل المدرسة الوطنية للإدارة من تنظيم االمنتدى المغربي الفرنسي للإدارة العامة،الجمعية المغربية لقدماء تلاميذ المدرسة الوطنية بفرنسا ، وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة ، المدرسة الوطنية للإدارة و السفارة الفرنسية بالمغرب قطب الحكامة ,

أجمل ما افتتح به هذا اليوم معزوفات من الموسيقى الكلاسيكية للشابين خولة وأيوب زريعات
لحظات من الفن الراقي والجمال الأخاذ أفضت بنا لجولة سياسية و فكرية حول الوضع النسوي داخل المجال العام
تصدر الخطاب السياسي المشهد بمقارباته السياسوية و البراجماتية ضمن اهداف مبطنة للموضوع في أفق الاسيتحقاقات القادمة
ثم جاءت المقاربة الأكاديمية لوضعية المرأة داخل الإدارة العمومية و المؤسسات السياسية وتحليل ميكانزمات الإدماج وكذا ميكانزمات الإقصاء سواء منها ذات الطابع الموضوعي المتمثل في العوامل التاريحية او السسيو ثقافية أو ما يفترض أنها عوائق نفسية واجتماعية وكذا السبل والآليات الممكنة لتجاوز هذه الاختلالات انطلاقا من التجربة الفرنسية كما قدمتها مشكورة الباحثة الفرنسية بريجيث كريزي بعمق اكاديمي وسياسي مبهر ,
وتلتها تشخيصات بالأرقام حول علاقة المراة عموما و المغربية خصوصا بالإدارة والشأن العام من طرف ممثلة الأمم المتحدة ليلى الرحيوي والأستاذة بالمدرسة الإدارية رابحة زدكي والسيد بيير تينار باحث مختص في الشأن السنوي
ولعل من ابرز ما جاء في مائدة الصباح المقاربة المفاهيمية العميقة للسيد محمد شفيقي مدير الدراسات و التوقعات المالية بوزارة الاقتصاد والمالية الذي ركز على ضرورة المقاربة الشمولية والمحاور غير المتجزئة للخروج بتشخيص حقيقي ودقيق للإشكالية وكذا تقديم حلول فعالة وغير مبتورة نظرا لتقاطع للأبعاد المتداخلة والمترابطة تأثرا وتأثيرا ,,,,
وكانت مائدة الزوال فرصة لإبراز التجربة التونسية من خلال المجلس التأسيسي تلته مداخلات ممثلات بعض الأحزاب السياسية المغربية اللواتي تنافسن على استظهار منجزات أحزابهن لصالح النساء المغربيات : حضر حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي و الأصالة والمعاصرة والحركة الشعبية ,,,,,
و غابت ممثلات الأحزاب الأخرى ,,,,,,,,,
ويبقى السؤال : هل تتبنى الثلاثون حزبا و نيف القضية النسائية قلبا وقالبا ومعه ضرورة إشراك النساء قولا و فعلا في مراكز القرار ؟؟؟؟
وإذا كان الأمر كذلك فماهي البرامج النسائية التي تتبناها هذه الترسانة الضخمة من الأحزاب التي تطرح نفسها كإطارات تمثيلية وتأطيرية للشعب المغربي بمعدل حزب لكل مليون مواطن تموله الدولة من دافعي الضرائب ......خصوصا منهم الفئات المغلوب عن أمرها ,,,,,,
وما هي الديناميات المجتمعية التي أطلقتها لصالح قضايا الشعب الأكثر إلحاحا وضمنها "القضية النسائية ؟؟؟؟
وهل تعرف هؤلاء النساء "المتهافتات حصريا " على مراكز القرار انطلاقا من الورقة النسوية ومكاسبها التي تم إنجازها بعد نضال مرير قضايا الشرائح الواسعة من النساء المغربيات اليومية وصراعهن المرير من أجل :
إيجاد فراش بالمسشفيات العمومية يمكنهن من ممارسة أمومتهن في ظروف عادية و الولادة في شروط من الكرامة ,
هل يعرفن بأن المئات من نظيراتهن في الجبال والمناطق النائية قد يفقدن حياتهن خلال الإنجاب وفي أحسن الظروف يتم نقلهن للمستشفى الأقرب عبر البرويطة أو الحمار أو أية وسيلة نقل تخص البضائع لا الإنسان ,,,,,,
وبأن العشرات من النساء ولدن فعلا في ممرات المستشفيات أو الأزقة نتيجة لسوء الااستقبال ,,,,الذي يعرفه كل مغربي يضطر للذهاب لمستشفيات الدولة , التي تفتقد للوسائل المادية والبشرية وأيضا للأخلاق في عدد منها ,,,,
هل يعرفن بأن فئات واسعة من فتيات المغرب بالبوادي لازلن عرضة للأمية أو الهدر المدرسي ويحتجن الكثير من الآليات لدعم حصولهن على الحق في التمدرس ؟؟؟؟
هل يعرفن بأن البطالة تطال النساء بشكل خاص وأن من تسعى لإيجاد شغل كريم تتعرض لجحيم من امتهان الكرامة يمر عبر العديد من التحرشات ,,,,,,؟؟؟؟
هل يعرفن أن من يشتغلن يحتجن الكثير من الدعم والمساندة لحماية حقوقهن الشغلية وحمايتهن من الاستغلال
هل يعرفن بأن "العنف "المادي أو "الرمزي " شبح يواجه كل الشرائح النسوية مهما كانت ويحتجن مساندة حثيثة لرفع هذا الظلم ,,,هل يعرفن بأن الكثير من المتفوقات والموهوبات في مجالات عدة لا يتم إبرازهن فقط لأنهن لا يملكن علاقات عائلية تفسح لهن المجال هنا أو هناك ,,,,,فأحرى أن يصلن لمراكز القرار التي هي مخصصة لبنات الألبة " الوارثات لمجد السلطة كما تفضلت بتوضيح ذلك السيدة الراضي " بعد أن تناضل لهن بنات الشعب وتفسح لهن الطرق بعد الكثير من العذاب والمعاناة عشريات من الزمن ,,
نعم ،جميل جدا هذا النضال من أجل اقتسام كعكة السلطة ومكاسبها ومجدها ,,,
لكن الأجمل والأصدق أن تكون قضايا النساء حاضرة باستمرار ضمن دينامية دائمة تشي بمصداقية استعمال الورقة النسوية للولوج إلى السلطة ,,,,,,كي تكون هدفا وغاية لا مجرد وسيلة تستثمرها شرذمة من النساء لمصالح شخصية أو فئوية جد ضيقة ليس إلا
وإلى أن نصل للمارسة السياسية النبيلة القمينة بإدماج الشعب المغربي كله نساء ورجالا وشباب في المنظومة السياسية
كل عام والمرأة المغربية يقظة ومناضلة ومثابرة من أجل الكرامة والغد الأفضل
ولا تفوتني الفرصة للتنويه بجودة التنظيم وأناقته داخل المدرسة الوطنية للإدارة وجودة تدخلات مدريتها المميزة السيدة البرنوصي التي أنارت الكثير من النقاط المتعلقة بالموضوع من وجهة نظر أكاديمية محنكة ,
على أمل أعادة الاعتبار للنقاش الفكري في كل الفضاءات كما كان الأمر خلال ما نسميه ب"الزمن الجميل "
عائشة التاج , باحثة في علم الاجتماع مهتمة بقضايا المرأة ,